أبو الغيط يدعو لإطلاق عملية تفاوضية جادة تُفضي لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة
دعا الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط إلى إطلاق عملية تفاوضية جادة وفق آلية واضحة وإطار زمني مُحدد يُفضي لإنهاء الاحتلال الإسرائيلي وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس الشرقية.
جاء ذلك في كلمته، اليوم الأربعاء، أمام احتفالية الجامعة العربية بمناسبة “اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني” وذلك بمشاركة سفراء ومندوبي الدول العربية وسفراء الدول الأجنبية المُعتمدين لدى مصر وممثلي المنظمات العربية والدولية ولفيف من الشخصيات العامة الفلسطينية والعربية.
وحذر أبو الغيط من أن انسداد أفق التسوية السلمية يُنذِرُ بعواقب وخيمة ليس على المنطقة فحسب، بل على العالم بأسره، وهو ما يتطلب اطلاق عملية تفاوضية جادة.
وأعرب أبو الغيط عن أمله في أن تنجح الإدارة الأمريكية في دعم هذا المسار، وأن تتواصل مساعيها، جنباً إلى جنب مع كافة الشركاء الدوليين، لتحقيق ذلك الهدف الذي طال انتظاره بإنهاء الصراع المُمتد منذ عقود.
وقال أبو الغيط “إن الأمل مازال يحدونا بإمكانية أن تلعب اللجنة الرباعية دوراً بناءً، وأن تواصل الاضطلاع بدورها ومسؤولياتها سعياً لتحقيق السلام المنشود”، مؤكدا أن جامعةُ الدول العربية على استعدادٍ كامل للتعاون معها لتعزيز فرص تحقيق هذا السلام، معتبرا أن توسيع اللجنة الرباعية بإشراك الجامعة العربية من شأنه أن يُسهِم في تعزيز من هذا المسار.
وأشار أبو الغيط إلى أن شهر أكتوبر الماضي شهد حدثاً هاماً ويبعث على الأمل، وهو انجاز المُصالحة الفلسطينية برعاية مصر، مؤكدا أن إنهاء حالة الانقسام وتحقيق المصالحة، التي طال انتظارُها، يقطع الطريق على تهرّب الحكومة الاسرائيلية من استحقاقات عملية السلام ويفضح التبريرات الواهية التي تطرحها بغياب شريك فلسطيني للسلام.
وقال أبو الغيط إن “المأمول هو أن تستمر مسيرة المصالحة ويجري الانتهاء سريعاً من كافة المسائل العالقة لأنها تُعد عنصر قوة رئيسياً في الموقف الفلسطيني”.
وأشار أبو الغيط إلى أنه بعد 50 عاماً من الاحتلال، تواصل إسرائيل تبني سياسة مُمنهجة لتدمير حل الدولتين وافشال فرص تحقيق السلام، ومن ذلك الإمعان في النشاط الاستيطاني وابتلاع المزيد من الأراضي الفلسطينية رغم الإدانات الدولية المتواصلة والمُتكررة؛ فيما يمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي، ولقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة، وآخرها قرار مجلس الأمن رقم 2334 الصادر في 23 ديسمبر 2016 الذي أكد أن كافة المستوطنات الاسرائيلية تُعد غير شرعية وغير معترفٍ بها من وجهة نظر القانون الدولي.
ولفت إلى أن الانتهاكات الاسرائيلية مستمرة في كافة الأراضي الفلسطينية المُحتلة بما فيها القدس الشرقية، والاعتداء على المقدسات الإسلامية والمسيحية وخاصةً في المسجد الأقصى المُبارك، فضلاً عن استمرار اسرائيل في حصارها الجائر غير القانوني وغير الشرعي المفروض على قطاع غزة لأكثر من 10 سنوات، إضافة إلى استمرار سياسة الاعدامات الميدانية وفرض الحواجز العسكرية واستمرار الانتهاكات بحق الأسرى والمعتقلين الفلسطينيين في سجون الاحتلال الاسرائيلي.
وقال أبو الغيط إن لإسرائيل تاريخاً طويلاً من الاستهانة بالأمم المُتحدة ورفض الالتزام بقراراتها، بل وتطاولها على أجهزتها، مشيرا إلى أنه رغم ذلك، تسعى اسرائيل – ولديها هذا السجل المخزي – للحصول على عضوية غير دائمة في مجلس الأمن المنوط به حفظ الأمن والسلم الدوليين لعاميّ 2019-2020.
