ترتبط مصر وقبرص بعلاقات صداقة تاريخية، حيث كانت مصر من أوائل الدول التي اعترفت “بجمهورية قبرص” فور استقلالها، وتم تبادل العلاقات الدبلوماسية معها منذ عام 1960، الأمر الذي جعل العلاقات بين البلدين تتسم بالتميز وأسهم في تعزيزها القرب الجغرافي والتمازج الحضاري والثقافي بين البلدين.
كما تتسم العلاقات السياسية والاقتصادية والثقافية بين مصر وقبرص بالعمق وهو ما نتج عنه دوماً علاقات قوية، فمصر وقبرص قامتا بالتوقيع على اتفاقيات ثنائية هامة وبصدد التوقيع على اتفاقيات جديدة.
وتتويجاً لهذه العلاقات، جاء “إعلان القاهرة” في نوفمبر 2014، كنواة لإقامة تحالف بين قبرص واليونان ومصر، حيث يجمع الأطراف الثلاثة قاسم مشترك في التوجهات يمكن على أساسه تدشين ركائز حقيقية قابلة للظهور في صورة سياسات عملية، برزت مؤشراتها الأولى في “إعلان القاهرة” الذي ركز على محاور أربعة، تتمثل في الأمن والتنمية والاستقرار والمكانة.
وأكد “إعلان القاهرة”، أن الدول الثلاث الموقعة عليه عازمة على توطيد التعاون فيما بينها لمواجهة التحديات الكبيرة التي تواجه الاستقرار والأمن والرفاهية في منطقة شرق المتوسط، وتتمثل أهم هذه التحديات في عدم التوصل لتسوية الصراع العربي – الإسرائيلي، وانتشار المعتقدات القائمة على الإقصاء والتطرف والطائفية، والإرهاب والعنف المدفوع بمذاهب أيديولوجية.
وأشار الإعلان إلى أن هذه التحديات لا تهدد فقط السلام الدولي والإقليمي، وتعيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية فحسب، وإنما أيضا تهدد مفهوم الدولة ذاته وتنشر الفوضى والدمار.
تميزت العلاقات السياسية بين مصر وقبرص، بتنسيق المواقف بينهما حيال القضايا المختلفة، والتعاون في المحافل الدولية والإقليمية، وخاصة في الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي، وتبادل البلدان التأييد في الترشيحات لعضويه اللجان الدولية المختلفة.
وفي نطاق مواز لذلك وقعا البلدان بروتوكولا للتشاور السياسي بين وزارتي الخارجية عام 2002، عقدت بموجبه ثلاث جولات من المشاورات آخرها في القاهرة في يونيو 2011 .
شهدت مصر وقبرص تبادلا للزيارات لدعم وتوطيد العلاقات بين البلدين، ففي 23 من سبتمبر 2014 استقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي بنيويورك نيكوس أنستاسيادس رئيس جمهورية قبرص، على هامش أعمال الدورة التاسعة والستين للجمعية العامة للأمم المتحدة، وأشاد الرئيس القبرصي بالموقف المصري إزاء المشكلة القبرصية في منظمة التعاون الإسلامي، مؤكدًا عمق العلاقات المصرية – القبرصية، سواء على الصعيد الثنائي، أو من خلال المواقف القبرصية المؤيدة لمصر في إطار الاتحاد الأوروبي، وأصدر الرئيسان بيانًا مشتركًا عقب اللقاء تضمن، تأكيد قبرص على دعمها لخارطة المستقبل التي أقرها الشعب المصري، وتوافق رؤى الجانبين على أهمية تعاون القوى المعتدلة للتعامل مع التحديات الإقليمية، والقضاء على الإرهاب.
وفي نوفمبر 2014 تم الاتفاق بين مصر وقبرص واليونان على تكثيف الاتصال والتنسيق فى كافة المحافل الإقليمية والدولية لحماية المصالح المشتركة وتعزيز الاستفادة من العضوية المشتركة مع تلك الدول في كافة التجمعات. وتكثيف الجهود لمكافحة الجماعات الإرهابية والقوى الداعمة لها وسبل تعزيز هذه الجهود، فضلا عن الوضع في ليبيا وكيفية تدعيم المؤسسات المنتخبة.
وانعقدت في ديسمبر 2015 أعمال القمة الثلاثية بأثينا بمشاركة الرئيس عبد الفتاح السيسي ورئيس قبرص نيكوس أنستاسيادس ورئيس وزراء اليونان أليكسيس تسيبراس.
وجاء انعقاد القمة في إطار حرص الدول الثلاث على دورية انعقادها من أجل الارتقاء بمستوى العلاقات الإستراتيجية والتاريخية التي تجمع بينها، والبناء على ما تحقق من نتائج إيجابية خلال القمة الثلاثية الأولي التي عقدت بالقاهرة في نوفمبر عام 2014 ، والقمة الثانية التي استضافتها قبرص في أبريل عام 2015.
وفي أكتوبر 2016 أكدت الحكومة اليونانية علي أهمية خاصة للقمة الثلاثية التي عقدت بالقاهرة بين مصر واليونان وقبرص ،وهي الرابعة من نوعها بين زعماء الدول الثلاث في إطار آلية التعاون الثلاثي، مما يدل على استمراريتها ومدى الإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها على المستوى الإقليمي.
وفيما يتعلق بملف استرداد الأموال المهربة إلى الخارج، فقد طلبت السلطات المصرية من قبرص المساعدة في استرداد الأصول المهربة من جانب الرئيس السابق حسني مبارك وكبار مسئوليه وأفراد عائلته، من اجل الكشف عنها وتجميدها ثم استردادها.
ومن جانبها، أعلنت السلطات القبرصية عن استعدادها لمساعده مصر في استرداد تلك الأموال، وتقديم كافة أوجه التعاون للكشف عن الأموال غير المشروعة التي أودعها رموز النظام السابق في بنوك قبرص.
وفي سبيل تحقيق هذا الهدف، فقد طلبت السلطات القبرصية من مصر الاجتماع مع لجنه استرداد الأموال في شهر يونيو 2012، للتفاهم حول طلبات استعاده الأموال، وكشفت لجنه استرداد الأموال عن حجم الاموال والارصده التي يمتلكها النظام السابق في قبرص .
وفي سبتمبر 2012 أعلنت وزيرة الخارجية القبرصية “إيراتو كوزاكو مار، أثناء زيارتها للقاهرة، أن قبرص جمدت أرصدة ورؤوس أموال منسوبة لعدد من رموز النظام السابق، ممن وردت أسماؤهم ضمن “قائمة الـ19″، التي أعلنها الاتحاد الأوروبي، لكن لم يتم الإفصاح عن أسماء هؤلاء الأشخاص، أو المبالغ المالية التي تم تجميدها.
و يصل عدد الجالية المصرية في قبرص حوالي 4000 مواطن مصري. يعمل عدد كبيرا منهم في مجال البناء والمعمار، والزراعة، وفي الموانئ القبرصية.
المصدر: وكالات