عدد من المدنيين تمكنوا الجمعة من دخول مدينة الرقة بعد ثلاثة أيام على دحر تنظيم داعش منها وسيطرة قوات سوريا الديموقراطية، فصائل كردية وعربية مدعومة من واشنطن، عليها بالكامل.
وأعلنت قوات سوريا الديموقراطية الجمعة في احتفال في الملعب البلدي في وسط المدينة رسمياً “تحرير” المدينة التي وصفتها بـ”عروس الفرات”. لكنها أكدت عدم قدرة المدنيين على العودة إليها إلى حين الإنتهاء من عمليات التمشيط وإزالة الألغام المنتشرة فيها من كل حدب وصوب.
وحصلت مجموعة صغيرة من المدنيين من أقارب مقاتلين في قوات سوريا الديموقراطية أو مسؤولين محليين نازحين من المدينة الجمعة على تصريح دخول إلى المدينة ليوم واحد فقط.
وشارك هؤلاء بالاحتفال في الملعب البلدي وتمكن بعضهم من رؤية ما تبقى من منازلهم.
بعد الانتهاء من الاحتفال، جالت آسيا وأطفالها الأربعة في سيارة استأجرها زوجها المقاتل في قوات سوريا الديموقراطية في حي الرميلي في شرق المدينة للبحث عن منزلهم.
كانت آسيا تنتظر اللحظة التي ستتمكن فيها من العودة إلى الرقة التي فرّت منها إلى مدينة الطبقة التي تبعد 70 كيلومترا إلى الغرب من الرقة وسيطرت عليها قوات سوريا الديموقراطية في وقت سابق من العام الحالي.
إلا أنها وبعدما رأت الدمار الذي حل بمدينتها، تقول “صُدمت بما رأيت ويا ليتني لم أعد. كنا نقول سنترك منزلنا في الطبقة ونعود الى الرقة، ولكن كيف؟. الآن لا أريد أن أعود. كل الذكريات الحلوة أصبحت مأساوية”.
ولم يتمكن المدنيون من دخول منازلهم او الاقتراب من أنقاضها حتى خوفاً من الألغام التي تركها الجهاديون.
ويعم الدمار مدينة الرقة بالكامل ما يجعل من الصعب التعرف على معالمها، لكن من الممكن تحديد بعض الأماكن من خلال لافتة تشير إلى عيادة طبيب أطفال أو بقايا قماش وآلات حياكة في متجر.
وقدّرت الأمم المتحدة في سبتمبر الماضي أن 80 في المئة من مساحة الرقة باتت غير قابلة للسكن. وتعاني المدينة حالياً من غياب كامل للبنية التحتية الأساسية.
في الأحياء الواقعة على أطراف المدينة والتي تمت استعادتها في بداية الهجوم ضد الجهاديين الذي بدأ منذ أشهر طويلة، منازل مدمرة وأخرى انهار سقفها او خلعت أبوابها. إلا أن المشهد بدا صادماً في وسط المدينة، وكأن حارات تحولت بأكملها الى أنقاض، فلم يعد من الممكن التفريق بين منزل ومتجر. كل شيء بات مجرد جبال من الركام، حجارة وأنابيب وأسلاك.
وفوجئ أعضاء من مجلس الرقة المدني الذي من المفترض أن يتسلم إدارة المدينة وملف إعادة إعمارها، بهول ما رأوه من دمار جراء المعارك الضارية التي دامت أكثر من أربعة أشهر.
وتقول المحامية والعضو في المجلس فاضلة الخليل (34 عاما) “فرحنا أكيد (بالعودة) ولكن هناك دمار وآلام وحزن”.
وتضيف “لم تبق أبنية، ولا بنية تحتية ولا ملامح حياة نهائياً”، مضيفة “دخلت (الرقة) وفعلاً لم أعرفها، كل شيء ممزوج بالدمار. لم أعرف الشوارع والمباني”.
ولم تتمكن الخليل من البقاء سوى ساعات قليلة في مدينتها الرقة التي تجولت فيها أيضاً على هامش مشاركتها في احتفال قوات سوريا الديموقراطية.
وتقول الخليل “لا اعرف أي أخبار عن أخوتي وصديقاتي من المدينة (…) كنت أتمنى أن نعود سوياً ونلتقي في الرقة”.
وتتوقع الأمم المتحدة ومنظمات غير حكومية أن يتطلب تنظيف الرقة وإعادة إعمارها جهوداً ضخمة، وشهوراً عدة قبل أن تعود الحياة إليها.
المصدر : وكالة الأنباء الفرنسية