بدأ الرئيس عبد الفتاح السيسي زيارة إلى رواندا اليوم الثلاثاء، هى الثانية له لتلك الدولة التى ترتبط بمصر بعلاقات تاريخية تزيد على الأربعين عاماً، حيث يربط الدولتان عدد من الاهتمامات المشتركة على الساحتين الإقليمية والدولية، بالإضافة إلى عضويتهما في عدد من المنظمات والتجمعات الإقليمية ومنها تجمع الكوميسا، ومبادرة النيباد، والاتحاد الأفريقي، ومبادرة حوض النيل، حيث إنتماء كلتا الدولتين لـ”حوض النيل” وارتباطهما بشريان حياة واحد.
ويرصد تقرير أعده قطاع الاعلام الخارجى بالهيئة العامة للاستعلامات أن مصر كانت من أوائل الدول التى اعترفت باستقلال رواندا عن الاحتلال البلجيكى عام 1962، وكانت كذلك من أوائل الدول التى افتتحت سفارة لها في العاصمة كيجالى عام 1976، ولرواندا تمثيل مقيم لدى مصر، خاصة بعد إعادة افتتاح سفارتها فى القاهرة عام 2015 بسبب إغلاقها بعد الحرب الأهلية التى عانت منها البلاد فى تسعينيات القرن الماضى، بينما كان التمثيل الدبلوماسي يتم مباشرته خلال الفترات السابقة من خلال السفارة الرواندية في أديس أبابا.
وكان الرئيس السيسى هو أول رئيس يستقبله الرئيس الرواندى “بول كاجامى” قبيل تنصيبه رسميًا بعد فوزه بفترة رئاسة ثالثة في انتخابات الرئاسة الرواندية التى جرت الشهر الماضى، كما كان الرئيس السيسي من أوائل المهنئين بفوزه.
وقد أعلنت قيادتا البلدين فى أكثر من مناسبة وخلال اللقاءات العديدة التى جمعتهما فى المحافل الإقليمية والدولية أو خلال الزيارات الرئاسية الرسمية المتبادلة، الاتفاق على ضرورة دعم وتعزيز العلاقات الثنائية بصورة قوية، خاصة فى ظل توجه الدبلوماسية المصرية نحو استعادة علاقاتها القوية مع أفريقيا.
وقد تم إنشاء اللجنة المصرية الرواندية المشتركة في سبتمبر عام 1989، تلاها عقد جولة ثانية من أعمال اللجنة بالقاهرة في الفترة من 7 – 10 سبتمبر 2009، برئاسة وزيري خارجية البلدين، حيث شهدت تلك الجولة التوقيع على 10 وثائق للتعاون في مجالات مختلفة شملت التعاون الاقتصادي والفني، الزراعة، الجمارك، الشباب، التنمية الصناعية، البترول والثروة المعدنية، التعليم، الصحة، التعاون العلمي والتكنولوجي، والتعاون الثقافي.
وهناك رغبة مشتركة من جانب البلدين نحو توسيع مجالات التعاون، وتطوير العلاقات التجارية، والاستفادة من خبرات مصر فى إطار إعادة بناء الدولة الرواندية، فيما تُقدر مصر الأهمية الجيوستراتيجية لرواندا من عدة محاور أولها أنها من دول حوض النيل فضلاً عن الموقع اللوجيستى لرواندا التى تُعد معبراً تجارياً ونقطة تواصل مع الدول المجاورة لها، كما أنها تُعد من أكثر الدول الناشئة نمواً حيث تحتل المرتبة السابعة على مستوى العالم بالنسبة للحكومات الأكثر كفاءة وقدرة على تقليل الفساد وتسهيل إجراءات الاستثمار حيث قامت فى هذا الصدد بتطبيق نظام الحكومة الإلكترونية قبل 10 سنوات، كما أنها من أكثر الدول الأفريقية إهتماماً بالتعليم حيث تبلغ نسبة المتعلمين أكثر من 70 % ، ويجرى العمل على محو الأمية بالنظام التطوعي.
