أكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية المستشار أحمد أبو زيد أن وزير الخارجية سامح شكري استعرض خلال الاجتماع الثلاثي لوزراء خارجية دول جوار ليبيا مصر والجزائر وتونس الذي بدأ أمس الاثنين بالعاصمة الجزائرية أسباب قيام القوات الجوية بضرباتها المكثفة على معاقل المتطرفين في ليبيا بالتنسيق التام مع الجانب الليبي ، مشيرا إلى أن هناك تفهما من قبل دول الجوار الليبي لهذا التوجه.
وقال أبو زيد – في حديث أجراه معه مدير مكتب وكالة أنباء الشرق الأوسط بالجزائر اليوم الثلاثاء – إن “الوزير سامح شكري استعرض خلال الاجتماع أسباب الضربة المصرية في درنة الليبية بعدما تأكد لدينا وجود علاقة وثيقة بين التنظيمات المقيمة في هذه المنطقة والعملية الارهابية النكراء التي تمت في المنيا واستهدفت أطفالا أبرياء”.
وأضاف “وبالتالي كان حريصا على أن يستعرض أيضا أسباب هذه الضربة والتأكيد على أن مصر تتأثر بشكل كبير بانفلات الوضع الأمني في ليبيا وأن حالة الفوضى التي تعانيها الأخيرة تعكس خطورة الوضع الليبي، كما استشهد الوزير بما قاله الرئيس عبد الفتاح السيسي بشأن سيارات الدفع الرباعي التي تم تفجيرها مؤخرا والتي كانت تأتي عبر الحدود الليبية ما يدل على أن هذا الوضع خطير واستمراره في منتهى الخطورة ويتطلب التنسيق بين دول الجوار”.
وقال المتحدث “إن هناك تفهما كاملا للدوافع والأسباب التي دفعت مصر لهذا التوجه وأن هناك تضامنا كاملا مع مصر في مكافحة الإرهاب وشعورا عاما بأن هذا الخطر يهدد الجميع حيث أكد وزراء خارجية الدول الثلاث ضرورة تكثيف التعاون فيما بينهم من أجل ضبط الحدود الليبية باعتبارها خطرا مستمرا طالما بقي الوضع كما هو عليه داخل ليبيا”.
وأضاف “كان هناك اتفاق بين وزراء الدول الثلاث على أن المشكلة الرئيسية هي غياب الاستقرار وغياب الحل السياسي فكل ما نراه من تداعيات وآثار مثل الهجرة غير الشرعية وانتشار السلاح وتجارة المخدرات كل هذا كان نتاجا لانعدام الاستقرار السياسي جراء انعدام الحل السياسي وبالتالي فإن الحل السياسي هو الأساس والأولوية الأولى التي يجب التركيز عليها”.
وذكر أن “دول الجوار الليبي هي أكثر الدول المتأثرة بالأوضاع الليبية وليس لديها أي مصلحة في ليبيا سوى استقرارها والمصالحة بين أبنائها وقدرة ليبيا على استعادة عافيتها وسلامتها الاقليمية ووحدتها وبالتالي شارك وزير الخارجية سامح شكري في الاجتماع الأول لهذه الآلية في تونس ثم تم الاتفاق على أن تعقد هذه الاجتماعات بشكل دوري في العواصم المختلفة ويأتي اجتماع اليوم هو الثاني لهذه الآلية وتم الاتفاق على أن يعقد الاجتماع الثالث بالقاهرة”.
وقال “هذه الاجتماعات لها طبيعة خاصة لأنها اجتماعات بين الأشقاء تتسم بقدر كبير جدا من الشفافية والحوار الصريح فكل دولة تستعرض خلال هذه الاجتماعات الاتصالات التي تقوم بها مع الأطراف الليبية المختلفة والجهود التي قامت بها خلال الفترة الأخيرة لتقريب وجهات النظر بين تلك الأطراف وتستعرض أيضا الزيارات المختلفة فعلى سبيل المثال استعرض وزير الشئون الخارجية الجزائري عبد القادر مساهل الزيارة التي قام بها إلى ليبيا ولقاءاته مع الأطراف المختلفة في المناطق الليبية المختلفة ونتائج تلك الزيارات كما يستعرض الوزراء أيضا اتصالاتهم مع الأطراف الدولية الفاعلة ، كما يتم تقييم الوضع على الأرض سياسيا وأمنيا”.
وأضاف ” كان هناك قلق بالغ في اجتماع أمس من تدهور الوضع الأمني في ليبيا والمعارك التي شهدتها مناطق مختلفة في ليبيا مؤخرا وتأثيرها على الوضع السياسي ويمكن أن يعكس البيان الذي صدر في نهاية هذا الاجتماع القلق من التدهور الأمني خلال الفترة الأخيرة ، كما تحدث الوزراء أيضا عن أهمية التنسيق في محتلف المجالات ليس فقط السياسي ولكن ايضا التنسيق الأمني أيضا فمطلوب أن تتبادل الأجهزة الأمنية والاستخبارات تقييماتها المختلفة للوضع في ليبيا وتتبادل المعلومات”.
