اعتبرت صحيفة “الفاينانشيال تايمز” البريطانية أنه من الأفضل لكينيا أن تؤجل إجراء عملية التصويت المزمعة الخميس المقبل في انتخابات رئاسية جديدة وذلك من أجل الحصول على نتائج موثوقة.
وكانت المحكمة العليا في كينيا ألغت نتائج الانتخابات الرئاسية التي جرت في 8 أغسطس الماضي وفاز فيها الرئيس أوهورو كينياتا، وذلك بعد الكشف عن بعض التجاوزات.
وذكرت الفاينانشيال تايمز، إن الكينيين يحتاجون إلى التريّث؛ فالبلد المتصدر اقتصادات شرق أفريقيا يندفع صوب مواجهة صعبة ستترك أثرًا طويل الأمد بحسب كافة التوقعات.
ونبهت الصحيفة إلى أنه لا توجد حتى الآن ضمانات أكيدة بشأن نزاهة العملية الانتخابية في كينيا حال إجرائها الخميس المقبل؛ قائلة إن القضاة الذين ألغوا نتائج انتخابات أغسطس بدعوى وقوع مخالفات – هؤلاء القضاة لم يضعوا تفاصيل للتغييرات المطلوبة والضرورية لإجراء انتخابات جديدة وذات مصداقية؛ وإنما اكتفوا بالتحذير من أنه إذا ما ظلت العملية الانتخابية معيبة على النحو الذي كانت عليه في أغسطس فإنهم لن يترددوا في إلغاء نتيجتها هي الأخرى أسوة بسابقتها.
وأكدت الصحيفة البريطانية أن مفوضية الانتخابات في كينيا، ليست مستعدة لإجراء انتخابات موثوقة؛ وشهد الأسبوع الماضي استقالة وهروب روزلين أكومبي، إحدى أعضاء هذه المفوضية، إلى الولايات المتحدة بعد تلقيها تهديدات بالقتل. وقالت أكومبي: “هذه الانتخابات على النحو المخطط له لا يمكن أن تلبي التوقعات الأساسية لانتخابات موثوقة”.
وشهد الأسبوع الماضي أيضا إعلان الرئيس التنفيذي للمفوضية ذاتها أنه أخذ أجازة مدتها ثلاثة أسابيع.. فيما أعرب رئيس المفوضية عن شكوكه بشأن نزاهة العملية الانتخابية.
وعلقت الفاينانشيال تايمز: “إذا كانت الهيئة المعنية بالانتخابات ذاتها لا تثق في النتيجة، فإن الكينيين بكل تأكيد لا يمكنهم أن يثقوا في تلك النتيجة”.معتبرة أن الإشارة إلى العمليتين الانتخابيتين السابقتين في كينيا ضرورية في هذا السياق؛ ففي انتخابات 2007 و2013 كانت هناك أسباب وجيهة لمرشح المعارضة أودينجا أن يطعن في العملية الانتخابية، وتركت انتخابات2007 -على وجه الخصوص- كينيا على شفير حرب أهلية.
وانتقدت “الفاينانشيال تايمز” إظهار أمريكا وبريطانيا حرصهما على سرعة إجراء العملية الانتخابية أكثر من حرصهما على أن تجري العملية بشكل نزيه.. محذرة من أن الانتخابات إذا أجريت في موعدها المحدد الخميس المقبل بدون أودينجا، فإن أنصاره سيجدون كافة الدوافع للشعور بعدم العدالة.
وأعلن أودينجا – في وقت سابق من الشهر الجاري – عن انسحابه من الترشح للانتخابات الرئاسية المقرر إعادتها، قائلا إن “انسحابه يأتي لإعطاء اللجنة العليا للانتخابات فرصة لإجراء الإصلاحات اللازمة للحصول على انتخابات أكثر مصداقية”.
وذكرت الصحيفة أنه بدلا من قبول تلك المخاطرة، فإن على الحلفاء الغربيين لكينيا أن يدفعوا صوب إجراء انتخابات نزيهة وأن يتعهدوا بتقديم مساعدة؛ كما أن على المنظمات الدولية كالأمم المتحدة أن تنظر في الاضطلاع بدور في هذا الصدد.
وقالت الـفاينانشيال تايمز إنه أيًا كان ما سيحدث في هذا الصدد، فإن الأمر يتطلب إدخال تغييرات في أعضاء مفوضية الانتخابات الكينية والتي يمكن على كافة المعايير الطعن في نزاهتها عبر تبنيّها موقفا سياسيا منحازا، أو تعرضها للتخويف، وغير ذلك من أشكال التحايل؛ ثانيا، يتطلب الأمر تشكيل جهاز قوي ومستقل لمراقبة العملية الانتخابية وفرز نتائجها بحيث يتسنى لكافة الأطراف أن تقبل النتيجة النهائية؛ وأخيرا، ثمة حاجة إلى وقفة لتهدئة الأعصاب؛ ذلك أن الهيئة المعنية بالانتخابات في كينيا ينبغي أن تعترف أنها ليست حتى الآن في وضع يؤهلها لإجراء انتخابات جديدة.
واختتمت الصحيفة تعليقها داعية كلا المتنافسين (كينياتا و أودينجا) إلى التشاور فيما بينهما وتغليب مصلحة الوطن على مصالحهما الشخصية؛ ذلك أن كينيا تستطيع احتمال فترة إضافية قصيرة من حالة عدم اليقين أكثر من استطاعتها احتمال تبعات انتخابات أخرى معيبة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)