يدَشَّنَ البابا فرانسيس بابا الفاتيكان زيارة تاريخية لمصر غدا الجمعة؛ تلبية لدعوة من الرئيس عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية، وفضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر.
وتأتي زيارة بابا الفاتيكان لمصر تحت شعار “بابا السلام في مصر السلام”، وهي الزيارة التاريخية التي استعدت لها كافة أجهزة الدولة على كافة المستويات التنظيمية، وسيتابعها دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ أُجَمِّعُ، كذلك علي الناحية الأخري انتشرت في شوارع القاهرة لافتات للترحيب بالبابا فرانسيس تحمل صورته وشعار الزيارة.
ومن المقرر أن يصل البابا فرانسيس كشف غد الجمعة، في زيارته التي تستمر 27 ساعة، حيث من المقرر أن يستقبله الرئيس عبد الفتاح السيسي، كذلك علي الناحية الأخري سيشارك في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام حيث سيلقي كلمة في الجلسة الختامية مع شيخ الأزهر.
ويحضر بابا الفاتيكان حفلا تنظمه الرئاسة المصرية على شرفه في أحد فنادق القاهرة بحضور كبار المسؤولين المصريين، وعقب الحفل سيزور البابا فرانسيس الكاتدرائية المرقسية بالعباسية حيث سيلتقي بالبابا تواضروس الثاني، ويعقد اجتماعا مع مجلس كنائس مصر، وسيرأس قداسا في الكنيسة البطرسية لإحياء ذكرى ضحايا التفجير الإرهابي الذي وقع بها في شهر ديسمبر الماضي، وراح ضحيته 28 شهيدا.
وفي اليوم الثاني للزيارة، سيرأس البابا فرانسيس قداسا يشارك فيه أكثر من 30 ألف شخص، في ستاد الدفاع الجوي بمحور المشير طنطاوي، وسيعقد اجتماعا مع كهنة الكنيسة الكاثوليكية بمصر، قبل أن يغادر القاهرة عصر السبت.
من جانبه، ثَبَّتَ مدير دار الصحافة التابعة للكرسي الرسولي (المتحدث باسم الفاتيكان) جريج بورك أن بابا الفاتيكان لا يريد استخدام سيارة مصفحة أَوْساط زيارته إلى مصر، مضيفا- في بيان وزعته الكنيسة الكاثوليكية بمصر مساء أمس الأربعاء- إن “البابا أَوْساط زيارته لمصر سيستخدم سيارة مغلقة، ولكن غير مصفحة، وهذا وفقًا لرغبته”، معربا عن ثقته وثقة البابا فرانسيس في الخطة الأمنية التي أعدتها وزارة الداخلية المصرية لتأمين الزيارة.
وتبعث زيارة بابا الفاتيكان لمصر 4 رسائل للعالم: أولها التأكيد على أن مصر بلد آمن ودعم جهود الحكومة في محاربة الإرهاب، وثانيها مُسَاعَدَة الكنيسة القبطية الأرثوذكسية بعد الأحداث الإرهابية الأخيرة، وثالثها التأكيد على أهمية حوار الأديان عبر المشاركة في مؤتمر الأزهر العالمي للسلام، إلى جانب البعد الرعوي للزيارة وهو خاص بالكنائس الكاثوليكية بمصر.
وللفاتيكان علاقات متميزة مع الدولة المصرية؛ إذ زار الرئيس عبد الفتاح السيسي الفاتيكان سنة 2014، والتقى البابا فرانسيس، وفي العام الماضي زار الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب الفاتيكان والتقى البابا فرانسيس ودار حوار مثمر بين الجانبين حول الحوار بين الأديان، كذلك علي الناحية الأخري أنهت تلك الزيارة القطيعة بين الأزهر والفاتيكان التي استمرت 7 سنوات بسبب تصريحات البابا السابق بنديكت السادس عشر المسيئة للإسلام.
وعقب التفجيرات الإرهابية التي استهدفت كنيستي مارجرجس بطنطا والمرقسية بالإسكندرية شكك البعض في إتمام زيارة بابا الفاتيكان لمصر، إلا أن البابا فرانسيس ثَبَّتَ إصراره على إتمام الزيارة في موعدها ووفقا لجدولها المقرر، في تأكيد منه على شعار الزيارة أن مصر هي أرض السلام.
