أكد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، أن ما يربط السعودية بالعراق «ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة، وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد».
وقال إن المنطقة تواجه اليوم «تحديات خطيرة تتمثل في التطرف والإرهاب ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار» مشدداً على مواجهتها. ودعا الملك سلمان، في افتتاح أعمال مجلس التنسيق السعودي – العراقي، في حضور رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي، ووزير الخارجية الأميركي ريكس تيلرسون في الرياض أمس، إلى معالجة الخلافات داخل البيت العراقي، من خلال الحوار، وفي إطار الدستور، كما بارك الجهود الأمنية العراقية في الحرب على الإرهاب .
وقال الملك سلمان: «دولة رئيس مجلس وزراء جمهورية العراق الشقيق الأخ الدكتور حيدر العبادي، معالي وزير الخارجية الأميركي السيد ريكس تيلرسون، الإخوة أعضاء المجلس، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته:
يسرنا أن نرحب بكم جميعاً في المملكة العربية السعودية، شاكرين دولة الأخ الدكتور حيدر العبادي على تلبية دعوتنا وحضور الاجتماع الأول لمجلس التنسيق السعودي – العراقي. كما نشكر معالي وزير الخارجية الأميركي على حضوره الاجتماع، والذي يعكس الاهتمام الذي يوليه فخامة الرئيس ترامب والإدارة الأميركية للمصالح المشتركة بين الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية وجمهورية العراق الشقيق.
أيها الإخوة الكرام:
إننا نواجه في منطقتنا تحديات خطيرة، تتمثل في التطرف والإرهاب، ومحاولات زعزعة الأمن والاستقرار في بلداننا، ما يستدعي منا التنسيق التام لمواجهة هذه التحديات. وإننا، إذ نبارك لأشقائنا في العراق ما تحقق من إنجازات في القضاء على الإرهاب ودحره، والذي شارك فيه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، وتشارك فيه المملكة ودول شقيقة وصديقة، لنؤكد دعمنا وتأييدنا وحدة العراق الشقيق واستقراره، آملين بمعالجة الخلافات داخل البيت العراقي من خلال الحوار، وفي إطار الدستور العراقي. إن حضورنا اليوم يعكس اهتمامنا جميعاً بهذا المجلس، وما نعلقه عليه من آمال في تطوير العلاقات وتعزيزها بين شعبينا وبلدينا الشقيقين في المجالات كافة. إن الإمكانات الكبيرة المتاحة لبلدينا تضعنا أمام فرصة تاريخية لبناء شراكة فاعلة لتحقيق تطلعاتنا المشتركة.
أيها الإخوة الكرام: إن ما يربطنا بالعراق الشقيق ليس مجرد الجوار والمصالح المشتركة، وإنما أواصر الأخوة والدم والتاريخ والمصير الواحد. ونتطلع جميعاً إلى أن تساهم اجتماعات المجلس في المضي بذلك إلى آفاق أرحب وأوسع، وستكون أعماله محل متابعة شخصية منا ومن دولة رئيس مجلس الوزراء. ونسأل الله العلي القدير أن يوفقنا جميعاً لما فيه خير بلدينا وأمتينا العربية والإسلامية والعالم أجمع. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته».
ونوّه رئيس الوزراء العراقي في كلمته بالتطور الذي تشهده العلاقات بين البلدين الشقيقين، مشيراً إلى أن الاجتماع الأول لمجلس التنسيق جاء ثمرة الجهود والنوايا الطيبة المشتركة، التي تعبّر عن توجهات وسياسات قيادتَي البلدين، مقدّماً شكره لخادم الحرمين الشريفين ولوليّ العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان.
واستعرض العبادي عدداً من مواضيع التعاون والمصالح المشتركة بين المملكة والعراق، وربطها بشبكة علاقات في مختلف المجالات، للمساهمة في تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية، وتوسيع التعاون الأمني والاقتصادي والتجاري والثقافي، وأكد أهمية تركيز التعاون في محاربة الإرهاب، والعمل لإيضاح أنه «لا يمثل ديننا الإسلامي، وهو عدو للإنسانية جمعاء، وأن الدول العربية والإسلامية هي الأكثر تضرراً منه ودماراً».
وشدّد على أن المنطقة «لا تحتمل مزيداً من التقسيم ولا استمرار النزاعات، وضرورة إنهاء النزاعات المسلحة ووقف سياسات التدخل في شؤون الآخرين من أجل مصلحةٍ خاصة لهذه الدولة أو تلك، والبدء بمرحلة جديدة من التعاون الشامل والتكامل الاقتصادي المشترك».
وأضاف: «نحن نؤمن بأن أمننا واستقرارنا واقتصادنا ومصالحنا يجب أن تتم صياغتها بعمل مشترك بين دول المنطقة، نريد أن يعيش الجميع باستقرار ورفاهية، وإننا مستعدون لتوحيد جهودنا مع جهود إخواننا، لبدء عهد جديد من السلام والاستقرار والتنمية، وإقامة شبكة مصالح تخدم شعوبنا وتعمّق علاقاتنا وتفتح أبواب المستقبل للشباب بدلاً من أن تخطفه عصابات الإرهاب والجريمة».
وقال العبادي: «نحن جادون في التعاون وصادقون في مدّ يدنا، وسنعمل على إنجاح أية خطوة من شأنها ترسيخ الأمن والاستقرار والازدهار والتنمية، ونحن متفائلون بالمجلس، وبما سيحققه لشعبينا الشقيقين، وأجدّد شكري وتقديري لخادم الحرمين الشريفين على حسن الضيافة التي غمرنا بها».
ونوّه الوزير تيلرسون بالعلاقات الأميركية – السعودية والعلاقات الأميركية – العراقية، مؤكداً ضرورة نموّ هذه العلاقات. وأشاد بالإنجازات التي حققتها الحكومة العراقية في محاربة تنظيم «داعش» الإرهابي، مشيراً إلى أن العراق في حاجة ماسة إلى إعادة البناء وتعزيز الاستقرار، ورحّب بتأسيس مجلس التنسيق، الذي سيساهم في الإصلاحات وفي تنمية القطاع الخاص، التي بدورها ستشجع على الاستثمار وفي جهود إعادة الإعمار والبناء في العراق.
ووقّع محضر تأسيس المجلس، من الجانب السعودي وزير التجارة والاستثمار ماجد القصبي، ومن الجانب العراقي وزير التخطيط ووزير التجارة سلمان الجميلي. ويهدف المجلس إلى رفع مستوى العلاقات الإستراتيجية والاستثمارية والثقافية بين البلدين.
ويأمل العراق بأن يساهم المجلس الجديد في رفع مستويات التبادل التجاري بين البلدين، وتدفّق الاستثمارات السعودية في المدن العراقية.
المصدر: الحياة اللندنية