قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل أصبحت تنظر أبعد من الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، معتبرة أن تصريحاتها حول ضرورة عدم اعتماد أوروبا كليا على الولايات المتحدة، مؤشر آخر على أن جولة ترامب في أوروبا لم تسر على ما يرام مع القادة الأوروبيين المؤثرين، فيما وصف مبعوث أمريكي العلاقات بين واشنطن تحت حكم ترامب وأوروبا بـ”نهاية عصر” القيادة الامريكية للقارة.
وقال الكاتبان لدى الصحيفة أليسون سميل وستيفن إرلانجر، إن “ميركل، القائدة الأوروبية الأكثر تأثيرا، خلصت بعد 3 أيام من الاجتماعات العابرة للأطلسي إلى أن الولايات المتحدة (في عهد) الرئيس ترامب ليست الشريك الذي يمكن الاعتماد عليه، والذي طالما اعتمدت عليه بلدها والقارة تلقائيا في الماضي”.
وكانت المستشارة الألمانية قد صرحت، أمس، أن على الاتحاد الأوروبي ألا يعتمد بشكل كامل بعد الآن على حلفائه التقليديين في الولايات المتحدة وبريطانيا، مشددة على ضرورة أن تستعد بروكسل لـ”أخذ مصيرها بيديها”، وذلك بعد محادثات قمة مجموعة الدول السبع الأخيرة، والتي وصفتها المستشارة الألمانية بغير المرضية”.
وقالت ميركل، في خطاب ألقته أمام تجمع انتخابي في ميونخ، أن تحالف دول غرب أوروبا تضرر من انسحاب بريطانيا من الاتحاد “بريكست” وانتخاب دونالد ترامب رئيسا للولايات المتحدة، مضيفة: “الزمن الذي بإمكاننا فيه الاعتماد كليا على آخرين قد ولى إلى حد ما.. لقد شهدت ذلك في الأيام القليلة الماضية، نحن الأوروبيون علينا حقا أن نتولى مصيرنا بأيدينا”.
وتابعت أنه يجب على ألمانيا وأوروبا الكفاح للبقاء في علاقات جيدة مع الولايات المتحدة وبريطانيا ودول أخرى بينها روسيا، مؤكدة: “علينا أن نعرف أنه يجب علينا المحاربة من أجل مستقبلنا من تلقاء أنفسنا ومن أجل مصيرنا كأوروبيين”.
وبررت “نيويورك تايمز” تصريحات ميركل بالإحباط الواضح من مواقف ترامب فيما يتعلق بحلف الناتو وروسيا والتغير المناخي والتجارة الدولية، وكانت قمة الدول السبع الصناعية الأخيرة في إيطاليا قد شهدت خلافات بين الولايات المتحدة ودول أخرى حول بعض القضايا من بينها التجارة والمناخ. ورأى مراقبون أن القمة وضعت الرئيس الأمريكي في مواجهة قادة الدول الـ6 الأخرى في قضايا عدة.
وقالت المستشارة الألمانية، في خطاب الأمس – والذي لم تذكر فيه اسم الرئيس الأمريكي- إن محادثات “الستة في مواجهة واحد” كانت “صعبة للغاية، إن لم نقل غير مرضية للغاية”، مبدية في المقابل رغبة واضحة في التعاون مع فرنسا في محاولة لإعادة إحياء التحالف الفرنسي الألماني الذي ساهم في تقوية أوروبا لفترة طويلة.
وتعليقا على ذلك، قالت “نيويورك تايمز” إن “تصريحات ميركل القوية يُحتمل أنها كانت تحولا زلزاليا في العلاقات عبر الأطلسي”، مضيفة أنه مع كون الولايات المتحدة “أقل قدرة على التدخل خارجيا، فإن ألمانيا تصبح قوة أكثر سيطرة في الشراكة مع فرنسا”، لافتة إلى أن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون قد أبدى رغبته في العمل مع ألمانيا والمساعدة في الخروج بالاتحاد الأوروبي من مشاكله الحالية.
من جانبه، قال مبعوث الولايات المتحدة الأسبق لدى الناتو ايفو دالدر لـ”نيويورك تايمز”: “هذه تبدو نهاية عصر، عصر قادت فيه الولايات المتحدة واتبعتها أوروبا”.
وأضاف دالدر، وهو حاليا مدير مجلس شيكاغو للشئون العالمية: “اليوم، الولايات المتحدة تسير في اتجاه فيما يتعلق ببعض القضايا الأساسية يبدو مقابلا بشكل درامي لحيث تسير أوروبا، تصريحات ميركل اعتراف بذلك الواقع الجديد”.
ولفتت “نيويورك تايمز” إلى أن تشديد ميركل على ضرورة أن تتأهب اوروبا لحماية مصالحها بنفسها يأتي بعد رفض الرئيس الأمريكي الإشادة علنا بمبدأ الدفاع الجماعي لحلف الناتو، أو الموافقة على المواقف الأوروبية المشتركة فيما يتعلق بالتجارة الدولية والتعامل مع روسيا وتخفيف وطأة التغير المناخي، معتبرة أن جولة ترامب في أوروبا “لم تسر على ما يرام مع القادة الأوروبيين المؤثرين”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)