تتجه أنظار العالم إلى فرنسا يوم (الأحد) المقبل، حيث تجرى الجولة الثانية من الانتخابات التشريعية والتى يتوقع أن يفوز فيها حزب الرئيس إيمانويل ماكرون “الجمهورية إلى الأمام” بغالبية كاسحة فى الجمعية الوطنية، مما يعطيه تفويضا حاسما لتنفيذ إصلاحات وتمرير قوانين بسهولة دون معارضة داخل البرلمان.
وأسفرت نتائج الجولة الأولى التى أجريت يوم الأحد الماضى عن حصول حزب “الجمهورية إلى الأمام” وحلفائه الوسطيين فى “الحركة الديموقراطية” على 32,32% من الأصوات ، فى حين حصل حزب اليمين “الجمهوريين” على 21.56%، وحزب اليمين المتطرف “الجبهة الوطنية” على 13,2% من الأصوات، وسجل حزب “فرنسا الأبية ” اليسارى المتطرف والحزب الشيوعى سويا نسبة 13,74%، ثم جاء الحزب الاشتراكى فى ذيل القائمة بحصوله على 9% فقط من إجمالى الأصوات وهو ما كان بمثابة صفعة قوية وهزيمة قاسية له بعد خمس سنوات كان يتمتع فيها بالأغلبية المطلقة.
وفى ضوء هذه النتائج تتوقع استطلاعات الرأى فوز حزب ماكرون فى الدورة الثانية بـ400 إلى 455 مقعدا من أصل 577، أى أكثر بفارق كبير من الـ289 المطلوبة للأغلبية المطلقة، مما يجعله فى وضع قوى يمكنه من التحكم فى زمام الأمور على نحو لم يشهده رئيس فرنسى من قبل.
الأمر اللافت للنظر فى تلك الانتخابات هو نسبة الامتناع عن التصويت التى وصلت إلى حوالى 51.2 % من مجموع الكتلة الانتخابية وهى نسبة تاريخية لم تشهدها فرنسا من قبل، فللمرة الأولى منذ نحو ستين عاما تتجاوز نسبة الامتناع خلال الدورة الأولى عتبة الخمسين فى المئة وهو ما يعني- وفقا للمراقبين- أن نسبة 32,2% من الأصوات التى حصل عليها مرشحو حركة “الجمهورية إلى الأمام” لا تمثل سوى 15,2% من إجمالى أصوات الناخبين المسجلين فى فرنسا.
وبشكل عام تحظى الانتخابات التشريعية بأهمية خاصة لدى الفرنسيين ، لأنها تحدد الأغلبية البرلمانية فى الجمعية الوطنية التى يكون لها دور رئيسى ووزن فى المصادقة على مشروعات القوانين أو رفضها.
وعلى الرغم من ارتفاع نسبة الامتناع عن التصويت، تحظى الانتخابات هذه المرة بأهمية غير مسبوقة فى تاريخ فرنسا، فقد أعادت ترتيب المشهد السياسى على نحو لم تشهده البلاد من قبل، ودشنت وضعا جديدا ستكون له تداعيات واضحة فى تغيير هيكل الحياة السياسية الفرنسية خلال عهد الرئيس ماكرون.
فمن ناحية، يرى المراقبون أنه إذا ما تأكدت نتائج الدورة الأولى من الانتخابات التشريعية فى الدورة الثانية فإن ذلك يعنى هيمنة مطلقة لحزب واحد على البرلمان وعدم وجود معارضة حقيقية وهو وضع لم تألف عليه فرنسا من قبل إذ عُرفت الحياة الفرنسية بالتعددية السياسية.
والأهم من ذلك أن الحزب المهيمين هو حزب حديث العهد فى السياسة، فحركة “الجمهورية إلى الأمام” لا يزيد عمرها عن 15 شهرا ورغم ذلك تمكنت فى وقت قصير من قلب المشهد السياسى الفرنسى ونجح الناخبون فى إعادة منح الثقة لحركة ماكرون تأكيدا للثقة التى منحوه إياها حين اختاروه رئيسا للجمهورية فى 7 مايو الماضى.
ومن المنتظر أن تحصل الحركة على إحدى أكبر الأغلبيات البرلمانية التى شهدتها فرنسا فى تاريخها والتى ستسهل على ماكرون تنفيذ برنامجه الانتخابى بدءا بإصلاح قانون العمل.
المصدر:أ ش أ