وتابع قائلا ” إن الوزراء تطرقوا أيضا إلى الارتباط بين التنظيمات الإرهابية في ليبيا ومالي والنيجر وغيرها فهذا الفضاء أصبح مرتعا للتنظمات الإرهابية والعصابات الإجرامية وعصابات الجريمة المنظمة وتجار المخدرات والهجرة غير الشرعية ..يقتضي هذا الوضع الرخو أمنيا من الدول الثلاث أن تكثف من تعاونها وتنسيقها وتتبادل المعلومات في مواجهة هذه الظاهرة ، كما أكدوا ضرورة أن تخاطب هذه المجموعة المجتمع الدولي بصوت واحد ورؤية واحدة وأن يتم تكثيف التواصل السياسي فيما بينهم حول الوضع في ليبيا بشكل عام”.
وحول مدى تطابق وجهات نظر دول الجوار للملف الليبي، قال المتحدث “إن التطابق بين وجهات نظر الدول الثلاث يتركز في المصلحة الاستراتيجية لعودة الاستقرار في ليبيا ووصول الشعب الليبي إلى توافق وطني داخلي حول مساره السياسي وخطواته القادمة كما أن الرؤية واحدة بان الاتفاق السياسي هو الإطار الحاكم للعملية السياسية هو اتفاق الصخيرات وضرورة دعم الجهود المبذولة لتقريب وجهات النظر بين الأطراف ، كما أن هناك ترحيبا أيضا ببعض النقاط التي تم تحديدها بين الأطراف الليبية وكيف يمكن معالجتها وأولوية معالجتها خلال المرحلة القادمة”.
وأضاف، في هذا الصدد، قائلا ” هناك اتفاق أيضا على ضرورة مكافحة الإرهاب في ليبيا وأن هذه أولوية يجب أن يتم التعامل معها بشكل حاسم وجاد وضرورة أن يكون الحل ليبيا لا يتم فرضه من الخارج وأن الدور الذي تقدمه دول الجوار هو إتاحة الفرصة للأشقاء الليبيين للتحدث مع بعضهم البعض لتسيهل الحوار فيما بينهم وتمكينهم من التغلب على النقاط الخلافية فكل هذه الأمور تعتبر مصلحة مشتركة للدول الثلاث”.
وأكد ضرورة أن يكون الحل دائما في يد الليبيين لأن هذا وطنهم وتلك مسئولياتهم ، مشيرا إلى أن الدول الثلاثة داعمة للحل السياسي وتشعر بخطورة استمرار الوضع على ما هو عليه وتشجع الأطراف المختلفة دائما على نبذ الخلافات ورؤية الصورة الكلية للوضع في بلادهم والبعد عن الانتماءات الجهوية والدينية والطائفية والتركيز على الوطن وأولوياته بشكل عام.
وأوضح أن الارهاب والتنظمات الارهابية تجد ملاذا آمنا كلما غابت سلطة الدولة المركزية وبالعكس أيضا فكلما زادت التنظمات الإرهابية من أنشطتها كلما أضعف هذا قدرة الدولة المركزية عن السيطرة ولكن ضعف دور الدولة المركزية وسلطتها يفتح الباب واسعا امام التنظيمات الارهابية لتنشط وتعمل وفقا لولاءات مختلفة اقليمية ودولية.
وبعيدا عن الملف الليبي وردا على سؤال حول تقييمه لقرار مصر ومعها خمس دول عربية بقطع علاقاتها مع قطر، قال المتحدث إن “هذا القرار هو نتاج طبيعي لسياسات مارقة استهدفت زعزعة استقرار دول كثيرة ، سياسات كانت بمثابة انقلاب على مبادىء العمل العربي المشترك فمن الطبيعي ان ينتج عن كل هذه السياسات اجراءات تقوم بها دول عربية بقطع علاقاتها الدبلوماسية مع قطر”.
وأضاف قائلا ” بذلت جهود عديدة لإثناء الحكومة القطرية عن هذا النهج التخريبي الداعم للتنظيمات الإرهابية والداعم للفكر المتطرف والمهدد لاستقرار مصر ودول المنطقة إلا أن السلطات القطرية لم تستجب وبالتالي كان من الطبيعي أن تتخذ مصر هذا الإجراء وأصبح الجميع يوقن الآن أن الممارسات القطرية أصبحت تمثل تهديدا ليس لكل دولة على حده ولكن للأمن العربي المشترك بأكمله”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)