ونبه أبو الغيط إلى أن نجاح إسرائيل في “تطبيع وضعيتها” على الصعيد الدولي يمثل مكافأة صريحةً للاحتلال، وتشجيعاً للدولة العبرية على المضي قُدماً في سياساتها لتدمير حل الدولتين.
وأكد أنه يتعين أن تقف دول العالم التي تنشد السلام صفاً واحداً من أجل الحيلولة دون هذا الترشيح، مشددا على رفض جامعة الدول العربية الكامل لهذا الترشّح الاسرائيلي وترى ضرورة التصدّي له، وتدعو كافة دول العالم إلى افشال هذا المسعى الاسرائيلي.
ووجه أبو الغيط ، في اليوم العالمي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، تحية إعزاز وإجلال وإكبار لهذا الشعب المُناضل والبطل على صموده الأسطوري في ظل كل ما يتعرّض له من ظلم ومُعاناة، وما يتحمّله من عذابات وما يُقدمه من تضحيات.
وأكد أنه آن الأوان أن تنتصر قوة القانون على قانون القوة، وأن ينال الشعب الفلسطيني حريته واستقلاله ويستعيد حقه في أرضه ووطنه.
وشدد على أن الاحتفال يأتي تأكيداً من دول العالم وشعوبه المحبة للسلام والمؤمنة بقضايا العدل والحرية وتضامناً مع الشعب الفلسطيني وكفاحه المشروع وقضيته العادلة ودعماً لكافة حقوقه المشروعة غير القابلة للتصرّف، للإعراب عن رفضها لكافة أشكال الظلم الواقع على الشعب الفلسطيني جراء الاحتلال الاسرائيلي، وذلك تفعيلاً لقرار الجمعية العامة للأمم المُتحدة لعام 1977 باعتبار التاسع والعشرين من شهر نوفمبر من كل عام “يوماً دولياً للتضامن مع الشعب الفلسطيني” من أجل استعادة حقوقه المشروعة، وفي مقدمتها حقه في تقرير المصير وإقامة دولته الفلسطينية المُستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
ولفت إلى أن شهر نوفمبر يُمثل أهمية خاصة لدى الشعب الفلسطيني، حيث يُذكِّر بحجم الظلم الذي وقع عليه والمآسي والمُعاناة التي ظلت تُحاصره لعقودٍ طويلة، مشيرا إلى أنه في الثاني من شهر نوفمبر عام 1917 صدر وعد “بلفور” المشؤوم بإقامة وطن قومي لليهود على أرض فلسطين التاريخية.
وتابع أبو الغيط “وفي التاسع والعشرين من نوفمبر عام 1947 أصدرت الجمعية العامة للأمم المُتحدة قرارها رقم 181 بتقسيم فلسطين إلى دولتين؛ دولة عربية وأخرى يهودية، وقد قامت دولة اسرائيل، بينما لم تُقم بعد الدولة العربية الفلسطينية التي لا يمكن تحقيق العدالة والسلام بدون قيامها وفق رؤية حل الدولتين الذي يحظى بالإجماع العربي والدولي”.
وأشار إلى أنه في نفس هذا اليوم مع عام 2012 قامت الجمعية العامة للأمم المتحدة بترقية مركز فلسطين إلى دولة لها صفة المُراقب في الأمم المُتحدة، بتصويت 138 دولة لصالح القرار الذي جاء كخطوة هامة وضرورية تمهِّدُ السبيل للحصول على العضوية الكاملة.
ونوه أبو الغيط بتواصل مظاهر تعزيز مركز فلسطين على الصعيد الدولي وتصاعد الاعتراف على المستوى العالمي بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم المستقلة، وهو ما تُرجم مؤخراً بحصولُ دولة فلسطين على العضوية في منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الانتربول) بتصويت 75 دولة لصالح القرار، الأمر الذي يعكس ثقة المجتمع الدولي وانتصاره للحق الفلسطيني.
وأكد أبو الغيط، في هذا السياق، أن الجامعة العربية سوف تستمر في دعم وتأييد كافة التحركات الدبلوماسية والقانونية الفلسطينية والحراك العربي المنسق المشترك على الساحة الدولية من أجل ترسيخ الوضعية القانونية لفلسطين وتوسيع دائرة الاعتراف بها، وخاصةً فيما يتعلق بمسعى الحصول على العضوية الكاملة في الأمم المُتحدة.
المصدر : أ ش أ