نطلق الاثنين انتخابات منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) على منصب المدير العام للمنظمة وسط منافسة شديدة بين مرشحي ثلاث دول هي مصر وفرنسا والصين من أصل سبعة مرشحين فقط بعد انسحاب كل من جواتيمالا والعراق.
وتكمن فرص السفيرة مشيرة خطاب في كونها تمثل كلا من العرب وأفريقيا ومنطقة المتوسط وتحظى بدعم رسمي من الاتحاد الأفريقي في الوقت الذي تعد المجموعة الأفريقية (17 دولة) أكبر المجموعات الجغرافية أو الانتخابية الست في المجلس التنفيذي (58 دولة) من حيث عدد المقاعد وبالتالي عدد الأصوات.
وقد لاقت مداخلتها أمام المجلس التنفيذي لليونسكو تقديرا واستحسانا من رؤساء الوفود والمراقبين نظرا لما تضمنته من رؤية لمستقبل عمل اليونسكو وما أظهرته من إلمام بكافة ملفات المنظمة التي تواجه تحديات كبيرة.
كما أن مصر دولة لها باع طويل في مجال الثقافة وهي من أقدم الحضارات التي أثرت في الإنسانية سواء من ناحية العلوم أو الفنون أو الثقافة، وهو ما يؤهلها بقوة للفوز بهذا المنصب.
وإذا ما نظرنا إلى قائمة مدراء اليونسكو السابقين، سنجد أنهم يتوزعون على جميع المجموعات الجغرافية باستثناء العالم العربي وأن المجموعة الأولى (غربية) نالت هذا المنصب ست مرات.
وفي المقابل، فإن الصين تعد من أكبر المساهمين في منظمة اليونسكو بعد أن جمدت الولايات المتحدة في 2011 دعمها المالي لليونسكو والتي كانت تشكل أكثر من 20 % من موازنتها على خلفية تصويت المنظمة لصالح قبول “دولة فلسطين” كدولة كاملة العضوية .. ويتوقع أن تحاول الصين التأثير على بعض بلدان القارة الأفريقية نظرا لاستثماراتها الهائلة هناك.
أما بالنسبة لفرنسا، فعلى غرار الصين ترتبط بعلاقات وثيقة مع دول القارة السمراء لا سيما الفرنكوفونية بالإضافة إلى بلدان المغربي العربي، وواجهت فرنسا انتقادات بسبب الدفع بمرشحة لهذا المنصب مخالفة بذلك العرف المتبع بألا تتقدم دولة المقر بمرشح لها لقيادة وكالة أممية موجودة على أراضيها، كما أن هذا العرف لا يتيح لأي بلد أن يتولى مواطنوها منصب رئاسة منظمة دولية أكثر من مرة.
إلا أن باريس أبرزت خبرة مرشحتها الدبلوماسية والإدارية وسعيها لتعزيز عمل اليونسكو وإمكاناتها حيث رأت أنها باعتبارها دولة مؤسسة للمنظمة، عليها لعب دور في إعلاء القيم التي تدافع عنها المنظمة الدولية، ومشددة على جهدها لدعم المشروعات الإنمائية وقرارها بزيادة مساهمتها في هذا الميدان إلى %0.55 من إجمالي ناتجها الداخلي بحلول عام 2022.
وبالرغم من احتدام المنافسة بين ثلاث دول بحسب المراقبين إلا أن باقي المرشحين لديهم أيضا فرصهم في ظل ما قد يحدث من انسحابات خلال جولات التصويت إذ أنه من 8 أعوام لم يكن أحد ليتوقع فوز البلغارية إيرينا بوكوفا بمنصب المدير العام لليونسكو.
وسيجرى التصويت بالترتيب الأبجدي للدول الأعضاء بالمجلس التنفيذي عن طريق الاقتراع السري على خمس جولات كحد أقصى خلال الفترة من 9 إلى 13 أكتوبر الجاري وذلك حال لم يحصد أي مرشح أغلبية مطلقة في الجولات الأربع الأولى وهو ما يشكل 30 صوتا على الأقل من أصوات الدول الأعضاء بالمجلس التنفيذي البالغ عددها 58 دولة.
ويفتح نظام التصويت السري الطريق أمام الترتيبات غير المعلنة والمواءمات وهو ما قد يدفع بعض الدول لتغيير مواقفها سرا حال تعرضها لضغوط أو لتحقيق مصالح دون أن تشعر بالحرج.
ومن المقرر أن يصادق المؤتمر العام لمنظمة اليونسكو، خلال دورته الـ 39 في 10 نوفمبر المقبل، بمشاركة كامل عضوية المنظمة البالغة 195 عضوا، على اختيار المجلس التنفيذي؛ حتى يباشر المدير العام الجديد للمنظمة مهام منصبه في 15 نوفمبر، خلفا لبوكوفا التي شغلت هذا المنصب لولايتين كل منهما مدتها أربع سنوات، وكانت أول سيدة تقود المنظمة.