وتعتبر رواندا من أنجح الدول الأفريقية جنوب الصحراء، حيث تحقق معدل نمو اقتصادي ثابتا يتراوح ما بين 6% – 9% سنوياً منذ عام 1995، ارتفع الى 7,5% في نهاية 2015، وفيما يخص السياحة تعد رواندا التى تُعرف ببلاد الألف جبل، ومعقل الغوريلا وحدائق السفارى الأخير واحدة من الموارد الاقتصادية الأسرع نمواً، يضاف لذلك أن شراكة رواندا مع مصر ضمن التكتلات الاقتصادية الكبرى يعطى لمصر الأفضلية لزيادة حجم منتجاتها وصادراتها للأسواق الرواندية، كما تمثل فى الوقت نفسه سوقا واعدة للاستثمارات وللمشروعات المشتركة.
**سجل حافل للزيارات المتبادلة:
يشير تقرير قطاع الاعلام الخارجى بالهيئة العامة للاستعلامات، إلى أنه بعد تولى الرئيس عبد الفتاح السيسى منصب الرئاسة، احتلت علاقات مصر الأفريقية أولوية أجندة السياسة الخارجية المصرية، وفيما يخص العلاقات المتبادلة بين البلدين فقد شهدت السنوات الثلاث السابقة تكثيفاً لزيارات مسئولى البلدين، ويُذكر فى هذا الصدد قيام الرئيس السيسى خلال تلك الفترة بزيارة 27 دولة كان من بينها 9 دول افريقية، فيما تعددت لقاءات الرئيس مع نظيره الرواندى لأكثر من لقاء ففى 16/7/2016 قام الرئيس عبد الفتاح السيسى بزيارة لرواندا التقى خلالها والرئيس الرواندى لدى حضوره أعمال القمة الإفريقية العادية الـ27 للاتحاد الافريقى، كما قام الرئيس الرواندي بول كاجامي بزيارة لمصر على رأس وفد رفيع المستوى في الفترة من 4 إلى 7 نوفمبر 2009، وهي الزيارة الرئاسية الأولى على المستوى الثنائي التي يقوم بها الرئيس الرواندي إلى مصر منذ 15 عاماً، كما شارك ضمن فعاليات مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي العالمىً.
كما شهدت الزيارات المتبادلة قيام العديد من الوزراء الروانديين بزيارة القاهرة كان من بينها زيارة وزيرة الخارجية الرواندية روزماري موسيمينالي، وجوزيف هابينيزا وزير الثقافة والرياضة، وستانيسلاس كامانزي وزير البيئة والأراضي، وكوليت روينيزا وزيرة الدولة لشئون الطاقة، وأجنس كاليباتا وزيرة الزراعة الرواندية، فضلاً عن مشاركة وفد رواندى رفيع المستوى فى مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادى الأفريقى، تلاها من مشاركة رئيس الوزراء الرواندى فى قمة تجمع التكتلات الاقتصادية الأفريقية الثلاث، كما شارك وزير التجارة والصناعة الرواندى فى المنتدى الاقتصادى لأفريقيا “أفريقيا 2016” بشرم الشيخ، فيما تزايدت معدلات زيارات المسئولين المصريين لرواندا، كان من بينها الزيارات المتعددة لوزير الخارجية سامح شكرى، وزيارة أمين عام الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا، ونائب مساعد وزير الخارجية لشئون دول حوض النيل على رأس وفد من وزارتي الخارجية والموارد المائية، ونائب مساعد وزير الخارجية السابق لشئون المنظمات والتجمعات الأفريقية.
**علاقات اقتصادية مبشرة:
طبقا لتقرير قطاع الاعلام الخارجى بالهيئة العامة للاستعلامات فإن العلاقات الاقتصادية المصرية الرواندية تتمتع بمزايا تجمع دول السوق المشتركة لشرق وجنوب أفريقيا الكوميسا، وتشهد المنتجات المصرية رواجاً متزايداً بالسوق الرواندية، ويُذكر فى هذا الصدد أن قيمة صادرات مصر لرواندا عام 2015 بلغت64 مليون دولار، بينما بلغت قيمة الصادرات الرواندية لمصر عام 2014 نحو 30 مليون دولار ويتم البحث نحو توسيع وزيادة حجم التبادل التجاري بينهما، خاصة فى ظل حرص القيادة المشتركة لتعزيز وتطوير العلاقات الثنائية بما يفيد ويخدم مصلحة البلدين، وتتركز أهم صادرات رواندا لمصر فى منتجات الشاي والقهوة والأناناس، والموز، ومنتجات البستنة حيث تُصدر مباشرة إلى مصر دون المرور عبر مومباسا، بينما تتنوع صادرات مصر لرواندا ما بين المنتجات البترولية والأغذية المحفوظة والأثاث ومواد الطلاء والبناء غيرها.
