أربعة أشهر هى الفارق الزمنى بين انتشار البيض الملوث فى الأسواق الأوروبية ، وانفجار الفضيحة التى نجمت عن استخدام مبيدات حشرية محظورة يدخل فى صناعتها “مادة الفبرونيل” لتطهير البيض ومزارع الدواجن فى دول الاتحاد الأوروبى ، من قبل شركات متخصصة فى تطهير هذه المزارع فى هولندا وبلجيكا وألمانيا .
وتحظر السلطات الصحية فى أوروبا استخدام هذا المبيد للتخلص من الحشرات والميكروبات العالقة على قشر البيض ، لأنه يؤدى إلى تدمير الكلى و الكبد والغدة الدرقية لدى البشر إذا ما تعرضوا لكميات كافية لإحداث هذا التأثير الضار ، وتستخدم مادة الفبرونيل في القضاء على القمل والبق الذي يصيب الدجاج ، ولا ينصح باستعمالها مع الطيور والحيوانات المستخدمة في إنتاج المواد الغذائية لما تحتوية من سموم ، ويؤكد خبراء الاتحاد الأوروبى إنه لا خطر على المستهلك إذا تناول أقل من 0.009 ملليجرام من المبيد لكل كيلوجرام من وزن جسمه خلال وجبة طعام أو خلال يوم .
على مدى الفترة من شهر إبريل الماضى وحتى أغسطس الحالى ، انتشر البيض الملوث فى حوالى ١٥ دولة أوروبية من بين 28 دولة عضو في الاتحاد ، ومصدره كان مزارع فى هولندا وبلجيكا اللذين يعدان أكبر دول اوروبا إنتاجا وتصديرا للبيض ، ومن أكبر المنتجين والمصدرين عالميا ، ومع قرب افتضاح الامر قامت متاجر كبرى في هولندا وألمانيا وبلجيكا ، بسحبت البيض الموجود من فروعها فى الشهر الماضى .
وبدأت فضيحة البيض الملوث في الانكشاف في هولندا وبلجيكا فى الشهر الحالى ، ويأتي الكشف عن الفضيحة بعد قرار سلسلة متاجر “ألدي” الألمانية سحب كل البيض المعروض للبيع في منافذها في ألمانيا فى الأسبوع الماضى ، وعلى إثر ذلك قامت الشرطة فى هولندا وبلجيكا بمداهمة عدة مزارع فى البلدين ، ووصل عدد المنشآت التي أغلقتها الشرطة إلى 100 منشآة في قطاع الدواجن تورطت في استخدام هذه المادة ، كذلك قامت أجهزة الأمن البلجيكية، بـ11 عملية مداهمة “في جميع أنحاء البلاد” ، في إطار التحقيق الذي بات يشمل حتى الآن 26 شخصا وشركة تحوم حولهم الشبهات ، ومن جانبها أعلنت السلطات الهولندية إيقاف مسئولين “في الشركة التي استخدمت المادة في مزارع الطيور على الأرجح” ، دون أن تكشف هن هويتهما .
دول كثيرة تأثرت بهذه القضية ، من بينها الدنمارك ورومانيا وسلوفاكيا ، حيث أعلنت السلطات الغذائية والبيطرية في الدنمارك قبل يومين أن 20 طنا من البيض الملوث القادم من بلجيكا بيعت فى أسواقها ، ومن جانبهم ، أعترف مسئولون فى بلجيكا بأنهم كانوا على علم باحتمال احتواء بيض مستورد من هولندا على مواد ملوثة بمبيد حشري تدخل مادة الفبرونيل في تصنيعه ، فيما أعلنت سلوفاكيا أنها اكتشفت وجود بيض مستورد من هولندا وصل عن طريق ألمانيا ، أما السلطات الصحية البيطرية في رومانيا فقد عثرت في مستودع فى غرب البلاد يحتوى على طن من صفار البيض الملوث بالمادة نفسها قادما من ألمانيا .
وحتى بريطانيا التى تكمل خطوات انفصالها عن الاتحاد الأوروبى لم تسلم من البيض الملوث ، فعلى الرغم من أنها تنتج 85 فى المائة من استهلاكها من البيض محليا ، إلا إنها تستورد نحو ملياري بيضة سنويا من الخارج ، وقدرت وكالة معايير الغذاء عدد البيض الملوث من إنتاج مزارع هولندية في بريطانيا بحوالي 21 ألف بيضة وزعت على المحال التجارية في الفترة بين مارس ويونيو ، واعترفت بريطانيا التي كانت تؤكد أن الفضيحة لم تطلها سوى بشكل طفيف ، بوجود 700 ألف بيضة ملوثة تم استيرادها لتستخدم في صنع منتجات غذائية ، ولهذا فقد أوضحت السلطات البريطانية نفسها ، أن متاجر المملكة المتحدة وزعت 700 ألف بيضة ملوثة ، جاءت من المزارع الهولندية وذلك بعد مراجعة الرقم المعلن مسبقا والذي كان 21 ألف بيضة ، وأكدت مؤسسة مراقبة الصحة العامة البريطانية أن الرقم لا يمثل إلا أقل من 7 فى الألف من إجمالى عدد البيض المباع فى المتاجر البريطانية لذلك لا يشكل الموضوع خطرا على الصحة العامة فى البلاد.
وتابعت ، إن المتاجر في بريطانيا لاتبيع البيض الهولندي بشكل مستقل ، لكنها تستخدمه مع أنواع أخرى من البيض لصنع الشطائر ، كما أنه يدخل فى صناعة بعض منتجات الأطعمة المجمدة ، لذلك فإن تركيز “الفبرونيل ” ليس مرتفعا في هذه المنتجات للدرجة التى تهدد الصحة العامة ، وفى الوقت ذاته وخوفا على سمعتها التجارية فقد قامت متاجر كبرى في بريطانيا بسحب البيض من فروعها ، رغم تأكيدها أنها لا تبيع إلا البيض المنتج محليا ، مشيرة إلى أن هذا الإجراء ما هو إلا إجراء احترازى فقط ٠
وتحاول السلطات الصحية فى الدول المختلفة الإفلات مما قد ينالها جراء فضيحة البيض الملوث ، نظرا لمروره بسلام من معايير سلامة الغذاء عند استيراده ، فقد جاء في بيان لوكالة معايير الغذاء البريطانية أن ” تقييم المخاطر الذى تم إعداده ، استنادا إلى ما يتوافر لدينا من معلومات، يشير إلى أنه في إطار النظام الغذائي الصحي العادي لا يمكن أن يشكل هذا القدر الضئيل جدا من مادة الفررونيل أى خطر على الصحة العامة ، وأنه لا داعي لأن تكون لدى المستهلكين أي مخاوف في هذا الشأن” ، ناصحا ” بأنه لا داع لتغيير الطريقة التي يطهو بها المستهلكون البيض أو المنتجات التي تحتوي على البيض” .
وبتفجر هذه الفضيحة باتت مزارع الدواجن الهولندية فى خطر ، وثارت مخاوف من أن المسئولين عنها قد يضطرون لإعدام الآلاف من الطيور في مسعى لمحو آثار المبيد الحشري من الإنتاج ، وذلك وفقا لما أعلنته لمنظمة ” إل تي أو ” الهولندية المتخصصة في أعمال المزارع ، حيث توقف العمل في 180 مزرعة دواجن في هولندا مؤقتا في الأيام القليلة الماضية بالتزامن مع استمرار التحقيق في هذه المشكلة .
المصدر : وكالات