قالت صحيفة الحياة اللدنية إن قضية مواجهة الإرهاب تفرض نفسها على «منتدى شباب العالم» الذي ينطلق في مدينة شرم الشيخ برعاية رئاسية اليوم، ويستمر حتى 10 تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري. فمع تصاعد العمليات الإرهابية التي تستهدف الدولة المصرية، ترتفع المطالبات بضرورة اجتثاث جذور التطرف، ليس عبر المواجهات الأمنية فقط، لكن من خلال قوى مصر الناعمة واستخدام الثقافة والفن سلاحاً في مواجهة تلك التنظيمات المتطرفة. وستعقد ضمن أعمال المؤتمر جلسة حول دور السينما في مواجهة التطرف.
وطرح الشاعر والمؤلف مدحت العدل مبادرة ترتكز على تبني الدولة للأعمال الفنية خلال مشاركته في مؤتمر الشباب الأخير في الإسكندرية، إذ قال إن «السينما المصرية سادت العالم لغةَ وفكراً وثقافة»، مؤكداً قدرتها على التأثير في فكر الشباب إيجابياً، ومشدداً على كونها دعوة تنويرية ضد الظلاميين، ومطالباً الدولة بحل مشكلاتها. ولاقت تلك المقترحات استجابة فورية من الرئيس عبد الفتاح السيسي الذي أبدى اهتماماً خاصاً، وأكد دعمه لإنتاج أعمال سينمائية في مواجهة محاولات هدم وإضعاف الدولة. مطالباً العدل بوضع تصور كامل، وتشكيل لجنة لدراسة الأمر ومتابعته.
وكشف العدل لـ»الحياة» عن تشكيله لجنة مختصة ضمت 6 من العاملين في قطاعات سينمائية مختلفة، للتواصل مع الرئيس عبر رفع تقارير تضم نتائج وسير العمل، منوهاً بأنه وضع تصوراً لكل فروع صناعة السينما، طارحاً مشكلات لا يمكن للسينمائيين حلها من دون دعم الدولة، وبينها إنتاج أعمال تؤرخ لانتصارات الدولة المصرية، والتي لا يمكن صناعتها فردياً».
وأشار إلى أن استجابة الرئيس لمقترحاته أسعدت السينمائيين، لا سيما أن ذلك لم يحدث خلال عهد الرئيس السابق حسني مبارك، إذ غاب الفن وتجاهلته الدولة، ولم تدرك قيمته. في المقابل يدرك السيسي أهمية وقيمة الفن، ونلمس اهتمامه بذلك في ظل مرحلة حساسة تمر بها مصر، إذ لن تتسنى محاربة الإرهاب عبر الحلول الأمنية فقط، بل بالموازاة مع التعليم والفن والسينما والتي تأتي على رأس خطوط الدفاع الأولى ضمن منظومة متكاملة.
وحول شكل التعاون مع القوات المسلحة المصرية أوضح: «نستهدف الحصول على دعم لإنتاج أعمال تاريخية وحربية ومنها ما يتناول انتصار تشرين الأول (أكتوبر)، إذ ينبغي أن يكون فيلماً عالمياً، خصوصاً أن الأعمال التي تناولت تلك الحرب تمت في عجالة، ولم تكن بقيمة الدماء التي سالت للجنود المصريين». وأضاف: «سنقدم أيضاً تضحيات وبطولات أبنائنا من الضباط والجنود الذين يستشهدون يومياً في الحرب ضد الإرهاب، وبالموازاة سنصنع أعمالاً تنويرية وتثقيفية، إذ لا نستهدف توجهاً مباشراً لصناعة أفلام حربية، فالفن لا يوجه بل يتسلل للوجدان».
وأثنى عضو لجنة الإعلام والثقافة في مجلس النواب الروائي يوسف القعيد على توجه الدولة بالعودة إلى دعم السينما، قائلاً: «إنتاج الدراما التلفزيونية والسينما أمن قومي للدولة وحصن للمجتمع المصري، ومن دونهما لن تنجح أي خطة لمواجهة الإرهاب والتطرف مهما كانت أسلحة المواجهة». كما أشاد بقرار الشؤون المعنوية في القوات المسلحة بإنتاج ثلاثة أفلام أحدها عن «جبل الحلال» وآخر عن القائد العسكري إبراهيم الرفاعي، وثالث حول «معركة كبريت»، كاشفاً أنه سيبدأ العمل عليها قريباً، على يد متخصصين وسينمائيين.