يُذكر أن حجم التبادل التجاري بين مصر والدول الأفريقية بلغ 4.8 مليار دولار في عام 2016، مقابل 4.5 مليار دولار فى عام 2015، حيث بلغت قيمة الصادرات فى عام 2016 حوالى 3.4 مليار دولار، بينما بلغت قيمة الواردات 1.4 مليار دولار.
**الاتفاقات والبروتوكولات ومذكرات التفاهم الموقعة بين البلدين:
يشير تقرير قطاع الاعلام الخارجى بالهيئة العامة للاستعلامات، إلى قيام البلدين بالتوقيع على أكثر من 20 اتفاقية ومذكرة تفاهم وبروتوكول في مختلف المجالات، حيث تم توقيع 10 اتفاقيات تعاون في سبتمبر2009 فى المجال الاقتصادي والفني والثقافى، والزراعي، والجمارك، والشباب، والتنمية الصناعية، والبترول والثروة المعدنية، ومجال التعليم، والمجال الصحي، بالإضافة إلى بروتوكول للتعاون العلمي والتكنولوجي، واتفاقين للنقل الجوي في مايو1977، واتفاق التعاون العلمي والثقافي في اكتوبر1977، واتفاق تجاري تم توقيعه في يوليو1979، ودخل حيز التنفيذ في يناير1990.
كما تم توقيع اتفاق التعاون الفني مع الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا في نوفمبر 1982، وتم تحديثه فى ابريل 2014، هذا بالإضافة لاتفاق إنشاء لجنة مشتركة مصرية رواندية فى سبتمبر 1989، مذكرة تفاهم للتعاون في أنشطة مبادرة دول حوض النيل فى نوفمبر1999، فضلاً عن مذكرة تفاهم للتشاور الدبلوماسي المنتظم بين وزارتي الخارجية في البلدين في ابريل2007، مذكرة تفاهم بين مشيخة الأزهر الشريف وجمعية مسلمي رواندا في يوليو 2008، ومذكرة فى مجال التعاون الإعلامي وتدريب الكوادر الصحفية والإعلامية الرواندية مجال الإعلام المرئى والمسموع فى 2016 .
كما أعلنت غرفة القاهرة التجارية فى 2016 توقيع بروتوكول تعاون مع غرفة رواندا التجارية، ومؤخراً شاركت مصر في المعرض التجاري الثالث للمنتجات المصرية بكيجالى Egypt – Middle East Expo -2015 . بمشاركة 60 عارضا مصريا حيث يُعد المعرض علامة هامة علي العلاقات الجيدة التي تربط البلدين من أجل تحقيق المنافع الاقتصادية المتبادلة، والاستفادة من المزايا الممنوحة لهما في إطار تجمع الكوميسا.
**إعادة افتتاح السفارة الرواندية فى القاهرة:
تم إعادة افتتاح السفارة الرواندية فى القاهرة بعد قرار إغلاقها بعد الحرب الأهلية التى عانت منها البلاد منذ عام 1994، بتعيين الشيخ صالح هابيمانا، سفيراً لجمهورية رواندا بالقاهرة عام 2015، الذى أكد أن بلاده تنظر لمصر باعتبارها دولة ارتكاز وذات ثقل سياسي اقليمى راسخ و يُعول عليها فى إعادة بناء الدولة الرواندية، ولعل فى تصريحات سفير رواندا بالقاهرة للصحافة المصرية نُشرت فى يوليو 2017 ، أن مصر تملك كل ما تحتاجه رواندا لبناء الوطن مجدداً، وان القيادة الرواندية تؤكد أن العلاقات المتبادلة لن تقتصر على اطار الدبلوماسية العادية والتقليدية بقدر الاهتمام أكثر بتنمية العلاقات المشتركة سياسيا واقتصادياً وتجارياً، فيما أكد هابيمانا على أن الشعب المصرى لابد وأن يفرح بأن لديهم الرئيس عبد الفتاح السيسى، الإنسان الأفريقى بمعنى الكلمة، الإنسان الذى يرجع لأفريقيا بعد مدة غياب، والذى لا نرى فيه فكرة الحرب، وسيكون لمصر ولـ«السيسى» دور كبير لتقديم الكثير لهذه الدول الأفريقية، خاصة التى لها مصالح مشتركة.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)