في افتتاحيتها القت صحيفة الخليج الإمارتية الضوء على أزمة اكليم كردستان بعد استفتاؤ وتحت عنوان ” البرزاني يكتب نهايته بيده ” دفع رئيس إقليم كردستان (السابق) مسعود البرزاني ثمن الخطيئة التي ارتكبها. فهو لم يستطع أن يطوب نفسه زعيماً قومياً، ولا تمكن من أن يحقق لشعبه حلمه في الاستقلال، فخرج من السلطة وفقد الزعامة.
خطأ الحسابات يقود في معظم الأحيان إلى الهزيمة، وأحيانا إلى الكارثة، وقد أخطأ البرزاني الحسابات عندما أصر على إجراء استفتاء الانفصال عن العراق في خروج على الدستور، وأخطأ أيضا عندما رفض الاستماع إلى النصائح التي أسديت إليه من الأصدقاء وغير الأصدقاء بتأجيل الاستفتاء ومحاورة الحكومة المركزية حول القضايا الخلافية، فركب رأسه وأصر على ما عزم عليه معتقداً أنه سوف يضع الجميع أمام الأمر الواقع الذي سيفرضه.
ربما كان تلقى وعوداً بأن جهة ما، أو جهات معينة سوف تقف إلى جانبه إذا ما قرر الانفصال، لكن عندما حان وقت دفع الحساب وجد نفسه وحيداً في ميدان تملؤه العواصف ولا يستطيع خوض غماره.
خطأ الحساب كان ثمنه فادحاً على وجوده كزعيم سياسي كان يحلم بأن يكون زعيماً كردياً تاريخياً يحقق حلماً تاريخياً للشعب الكردي، وكان ثمنه أنه أحبط تطلعات شعبه بعد أن زين له درب الاستقلال وكأنه بات في متناول اليد وما عليه إلا أن يذهب إلى صناديق الاقتراع ويقول نعم للانفصال.
وخطأ الحساب أنه لم يقرأ جيداً الواقع السياسي العراقي الداخلي ولا الواقع الإقليمي والدولي. لقد فشل في امتحان بعد النظر كسياسي مخضرم. هو لم يقدر رد فعل الحكومة العراقية المركزية في مثل هكذا خروج انقلابي على الدولة والدستور ونتائجه الكارثية على الوحدة الوطنية ومخاطره على وحدة البلاد في ظروف بالغة الدقة والخطورة حيث تخوض القوات العراقية آخر فصول معاركها ضد إرهاب «داعش»، كما لم يدرك كيف سيكون عليه رد فعل كل من تركيا وإيران على الخطوة التي أقدم عليها ومدى تأثيرها على أمنهما القومي، فأقدما فوراً على تنسيق خطواتهما في محاصرة الإقليم الكردي براً وجواً، كما بادرت القوات العراقية إلى التحرك لاسترداد المناطق التي كانت في قبضة قوات «البشمركة» بعد العام 2003، وتحديداً حقول النفط في كركوك، إضافة إلى المعابر والمطارات.
أمام هذا الواقع لم يكن أمام البرزاني إلا أن يخاطب البرلمان الكردي بالتخلي عن السلطة والدعوة إلى توزيع صلاحياته على رئاسة البرلمان ورئاسة الوزراء والسلطة القضائية.
المصدر: وكالات