تتسم العلاقات الأردنية العراقية، بالقوة والمتانة، ليس فقط بسبب التقارب الجغرافي، ولكن بتطابق وتوافق وجهات نظر قيادتي البلدين، وحرصهما على تعزيز العلاقات والوصول بها إلى آفاق أوسع على مختلف الأصعدة في شتى المجالات.
وتؤمن عمان وبغداد بأن ما يربطهما أكثر بكثير من الروابط الأخوية المتنية، فكلاهما قدم تضحيات كبيرة في مواجهة الإرهاب، حيث اكتسبت زيارة وزير الخارجية وشئون المغتربين الأردني أيمن الصفدي، أمس إلى العاصمة العراقية بغداد، بحسب محللين سياسيين، أهمية بالغة، من حيث التوقيت والموضوعات التي تم مناقشتها.
واعتبر المحللون أن الزيارة كانت بمثابة رسالة دعم من الأردن للعراق في حربه ضد الإرهاب، فضلا عن كونها فرصة لتعزيز وتطوير علاقات التعاون بين البلدين عبر خطوات ملموسة؛ تشمل من بينها إعادة فتح طريق بغداد – عمان الدولي، ومعبر “طريبيل” الحدودي، وإنجاز مشروع خط أنبوب النفط العراقي-الأردني.
وبحث الصفدي، خلال لقائه مع كبار المسئولين العراقيين ببغداد؛ آخر التطورات بالمنطقة، إضافة إلى بحث آليات تعزيز التعاون الثنائي في مختلف المجالات الاقتصادية والتجارية.
وقال الصفدي إن الأردن يرى أن أمن العراق واستقراره ركيزة رئيسية وأساسية من ركائز استقرار المنطقة، ويدعم جهوده تحقيق المصالحة الوطنية التي تضمن حقوق جميع مكوناته.
ويحتفظ الأردن بعلاقات جيدة مع مختلف مكونات العراقية، حيث يؤكد دوما أنه يقف إلى جانب الدولة العراقية بجميع مكوناتها، ويحرص على وحدة العراق واستقراره وأمنه، ويدعم ويساند جهوده في القضاء على عصابات الإرهاب والتطرف.. كما استضاف الأردن مؤخرا عددا من المسئولين العراقيين في إطار تعزيز العلاقات بين عمان وبغداد.
وكان لمسألة إعادة فتح معبر “طريبيل” الحدودي وفتح طريق بغداد-عمان الدولي، أولوية وحضور بارز على أجندة الصفدي خلال محادثاته ببغداد، حيث أشار خلال مؤتمره الصحفي مع نظيره العراقي إلى أن إعادة فتح المعبر والطريق الدولي لا يعد فقط انعكاسا مباشرا على علاقات البلدين الاقتصادية والتجارية، ولكن أيضا رسالة بهزيمة البلدين للإرهاب، وعدم السماح لمجموعة من الارهابيين باغلاق الطريق واغلاق المعبر بين الدولتين.
ويعد معبر “طريبيل” الحدودي، والذي يبعد نحو 575 كيلومترا عن بغداد، و320 كيلومترا عن عمّان، شريانا مهما وحيويا يربط بريا بين الأردن والعراق، وقد كان لغلقه أكثر من مرة وآخرها نهائيا في يوليو 2015، أثر كبير على التبادل التجاري بين البلدين.. وهناك وعود من الجانبين الأردني والعراقي بالإسراع في إعادة فتح المعبر قريبا بعد توفير الحماية الأمنية له.
ويعد العراق ثاني أكبر الأسواق التصديرية للأردن بعد الولايات المتحدة، بصادرات كانت تقارب 4ر1 مليار دولار سنويا، قبل تراجعها لأكثر من النصف جراء الإغلاق الحدودي.. وتراجعت الصادرات الأردنية للعراق، بنحو 40% خلال العامين الماضيين، ووصلت إلى 3ر212 مليون دينار أردني، خلال الأشهر الثمانية الأولى من العام الحالي.
وكان قطاع “المنتجات النباتية” هو الأكثر تأثرا بغلق الحدود الأردنية العراقية حيث تراجعت صادراته عام 2015 بنسبة 5ر73%، فيما توقفت صادرات قطاعات الجلود الحيوانية، والفن والآثار، والأحذية وأغطية الرأس، وفقا لمنتدى الاستراتيجيات الأردني.
أما مشروع مد خط أنبوب النفط العراقي الى ميناء العقبة، والذي تم التأكيد عليه خلال مباحثات الصفدي في بغداد، فيعد من المشاريع الاستراتيجية المهمة التي ستسهم في تزويد احتياجات الأردن من النفط وجعل ميناء العقبة مصدر تصدير رئيسيا للنفط العراقي.
وتقدر تكلفة المشروع، الذي سيبدأ العمل به في نهاية العام الحالي وفق وزارة الصناعة والتجارة الأردنية،، بنحو 18 مليار دولار، ويمتد على مسافة 1700 كيلومتر، وسيتم إنشاؤه في مرحلتين: الأولى من البصرة إلى “حديثة” بمحافظة الأنبار العراقية بطول 300 كيلومتر وتنفذه وزارة النفط العراقية، والثانية بطول 1000 كيلومتر من “حديثة” إلى ميناء العقبة لتصدير النفط إلى باقي انحاء العالم. ومن المتوقع أن تبلغ كمية النفط التي ستصل إلى ميناء العقبة عبر الأنبوب إلى مليون برميل يوميا.
وفيما يخص مشاركة الأردن بإعادة إعمار العراق، أكد الصفدي، استعداد المملكة ورغبتها في الوقوف إلى جانب العراق في عملية إعادة الإعمار.. وهو ما لقي ترحيبا من الجانب العراقي الذي أكد رغبته في أن يلعب الأردن دورا مهما في اسناد العراق في البناء والاعمار كالدور الهام الذي لعبته في اسناد العراق في المواجهة ضد تنظيم “داعش” الإرهابي.
كما كان موضوع تنفيذ الاتفاقات والمذكرات التي وقعت خلال اجتماعات اللجنة المشتركة في العاصمة العراقية في شهر مارس الماضي، خصوصا استثناء السلع الأردنية من التعرفة الجمركية التي فرضها العراق مؤخرا، من بين أبرز ما تناولته محادثات وزير الخارجية الأردني في بغداد.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)