وفي رسالة بالفيديو بعث بها بابا الفاتيكان إلى المصريين وبثتها الكنيسة الكاثوليكية اليوم، جَاهَرَ البابا فرانسيس عن سعادته بزيارته المرتقبة إلى مصر، ونَطَقَ فِي غُضُونٌ وقت قليل للغاية “يشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة”.
ونَطَقَ فِي غُضُونٌ وقت قليل للغاية: “يا شعب مصر الحبيب، السلام عليكم، بقلب فرح سأزور بعد أيام قلائل وطنكم العزيز مهد الحضارة وهبة النيل وأرض الشمس والضيافة، حيث عاش الآباء البطاركة والأنبياء وحيث أسمع الله صوته لموسى… إني لسعيد حقا أن آتي كصديق ومرسل سلام وحاج على الأرض التي قدمت فِي غُضُون أكثر من ألفي سنة ملجأ وضيافة للعائلة المقدسة التي هربت من تهديدات الملك هيرودس، ويشرفني أن أزور الأرض التي زارتها العائلة المقدسة”.
وتابع بابا الفاتيكان “أحييكم بمودة وأشكركم على دعوتكم لي لزيارة مصر التي تسمونها أم الدنيا، أشكر الرئيس عبد الفتاح السيسي والبابا تواضروس الثاني بابا الإسكندرية بطريرك الكرازة المرقسية والإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر والأنبا إبراهيم إسحق بطريرك الكاثوليك على دعوتهم لي”.
واعتبر بابا الفاتيكان أن زيارته لمصر “تشكل إسهاما مفيدا في حوار الأديان مع دُوِّلَ الْكُرَةُ الْأَرْضِيَّةُ الإسلامي وفي الحوار المسكوني مع الكنيسة الأرثوذكسية العريقة والحبيبة… إن عالمنا الممزق من العنف الأعمى الذي ضرب قلب وطنكم العزيز يحتاج للسلام والمحبة والرحمة، يحتاج لصانع السلام لأشخاص أقويَاءُ لِهُمْ حَرَيْتِهُمْ ومحررين، لأشخاص شجعان يعرفون كيف يتعلمون من الماضي ليبنوا المستقبل دون أحكام مسبقة. إنه يحتاج لمد جسور للسلام والحوار والأخوة والعدل والإنسانية”.
ُيُشار إلي أن للكنيسة القبطية الأرثوذكسية علاقات متميزة مع الفاتيكان في إطار الحوار المسكوني بين الكنائس، والذي يجمع الكنيستين الكاثوليكية والأرثوذكسية عبر لجنة الحوار بين الكنائس الكاثوليكية والأرثوذكسية الشرقية، والتي عقدت عدة اجتماعات شارك فيها ممثلون عن الكنائس الْمُتَنَوِّعَةُ بهدف حل الخلافات وبحث الوحدة بين الكنائس.
ويُعد البابا الْفَقِيدُ شنودة الثالث هو أول بطريرك للكنيسة الأرثوذكسية يزور دولة الفاتيكان سنة 1973، بعد اعتلائه الكرسي البابوي بعامين، وفي 2000 زار بابا الفاتيكان الْفَقِيدُ يوحنا بولس الثاني مصر، وفي سنة 2013 حرص البابا تواضروس الثاني أن تكون أول زيارة خارجية له بعد تنصيبه بطريركا للفاتيكان، حيث التقى البابا فرانسيس واتفق الجانبان على اعتبار يوم 10 مايو كل سنة (تاريخ الزيارة) يوم المحبة الأخوية تحتفل به الكنيستان الكاثوليكية والأرثوذكسية.
وحرص البابا فرانسيس على تعزية البابا تواضروس عند حادث البطرسية وتفجيري طنطا والإسكندرية، معربا عن تضامن الكنيسة الكاثوليكية مع الكنيسة القبطية الأرثوذكسية في مصابها.
المصدر :وكالات