أكد مرصد الفتاوى التكفيرية والآراء المتشددة، التابع لدار الإفتاء المصرية، ضرورة إيجاد استراتيجيات دولية فعالة لإعادة تأهيل عناصر الجماعات المتطرفة وفقًا للثوابت الوطنية والإجراءات القانونية، فضلًا عن إقناعهم بالتخلى عن أفكارهم المتطرفة فى صورة جديدة للمراجعات التى حدثت مع تيار الجماعة الإسلامية فى نهاية تسعينيات القرن الماضى، وحققت نجاحًا واضحًا فى تخلى أغلبهم عن العنف.
عرض المرصد فى تقرير جديد له عددًا من استراتيجيات المراجعات التى يمكن تنفيذها فى التعامل مع المقاتلين المتطرفين العائدين إلى بلدانهم، ومنها استراتيجية “فك الارتباط من الجماعات المتطرفة”، وتستهدف الأفراد الذين ينأَون بأنفسهم عن الانضمام إلى الجماعات المسلحة إلا أن ولاءهم لأفكار تلك الجماعات ومعتقداتها متجذر فى أعماقهم، إضافة إلى استراتيجية “إعادة التأهيل” وتستهدف الأفراد الذين أنهَوا علاقتهم التنظيمية بالجماعات المتطرفة وتخلَّوا عن أفكارها.
أضاف المرصد أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى إعادة تأهيل المتطرفين والعمل على دمجهم فى المجتمع وتصحيح المفاهيم عن طريق برامج تركز على الأبعاد النفسية والدينية والفكرية والاجتماعية، وتوجز هذه الاستراتيجية الأهداف والتحدياتالتى تواجهها الدولة جراء تصاعد عمليات العنف والإرهاب، كما تحدد وسائل مكافحة انتشار الأيديولوجيات المتطرفة.
كما تهدف هذه الاستراتيجية إلى ردع الأفراد عن التورط فى التطرف، وتشجيع إعادة تأهيل المتطرفين والأفراد الذين يتورطون معهم.
ذكر مرصد الإفتاء أن من بين الاستراتيجيات التى يمكن تنفيذها فى عملية التأهيل، العمل على تطوير شراكات تدريبية مع المؤسسات الخاصة، لتوفير فرص العمل والتدريب والتوظيف لهؤلاء السجناء بعد الإفراج عنهم بهدف إعادة دمجهم مرةأخرى فى المجتمع والحد من احتمالية عودتهم إلى جماعات التطرف والإرهاب.
أشار المرصد إلى استراتيجية أخرى من استراتيجيات إعادة التأهيل وهى المراجعات الفكرية والأيديولوجية، ويكمن جوهرها فى إقناع أعضاء تلك الجماعات بمراجعة أفكارهم والتخلى عنها، وفى هذا الإطار تتم الاستعانة بعلماء الدين للمساعدة فى إعادة تأهيل المتطرفين، فى إدراك لأهمية انخراط علماء الدين فى تصحيح المفاهيم واستئصال الفكر المنحرف من عقول هؤلاء.
ومن بين هذه الاستراتيجيات – يتابع المرصد – استراتيجية توفير الرعاية الاجتماعية والنفسية، واستهداف العناصر المتطــرفة عقــب إطــلاق ســراحهم، خاصــة أن غالبيتهم من حملة الشهادات الدراسية المتوسطة والعليا، والعمل علـى حـل مشكلاتهم ومساعدتهم فى التعامل مع احتياجاتهم النفسية والعقلية والروحية والمادية قـدر الإمكان، ليتمكنوا من التعايش مع المجتمع، وذلك بدعمهم – من خلال مركز التأهيل وبالتنسـيق مـع الأجهـزة المعنيـة – بالمقومـات الحيوية اللازمةلاستئناف حياتهم بصورة طبيعية.
انتهى المرصد إلى ضرورة الاعتماد على استراتيجية الدعم المادى الهادفة إلى مسـاعدة المفـرج عـنهم من المتطرفين علـى التفاعـل مـع واقعهـم المعيشـى، وهو أمر يتطلـب مسـاهمة كافـة قطاعـات المجتمـع لضمان اندماجهم فى أنشطة تستوعبطاقاتهم، لأن بقـاءهم دون عمل يشكل تهديدًا باحتمالية عودتهم مرة أخرى للانخراط فى الجماعات المتطرفة، تحـت ضـغط الحالـة الماديـة.
واختتم المرصد تقريره قائلًا: إن المراجعات الحديثة تختلف عن سابقتها قديمًا حيث يجب أن يشارك فى تلك المراجعات متخصصون فى علوم الصحة النفسية والعلوم السياسية وأساتذة اقتصاد وخبراء اجتماع، إضافة إلى علماء دين، مع الوضعفى الاعتبار متابعة نتائج تلك المراجعات لسد الثغرات إن حدثت، والبناء على الإيجابيات المتحققة، وجمع تلك النتائج وما سبقها من مقدمات فى أبحاث يتم تصديرها لدول العالم للإفادة من الجهود المصرية فى محاربة سرطان الإرهاب الذى امتدإلى جميع دول العالم.
وكالات