رئيس البرلمان الكويتي مرزوق الغانم أعاد للقضية الفلسطينية حضورها في المحافل الدولية من خلال تصديه للوفد البرلماني «الإسرائيلي» في الجلسة الختامية لمؤتمر الاتحاد البرلماني الدولي الذي عقد في مدينة سانت بطرسبورغ الروسية، ومن ثم طرده مع أعضاء وفده من قاعة المؤتمر.
كان هذا الموقف المشرف الذي يعبر عن التزام قومي أصيل بأعدل قضية في وقت تتعرض فيه للتآمر بهدف تصفيتها، دليلاً على أن الأمة العربية ما زالت تمتلك الإرادة والعزيمة، ولم تفقد مناعتها رغم حالة الوهن والضعف والعجز التي تعاني منها.
عندما صرخ الغانم بوجه رئيس الوفد «الإسرائيلي» قائلاً «إن دولتكم تمارس إرهاب الدولة..اخرج من القاعة إذا كان لديك ذرة كرامة يا قاتل الأطفال» إنما كان يعبر عن موقف أمة بكاملها في رفضها لهذا الوجود السرطاني الإرهابي العنصري، وهو ما تجلى بأنصع الصور في ردود الفعل العربية الرسمية والشعبية وعبر مختلف وسائل الإعلام المسموعة والمقروءة ووسائل التواصل الاجتماعي. كما أن الرسالة التي بعث بها أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح إلى مرزوق الغانم مهنئاً بموقفه المشرف الحازم في تصديه لرئيس الوفد «الإسرائيلي» الذي «يجسد جلياً موقف الكويت الداعم للأشقاء الفلسطينيين لاستعادة حقوقهم المشروعة، ونصرة قضيتهم العادلة»، إنما تمثل تأكيداً على تصويب البوصلة باتجاه عدو واحد لا يزال يشكل تهديداً لكل الأمة العربية، وللسلام والأمن في المنطقة والعالم.
رد رئيس البرلمان الكويتي على رسالة الأمير جاء أيضاً تعبيراً عن صدق الموقف والالتزام القومي، إذ أشار إلى أنها تمثل «بياناً سياسياً كويتياً قاطعاً أكثر من كونها رسالة من رأس الدولة إلى رئيس السلطة التشريعية»، أضاف «بقدر القوة والبأس اللذين منحتني إياهما رسالة الأمير بقدر ما أشعر بالعجز لوصف تأثير ومفعول تلك الرسالة علي وعلى الملايين المؤمنين بحق الإنسان في الحياة الكريمة».
كنا نحتاج إلى مثل هذا الموقف الآن، كي تستعيد الأمة بعض أنفاسها وتشعر أنها ما زالت بخير، وسط هذه الأنواء التي تعصف بها والمخاطر التي تضرب كافة حواضرها، والإرهاب الذي يقتل فيها الحياة ويشوه دينها وتراثها وتاريخها، ويثير الفتنة بين أهلها.
كنا نحتاج إلى هذا الموقف الآن، لاستعادة الروح التي تكاد تتلاشى، وتثبيت حقائق وجودية يجري تزييفها، والعمل على تأكيد أن الحق الفلسطيني لا يقبل المساومة أو التنازل، أو مبادلته بسلام زائف وتطبيع مجاني. فالأرض الفلسطينية هي وقف إسلامي ومسيحي لا يجوز التفريط فيها مهما بلغ العدو من ظلم وعدوان وبغي وقوة.
الغانم صوّب البوصلة وأعادها حيث يجب أن تكون، وأكد أيضا أن الأمة العربية لا تزال قادرة على التصدي والصمود وتحقيق انتصارات سياسية ودبلوماسية في مختلف المحافل.. في الأمم المتحدة واليونيسكو والإنتربول والمؤتمر البرلماني الدولي وغيرها، وذلك لا بد أنه سيعزز الصمود الميداني إذا توفرت الإرادة والقرار المستقل .