قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية، إن هناك حالة قلق بين المسئولين العسكريين الأمريكيين من أن المخيمات المؤقتة التي تحتجز فيها العناصر الكردية في سوريا المئات من عناصر تنظيم داعش وأسرهم قد تكون أرضا خصبة للتطرف، مما يعيد الخطأ الأمني الأمريكي في حرب العراق.
وأضافت الصحيفة، في تقرير نشرته اليوم الخميس على موقعها الالكتروني، أن إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب تتبنى بشكل كبير سياسة رفع اليد عن مشكلة المعتقلين في تلك المخيمات الذين ينتمون إلى أكثر من 30 دولة واعتقلوا أو سلموا أنفسهم عقب تحرير الرقة التي كان يتخذها تنظيم داعش مقرا له.
وأشارت إلى أنه بخلاف وضع مسلحي التنظيم الذين اعتقلوا في العراق المجاورة، يخضع معتقلي داعش في الإقليم الكردي من سوريا إلى وضع رمادي من الناحية القانونية ويواجهون مصيرا مجهولا على المدى الطويل، فالسلطات الكردية تنفذ العدالة في محاكم مخصصة لكن الإقليم ما زال جزءا من سوريا، والحكم الكردي غير معترف به دوليا، كما أن بعض الدول مثل روسيا أشارت إلى أنها ستستعيد رعاياها من المنتمين لداعش لكن دولا أخرى كثيرة ترفض ذلك.
وأضافت أن القوات الأمريكية التي حاربت إلى جانب الميليشات الكردية المعروفة بـ”قوات سوريا الديمقراطية” في شمال شرق سوريا ضد تنظيم داعش تفحص وتستجوب ما يقرب من 200 إلى 300 من المعتقلين في ثلاثة مخيمات بالقرب من الرقة لمعرفة المزيد عن شبكات الأجنبية من المسلحين والتهديدات التي يمثلونها لبلدانهم.
ولفتت إلى أن المسئولين الأمريكيين يرون أوجه تشابه في هذا الوضع مع ما حدث في حرب العراق التي شهدت آنذاك اعتقال مسلحين من بينهم الزعيم الحالي لتنظيم داعش أبو بكر البغدادي في مخيم “بوكا” بالقرب من الحدود العراقية، حيث أصبح المعتقلون فيه أكثر تطرفا.
وقال العقيد رايان ديلون المتحدث باسم التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة للحرب ضد “داعش”، في تصريح للصحيفة، إن هذا ما يحدث عندما يُحتجز مقاتلون إرهابيون على مستوى عالٍ من التدريب في معتقل لوقت طويل، مؤكدا “لا نريد أن نرى ذلك، ونعمل على معالجته”.
وأشارت الصحيفة إلى أن خطط الإدارة الأمريكية لحل هذه المسألة تبدو خططا مؤقتة وغير نهائية، فإدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب شكلت مجموعة عمل يشارك فيها مسئولون من عدة جهات منها وزارات الخارجية والدفاع والعدل الأمريكية لمساعدة الأكراد في التعامل مع المشكلة، إلا أن الصحيفة ترى أن المسئولين الأمريكيين يرغبون في رفع أيديهم عن المشكلة المتفاقمة، بالرغم مما تشكله من مخاطر أمنية وإنسانية محتملة.
واستدلت الصحيفة في ذلك برسالة بريد إلكتروني من التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة في العراق جاء فيها “إن الأجانب الذين حملوا السلاح في العراق وسوريا ثم اعتقلوا في ميدان القتال لا ضرورة في تسلميهم للتحالف، ولا حاجة لإخطار التحالف بهم”.
ونقلت الصحيفة عن صحفي كردي قوله إنه قام بزيارة ثلاثة مخيمات يتم فيها احتجاز عرب وآسيويين وأوروبيين، كما شاهد حوالي 100 مرأة وطفل احتجزوا بغرض إعاداتهم إلى بلادهم، وتقول السلطات الكردية أن أوضاع المخيمات تستوفي المعايير الدولية.
وأشارت الصحيفة إلى أن هناك مخاوف أكبر بشأن عناصر داعش الذين ما زالوا طلقاء، فبحسب مسئولين أمريكيين، تدفق حوالي 40 ألف مقاتل من 120 دولة إلى سوريا والعراق خلال السنوات الأربع الماضية، قُتل منهم الآلاف في المعارك فيما يحتمل أن يكون آلاف آخرين قد فروا إلى أماكن نزاعات في ليبيا واليمن والفلبين، أو قاموا بالاختباء في دول مثل تركيا، فيما تطارد الطائرات الحربية الامريكية والقوات البرية الكردية حوالي ألف من مقاتلي داعش المختبئين على طول وادي الفرات بالقرب من الحدود السورية العراقية.
وأوردت الصحيفة ما جاء على لسان مساعد وزير الخارجية الأمريكي لشئون الشرق الأوسط ديفيد ساتر فيلد في جلسة استماع للكونجرس، حيث حذر من أن عناصر داعش النشطة ما زالت تمثل تهديدا، وقال إن قيادة التنظيم وكوادرها تجنبوا القتال وما زالوا حاضرين ومتماسكين.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)