نشرت صحيفة “الجارديان” البريطانية تقريرا أعده ألان يوهاس، تحت عنوان “الولايات المتحدة تحاول مواجهة الغضب الدولي بسبب القدس، بتأكيد أن (السماء لم تقع على الأرض)”.
ويشير التقرير ، إلى أن الرئيس الأمريكي دونالد ترمب وإدارته يواجهان موقفا سيئا بعد الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، فبعد يومين من إدانة أقرب حلفائه قراره، وبعد يوم من الغارات الإسرائيلية على غزة، وساعات من اقتحام متظاهرين في لبنان مناطق قريبة من السفارة الأمريكية، خرجت سفيرة ترامب لدى الأمم المتحدة نيكي هيلي، قائلة “السماء لا تزال هناك ولم تقع على الأرض”.
ويلفت يوهاس إلى أن هيلي كررت الكلام ذاته في عدد من المقابلات التي أجرتها مع شبكات التلفزة الأمريكية يوم الأحد، فقالته ثلاث مرات بعد أربعة أيام على إعلان قرار الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل، الذي تسبب في إثارة العنف والمظاهرات في عدة دول حول العالم، وأثار حلفاء أمريكا، وأدى لانتقادات من المجتمع الدولي، وأنهى الدور الأمريكي بصفته عرابا للعملية السلمية، بما في ذلك إلغاء اجتماعات كانت مقررة سلفا لنائب الرئيس الأمريكي مايك بنس في مصر ورام الله.
وتقول الصحيفة إن مظاهر عنف اندلعت في المنطقة، وأدت إلى مقتل أربعة أشخاص، اثنين منهم في غارة جوية، فيما قتل اثنان في مواجهات مع جيش الاحتلال الإسرائيلي عند حواجز الضفة الغربية.
ويفيد التقرير بأن 14 دولة باستثناء الولايات المتحدة قررت في يوم الجمعة معارضة قرار ترامب، ولم يجد الأخير عزاء في الجامعة العربية، التي شجبت قراره؛ لأنه يزيد التوتر، ويشعل العنف، ويعد منافيا للقانون الدولي، ويهدد بإدخال المنطقة في مرحلة من الفوضى.
ويذكر الكاتب أن حلفاء واشنطن حذروا من مخاطر هذا الإعلان، حيث قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إن قرار ترامب حول القدس هو خط أحمر للمسلمين، وقد يقود إلى قطع العلاقات مع إسرائيل، وبعد يوم من قرار ترامب وصف الرئيس التركي إسرائيل بالدولة الإرهابية؛ بسبب سياساتها في المناطق المحتلة، ورد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو عليه قائلا “لا أخذ دروسا في السياسة من رجل يقصف الأكراد في بلده، ويحبس الصحافيين، وساعد إيران على الالتفاف حول العقوبات الدولية، ويدعم الإرهابيين كما يفعل في غزة”.
وتنوه الصحيفة إلى أنه من المتوقع أن يزور نائب الرئيس الأمريكي مايك بينس، المنطقة نهاية الشهر الحالي، إلا أن زعيم الكنيسة القبطية في مصر، ورئيس السلطة الوطنية الفلسطينية محمود عباس، قررا عدم لقائه، مشيرة إلى أن المتحدثة باسم نائب الرئيس أليسا فرح، وصفت قرار السلطة الوطنية بأنه مؤسف وتضييع فرصة مناقشة مستقبل المنطقة، وقالت إن “الإدارة لا تزال تكرس جهودها من أجل تحقيق السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين”.
ويورد التقرير نقلا عن هيلي، قولها لوسائل الإعلام إن المصالح المشتركة بين بلادها وبين الدول العربية حاليا أكبر من أي وقت مضى، وقالت في تصريحات لشبكة “سي أن أن” إن ما يهم هذه الدول الآن وأولويتها الأولى هي مواجهة إيران، خاصة السعودية، وقالت إنها ليست قلقة حول القرار، وإن كان متحيزا لإسرائيل، وسيشجع المتطرفين في المنطقة.
ويقول يوهاس إن “إدارة ترمب تقاربت مع الملك سلمان منذ اعتلاء الأخير عرش بلاده، وأصبح ابنه وليا للعهد، وواصل ترامب سياسة سلفه باراك أوباما في دعم الحملة السعودية في اليمن، ووقع معها صفقات أسلحة بقيمة 110 مليارات دولار، ودعم ترامب لعبة الأمير الشاب للسلطة في داخل البلاد وخارجها، وأقام زوج ابنته جارد كوشنر علاقات قوية مع الأمير، وزاره في نهاية أكتوبر في زيارة غير معلنة، وكلف ترامب كوشنر بملف التسوية بين الإسرائيليين والفلسطينيين، وتقاربت السعودية وإسرائيل في التعاون المبدئي، خاصة المجال الأمني، وردا على التوسع الإيراني في المنطقة”.
وتنقل الصحيفة عن هيلي تأكيدها أن قرار الرئيس هو اعتراف بالحقائق على الأرض، قائلة “لديك البرلمان والرئيس ورئيس الوزراء والمحكمة العليا (في القدس) فلماذا لا تكون سفارتنا هناك؟”، وأكدت دون تقديم تفاصيل أن القرار سيعزز من فرص السلام، وقالت في مقابلة مع “سي بي أس” “نعيش في حقيقة تفيد بأن القدس هي عاصمة إسرائيل”، واستخدمت المبرر ذاته الذي استخدمه باراك أوباما بإعادة العلاقات مع كوبا، حيث قالت إن التغيير أكثر إنتاجية من الوضع القائم، وأضافت “كانت السنوات الـ22 عاما ورثة المساومة، ولم تؤد بنا إلى السلام.. ماذا لو حرك هذا القرار الكرة للإمام”.
وقالت هيلي إن سياسة ترمب غامضة بشكل مقصود، “فنحن لا نتحدث عن الحدود أو الخطوط لسبب ما.. وأيا كانت القدس الشرقية أو أي جزء منها فإن ذلك للفلسطينيين والإسرائيليين ليقرروا”.
وتختم “الجارديان” تقريرها بالإشارة إلى تأكيد هيلي أن قرار الرئيس سيدخل التاريخ؛ “باعتباره الخطوة التي دفعت الطرفين للجلوس على الطاولة، وعلى المتشككين المجيء بعد 10 أعوام والسؤال عن السلام وسآتي وأذكرك بما قلته”.
المصدر : وكالات