في 20 يناير الماضى تم تنصيب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة الأمريكية، فبات الرئيس الـ45 لأمريكا، وألقى بعد حلف اليمين خطابا، أكد فيه أن سياسة إدارته ستقوم على مبدأ “أمريكا أولا”، وقبل أيام من اكتمال عامه الأول في سدة الحكم، يبدو أن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يمضي قدما نحو تحويل الشعار الذي رفعه منذ ترشحه إلى واقع ملموس، ففي قرار انسحابي جديد ليس الأول ولن يكون الأخير أعلنت واشنطن انسحابها من اتفاق دولي حول الهجرة والمعروف بـ”إعلان نيويورك للاجئين والمهاجرين”، ليضيف لسلسلة الانسحابات التي أعلنتها أمريكا من الاتفاقات والبرتوكولات الدولية صفحة جديدة تقرب واشنطن من سياسة العزلة.
وكان المرشح الجمهوري ترامب قد تعهد أثناء حملته الانتخابية، بالانسحاب من عدد من الاتفاقات التي أبرمت في عهد سلفه الديمقراطي باراك أوباما باعتبارها أضرت بمصالح الولايات المتحدة على حد زعمه، وتعهد بالخروج من أي اتفاقية لا تضع أمريكا أولا .
وانفضت الدعاية الانتخابية، وحان وقت التنفيذ والوفاء بالوعود، فبحجة تناقضه مع مبادئ الهجرة في إدارة ترامب، بررت واشنطن انسحابها مؤخرا من إعلان نيويورك الذي تبنته بالإجماع 193 دولة في الجمعية العامة للأمم المتحدة في سبتمبر 2016، وهو إعلان سياسي غير ملزم للاجئين والمهاجرين، يهدف إلى تحسين إدارة اللاجئين الدولية في المستقبل، ويتعهد بالحفاظ على حقوقهم ومساعدتهم على إعادة التوطين وضمان حصولهم على التعليم والوظائف.
وقبل الانسحاب الأخير، ألغى الرئيس الأمريكي دونالد ترامب جزءا من الاتفاق مع كوبا الذي أبرمته إدارة أوباما بسبب أنه يعتبر اتفاقا يخدم كوبا من جانب واحد تماما، وهو ما ينذر بتأزم العلاقات بين البلدين مرة أخرى بعد الانفراجة التي شهدتها في عهد الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما وحيث تطبيع العلاقات الدبلوماسية مع هافانا في عام 2014، بعد تجميد علاقاتها مع كوبا منذ عقد الستينيات.
كما أعلنت الولايات المتحدة الأمريكية في أكتوبر الماضي انسحابها من منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو)، بزعم أنها “معادية لإسرائيل”، وذلك في سيناريو يضاهي في عام 2011، عندما ألغت مساهمتها المالية الضخمة التي كانت تخصصها لليونسكو، احتجاجا على قرار منح فلسطين عضوية كاملة بمنظمة اليونسكو، الأمر الذي أجبر المنظمة على تقليص برامجها ووقف عمليات التوظيف.
وانسحبت الولايات المتحدة الأمريكية في يونيو الماضي من اتفاقية باريس العالمية لمكافحة التغير المناخي، وعلل ترامب انسحابه بأنه من أجل حماية أمريكا وشعبها، مؤكدا أنها اتفاقية ظالمة لأقصى حد بالنسبة للولايات المتحدة، حيث تضعف الولايات المتحدة، وتعطي مزايا اقتصادية لدول أخرى تعد الأكثر إصدارا للتلوث.
في يناير الماضي بعد تسلم الرئيس ترامب الحكم مباشرة انسحبت الولايات المتحدة الأمريكية من اتفاقية الشراكة عبر المحيط الهادئ “TPP”، التي تجمع 12 دولة، وتعتبر الاتفاقية أكبر اتفاق تجاري عالمي في الـ 20 عاما الماضية، حيث تضم كلا من أستراليا، وبروناي، وكندا، وتشيلي، واليابان، وماليزيا، والمكسيك، ونيوزيلندا، والبيرو، وسنغافورة، والولايات المتحدة، وفيتنام، ووصف ترامب قرار الانسحاب من اتفاق الشراكة عبر المحيط الهادئ بأنه “شيء عظيم للعامل الأمريكي”.
ويستهدف ترامب من إعادة التفاوض بشأن اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية “NAFTA”، التي أبرمت بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا في عام 1994، كى تحصل على شروط أفضل، حيث تهدف الاتفاقية إلى إزالة العوائق الجمركية بين الدول الثلاث وتعزيز الروابط الاقتصادية بينها، وتبادل الاستثمارات، وإنشاء سوق إقليمي موحد، وكان ترامب قد أعلن أنه سوف يلغي اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية (نافتا)، واصفا إياها بالكارثة على الاقتصاد الأمريكي، وبأنها أسوأ اتفاقية تجارة أبرمت في تاريخ الولايات المتحدة.
وأخيرا يرفض ترامب الإقرار، أن إيران التزمت بالاتفاق النووي الذي وقع عام 2015، واصفا إياها بأنها “نظام متطرف”، ويتهم طهران بالإرهاب ويزعم أن الاتفاق يحمل تسهيلات كبيرة لإيران، إذ سمح لها بتجاوز كميات الماء الثقيل المحددة، بينما يرى مراقبون دوليون أن إيران ملتزمة ببنود الاتفاق الذي ينص على تجميد برنامجها النووي، وهو ما جعل الكثيرين قلقين بشأن انسحاب ترامب من الاتفاق النووي.
المصدر : وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)