ذكرت صحيفة الخليج الإماراتية أن رئيس اقليم كردستان العراق مسعود البرزاني يعيش حلم راود الكثيرين من الأكراد بقيام دولة كردية تضم أكراد شمال العراق، وجنوب شرقي تركيا، وشمال غربي إيران، وشمال شرقي سوريا، لتصحيح مظلومية لحقت بهم بعد معاهدة سيفر للعام 1920التي أقرت بقيام «دولة كردية»، ثم تم التراجع عنها في معاهدة لوزان (1923).
حاول الأكراد أكثر من مرة إقامة «دولتهم»، لكن كل محاولاتهم فشلت، وبدا حلمهم مجرد وهم. ومن أبرز هذه المحاولات قيام جمهورية مهاباد في أقصى شمال غرب إيران العام 1946 بزعامة قاضي محمد التي لم تعمر أكثر من مئة يوم. كما حاولوا في العراق من خلال تمرد عسكري قاده البرزاني الأب، في الستينات ومطلع السبعينات، وانتهى باتفاق قيام حكم ذاتي للأكراد العام 1974، وقعه الرئيس العراقي السابق صدام حسين ومصطفى البرزاني. وفي العام 2005 تحولت المنطقة الكردية في ظل الاحتلال الأمريكي إلى «إقليم كردستان العراق»، وفقاً للدستور الفيدرالي الجديد، ويتمتع بحيز واسع من الاستقلال الإداري والدستوري والسياسي والاقتصادي والأمني.
إلا أن كل هذه «المكاسب» التي حققها الأكراد لم تحجب حلم قيام «دولتهم»، إذ كان مسعود البرزاني الذي تولى قيادة الإقليم يتحدث في كل مناسبة متاحة عن الدولة الكردية، بل كان يحاول في ممارساته تكريس واقع الانفصال عن الحكومة المركزية في بغداد، رغم وجود كردي على رأس الدولة (فؤاد معصوم).
ومع انشغال العراق بالمواجهة مع تنظيم «داعش» الإرهابي الذي كان يسيطر على نحو ثلثي الأرض العراقية، بدأ البرزاني يرفع من سقف مطالباته ، وصولاً إلى دعوته إجراء استفتاء يوم 25 الحالي تمهيداً للانفصال وإعلان الاستقلال.
يكرر البرزاني ما فعل والده في اللعب على التناقضات الداخلية، واستثمارها، وخصوصاً الانشغال في المعركة الصعبة مع تنظيم «داعش»، ثم حاجة الولايات المتحدة للأكراد في المواجهة مع الإرهاب، وهو يواصل الرهان على إحداث شرخ في الداخل العراقي لعله يحدث انقساماً بين المكونات العراقية لمصلحته.
لا تلقى دعوة البرزاني للاستفتاء أي تأييد إقليمي أو دولي. كل الدول تقريباً أعلنت رفضها للاستفتاء باستثناء «إسرائيل» المتحمسة كثيراً، بل هناك تحذيرات واضحة من الحكومة العراقية، ومن الدول الإقليمية المعنية من المضي في هذا الطريق الذي سيهدد وحدة العراق والأمن في المنطقة. كما أن هناك أحزاباً كردية تعارض الخطوة وبعضها يدعو للحذر.
ومع ذلك يصر البرزاني على موقفه.