ورحب عضو المجلس القومي لمكافحة الإرهاب خالد عكاشة بتلك الخطوة من جانب الرئيس، مشدداً على ضرورة إفساح المجال للثقافة والفنون وتقديم الدعم اللازم لهما، لافتاً إلى أن الأمن والقوات المسلحة يأتون في الصفوف الأولى وهم أصحاب المواجهة المباشرة، لكن ذلك لا يغفل حزمة المواجهات الأخرى عبر الرسائل الفنية التي يفترض حضورها بقوة، مشيراً إلى أن السينما والدراما أشهر الفنون انتشاراً وتأثيراً في نفوس وعقول المتابعين.
وأضاف عكاشة: «عالمياً، تشتبك تلك الصناعة مع القضايا المعقدة وبينها الحروب والصراعات ومواجهة التطرف والحرب ضد الإرهاب، ومحلياً ربما لم يكن ذلك بقدر طموحنا، وآن الأوان للتغيير، بخاصة أنها الرسالة الأكثر وصولاً وتأثيراً في تشكيل الرأي العام إيجابياً، لكنها أيضاً ذات كلفة مرتفعة وثمة عوائق إنتاجية تصادف صناعها لذلك كان ضرورياً تدخل الدولة».
وتنطلق اليوم فعاليات «منتدى شباب العالم» في منتجع شرم الشيخ، جنوب سيناء، في حضور الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، وعدد من رؤساء دول وحكومات وممثلي أكثر من 13 دولة.
ويشهد المنتدى، الذي يستمر 7 أيام، تنظيم نموذج محاكاة مجلس الأمن الدولي، يشارك فيه أكثر من 60 شاباً من مختلف الدول ليتمكن الشباب من معايشة تجربة حية لممثلي المجلس، والتعرف على مختلف وجهات النظر والحلول أثناء مناقشة موضوعات متنوعة تدور حول مجابهة الأخطار التي تهدد السلم والأمن الدوليين، والتحديات التي تواجه الدول نتيجة موجات الهجرة غير المنتظمة.
وسيشهد المنتدى 45 جلسة وورشة عمل موزّعة على مجموعة متنوعة من المحاور تناقش قضايا وموضوعات عالمية تهم مختلف الفئات الشبابية، أهمها مناقشة قضايا الإرهاب ودور الشباب في مواجهته، ومشكلة تغير المناخ والهجرة غير الشرعية واللاجئين، ومساهمة الشباب في بناء وحفظ السلام في مناطق الصراع، وكيفية توظيف طاقات الشباب من أجل التنمية.
وسيتطرق المنتدى إلى موضوعات خاصة بالفنون والآداب والهوية الثقافية، وكيفية تكامل الحضارات والثقافات والاستفادة من تنوعها واختلافها، وكيف تصلح الآداب والفنون ما تفسده الصراعات والحروب، إضافة إلى البعد الثقافي للعولمة وأثره في الهوية الثقافية للشباب.
وشهدت محافظة جنوب سيناء استنفاراً أمنياً مكثفاً استعداداً لاستقبال وفود المنتدى، ونشرت الأجهزة الأمنية عدداً من المكامن الثابتة والمتحركة، وأنشأت غرفة عمليات في مديرية أمن جنوب سيناء لربطها بالخدمات الأمنية بالشوارع لرصد أي إخلال بالأمن فضلاً عن تحريك سيارات شرطة مزودة بكاميرات مراقبة لرصد أي خروق.
وقامت إدارة المتفجرات بتمشيط محيط مركز المؤتمرات وقاعة الاحتفال في شكل كامل، إلى جانب التنسيق مع قوات الجيش لإحكام السيطرة على الطرق الجبلية الرابطة بين شمال وجنوب سيناء.