وفيما يلي نبذة عن المرشحين:
مصر:
مشيرة خطاب، مواليد 1944، حاصلة على دكتوراة في القانون الدولي الإنساني، وشغلت منصب سفيرة ومساعدة لوزير الخارجية للعلاقات الثقافية الدولية، وعملت كخبير لدى لجنة الأمم المتحدة لحقوق الطفل، وأحدثت نقلة نوعية ثقافية ساعدت على النهوض بالقضايا المرتبطة بالتعليم والثقافة وبحقوق النساء والأطفال.
وفي ديسمبر 2013، تم اختيارها ضمن أعظم خمس ناشطات حقوق الإنسان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لنشاطها وإنجازاتها في مجال حقوق النساء، وتحظى جهودها التي تناصر حقوق الإنسان باعتراف دولي من خلال العديد من الجوائز والتي تتضمن أعلى الأوسمة التي يمكن منحها لشخصيات أجنبية، وذلك من رئيسي جمهورية جنوب أفريقيا وإيطاليا، كما تتميز السفيرة مشيرة خطاب بقدرتها على الإنجاز وبكفاءتها في قيادة الموارد البشرية كبيرة العدد وبناء توافق في الآراء حول القضايا الحرجة.
فرنسا:
أودري إزولاي، 45 عاما، وزيرة الثقافة في آخر حكومات الرئيس الفرنسي السابق فرنسوا أولاند، وشغلت منصب مديرة مالية في المركز الوطني للسينما قبل أن تصبح نائبة مدير المركز، وهي ابنة أندري إزولاي مستشار ملك المغرب، وتلقت دروسها في المدرسة الوطنية للإدارة التي تخرج نخبة الشخصيات الإدارية الفرنسية.
الصين:
كيان تانج 66 عاما، متخصص في شؤون التربية، أمضى قرابة ربع قرن في اليونسكو، وعمل في السفارة الصينية في كندا، واختار بنهاية 1989 العودة إلى بكين للالتحاق بوزارة التربية، ويحمل شهادة دكتوراة في علم الأحياء، وشهادة ماجستير في الفيزيولوجيا الرياضية من كندا.
لبنان:
فيرا الخوري لاكويه (58 عاما)، مستشارة لدى وزارة الثقافة في لبنان منذ 2016، ولديها خبرة أكثر من 20 عاما في منظمة اليونسكو وعدد من المنظمات الدولية، وتحمل شهادة من الجامعة الأمريكية في بيروت ومن جامعة نيويورك، وتتولى تدريس مادة القانون الدولي في جامعة باريس بانتيون-سوربون.
أذربيجان:
بولاد بلبل اوجلو، مواليد باكو 1945، وهو مغني ومؤلف موسيقى مشهور إبان الحقبة السوفيتية، شارك في عدد من الأفلام، وشغل منصب وزير الثقافة بين 1988 و2005، وهو سفير أذربيجان لدى روسيا منذ يناير 2006، وله خبرة قوية في إدارة الأزمات، ظهرت في تصديه لانهيار القطاع المالي بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في 1991.
فيتنام:
بام سان تشاو، مواليد 1961 نشأ في الشرق الأوسط، وشغل عددا من المناصب في وزارة الخارجية الفيتنامية منها مساعد لوزير الخارجية، وكان الممثل الخاص لرئيس الوزراء الفيتنامي لدى اليونسكو منذ 2016، وفي 1999 شغل أولى مناصبه في الأمم المتحدة حيث كان السفير والممثل الدائم لفيتنام في المنظمة الأممية.
قطر:
حمد بن عبدالعزيز الكواري، 69 عاما، شغل منصب سفير بلاده لدى سوريا، وفرنسا، والولايات المتحدة، ولدى منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة، وكان مندوب قطر لدى الأمم المتحدة، وشغل منصب وزير الثقافة والفنون والتراث في قطر، وهو منذ 2016 مستشار لدى الديوان الأميري.
يشار إلى أن اليونسكو، التي تأسست عام 1945، تركز بصفة خاصة على أولويتين عامتين هما أفريقيا والمساواة بين الجنسين، كما أنها تعمل على تحقيق عدد من الأهداف الشاملة هي تأمين التعليم الجيد للجميع والتعلم مدى الحياة، تسخير المعارف والسياسات العلمية لأغراض التنمية المستدامة، ومواجهة التحديات الاجتماعية والأخلاقية المستجدة وتعزيز التنوع الثقافي والحوار بين الثقافات وثقافة السلام، وأخيرا بناء مجتمعات معرفة استيعابية من خلال المعلومات والاتصال.