وسيلة جديدة لجأ إليها تنظيم داعش الارهابى بعد هزائمه فى سوريا والعراق لتنفيذ عمليات انتقامية استهدفت قلب القارة الأوروبية والولايات المتحدة .
فبعد هزائمه على الأرض فى سوريا والعراق، لم يجد تنظيم داعش الإرهابى من وسيلة لتنفيذ عمليات انتقامية وحشية، سوى استخدام «الذئاب المنفردة»، التى استهدفت فى معظمها قلب أوروبا.
وتعتبر استراتيجية التنظيم الجديدة، التى تعتمد على تنشيط «الذئاب المنفردة»، ابتكارا لفكرة اللامركزية، إذ يعتبر كل إرهابى فى منطقة ما هو قوة على الأرض للتنظيم، يقاتل ويدهس من أجل دولة الخلافة المزعومة، التى أعلن عنها زعيمه أبوبكر البغدادي.
وعمل التنظيم بالفعل على تجهيز الآلاف من الذئاب المنفردة، التى تدعم أفكاره المتطرفة، لعقاب كل الدول الأوروبية، التى شاركت فى إنهاء دولته المزعومة فى سوريا والعراق.
وبصفة عامة ، يعتمد إرهاب التنظيم العابر للحدود على شخص أو مجموعة صغيرة معتنقة لفكره، فكل مسلم عندهم، يجب أن يشكل جيشا من أجل الخلافة.
والذئاب المنفردة هى شخص أو مجموعة صغيرة من الأشخاص يقومون بهجمات إرهابية على منشآت حكومية أو خاصة ويقومون بهذه العمليات بشكل فردى دون أن يكونوا قد سافروا وتدربوا مع التنظيم المتطرف، ولكن هم مؤمنون بأفكار التنظيم ويتواصلون معه ويحصلون على التكليفات من خلال التطبيقات الخاصة كالتيليجرام وغيرها، وظهرت هذه العمليات فى أوروبا وآسيا والولايات المتحدة خلال الثلاث سنوات الأخيرة بشكل واضح.
ويعتبر تنظيم داعش الإرهابى من أنجح التنظيمات المتطرفة فى استقطاب الذئاب المنفردة، وأكثرها نشاطًا من خلال مواقع التواصل الاجتماعى ووسائل الإعلام الحديثة والتكنولوجيا المتقدمة، التى تحتوى على تقنيات دعائية متطورة استخدمها من أجل تجنيد عناصر جديدة له تقوم بعمليات إرهابية فى قلب عواصم العالم.
فالتنظيم الإرهابى اعتبر المشاركين، الذين يقومون بتجنيد عناصر جديدة له للقيام بعمليات فى قلب أوروبا وأمريكا، من المجاهدين، الذين لهم أجر، مثل الذين يشاركون فى القتال بسوريا والعراق.
وتشير الإحصائيات الأوروبية إلى أن داعش يجند شهريا أكثر من ٣٤٠٠ عنصر، عبر حملات إلكترونية غاية فى التنسيق، من خلال عناصر قادرة على القيام بأى أنشطة على الشبكة العنكبوتية، دون أن تتمكن دول غربية من تتبع تحركاتهم.
واستطاع التنظيم الاستفادة من تجربة تنظيم القاعدة فى مجال الإنترنت من أجل التواصل مع أعضائه، لتنفيذ عمليات إرهابية، كما استحدث تقنيات حديثة فى التواصل، كانت أكثر تنسيقا، ما تسبب فى إثارة قلق جميع الدول الأوروبية.
وحول داعش الشبكة العنكبوتية إلى حلبة صراع جديدة استطاع فيها التفوق على الكثير من أنظمة التجسس الغربية، فخلال الحرب فى العراق وسوريا، انضم عدد كبير من عناصر القاعدة المتخصصين فى الإنترنت إلى «داعش»، ما عاد بالنفع على التنظيم، الذى استفاد من هذا الأمر، فى تطوير ترسانته الرقمية.
وساعد التنظيم أيضا فى تجنيد المزيد من العناصر، سهولة استخدام مواقع التواصل الاجتماعى «فيس بوك وتويتر والتيليجرام» ووجود وسيلة تكنولوجية رخيصة الثمن ويسهل التحكم فيها، سواء كان المستخدم متواجدا فى أى مكان فى العالم، فتغريدة على تويتر لا تكلف صاحبها أى شيء.
وطور مشرفو شبكات التواصل فى داعش أيضاً هاشتاجات فى تويتر بكل اللغات للوصول إلى أكبر عدد من المغردين، ولم يتوقف نشاطهم عند هذا الحد، إذ لم يتوانوا أحيانا فى قرصنة هاشتاجات متداولة خاصة بكأس العالم لكرة القدم، ومحاولة رسم «صورة ناعمة» لمقاتليه عبر عرض فيديوهات تظهر بعض عناصره، وهم يلهون مع أطفال فى مدينة الرقة السورية أو يتناولون البيتزا فى أحد مطاعمها.
ومن أجل تشجيع الشباب فى أوروبا على الانضمام إلى ساحات القتال، قدم عناصر من داعش الإجابة على أسئلة غير متوقعة تخص نوع الأحذية، التى يجب عليهم إحضارها، وطبيعة الوجبات الغذائية، التى سيحصلون عليها.
كما استخدم التنظيم الإرهابى خطابا عاطفيا يدعو إلى إقامة دولة إسلامية، لاستقطاب عناصر جدد، وتحفيزهم لتنفيذ عمليات إرهابية فى جميع الدول، التى شاركت فى الحرب ضده، ما شكل تحديا بالنسبة للدول الغربية.
وكانت مشاهد العنف المروعة حاضرة أيضا فى التسجيلات المصورة، التى عرضها داعش، ووثقت عمليات إعدام جماعية لجنود عراقيين وسوريين، إلى جانب تصوير اللحظات الأخيرة التى عاشها رهائن غربيون قبل ذبحهم، ورغم حجب تلك الفيديوهات على شبكات التواصل الاجتماعي، تمكن عناصر التنظيم من جعل مواقع إخبارية تتحول إلى حلقات سجال دينية بين من يشجب تلك الجرائم التى يراها متناقضة مع تعاليم الإسلام، وبين من يتوعد كل من قاتل داعش بدفع الثمن.