نشرت صحيفة “كومسومولسكايا برافدا” الروسية مقالا اكد أن نتائج الاستفتاء الأولية على تحويل تركيا إلى جمهورية رئاسية كشفت عن انشقاق كبير في المجتمع التركي.
واليكم نص المقال :
يسمون رئيس تركيا الحالي رجب طيب أردوغان سلطانا من باب السخرية .. وكان يحلم بأن يصبح الحاكم المطلق للبلاد، ولكن حلمه لم يتحقق .. وبكل صعوبة تمكن من جر الأتراك إلى الاستفتاء، الذي سيغير نظام دولتهم الدستوري، ويوسع صلاحيات أردوغان بشكل واسع. ولكن، يبدو أنه حتى الآن لم يتمكن من الحصول على فوز مقنع.
نتائج الاستفتاء مثيرة للجدل لكن أردوغان أعلن عن فوزه، على الرغم من أن اللجنة الانتخابية لم تعترف بعد بها، كما لم تعترف بها أيضا المعارضة وبموجب إحصاءات أردوغان، فإن الفجوة بين الطرفين قليلة جدا – 51% يؤيدونه، مقابل 49% – ضده.
والأسوأ من ذلك لأردوغان أن أكبر ثلاث مدن تركيا: اسطنبول وأنقرة وأزمير – صوتت ضد مشروع تغيير دستور البلاد. كما صوت “ضده” أتراك الجزء الأوروبي من تركيا، وفي أنطاليا السياحية، وكذلك صوت “ضده” المواطنون الأتراك في أوروبا. وبمثل هذه النتائج، من الصعب إجراء تعديل جذري في نظام الحكم، كما يريد ويرغب أردوغان. ولكن نظرا لطبعه الحازم المعروف، يمكن الافتراض أنه لن يتوقف.
وبموجب الدستور الجديد، فإن أردوغان سيكون قادرا على حكم البلاد مدة عشر سنوات أخرى، أو حتى فترةً أطول. وهو سيعين الوزراء بنفسه، وسيتم إلغاء منصب رئيس الوزراء. وسيمنع الجيش من ممارسة السياسة، والرئيس حاكم تركيا المطلق وسيدها الأوحد. ولو أن أردوغان فاز بفارق ملحوظ، لكان ممكنا أن نسميه “السلطان أردوغان” من دون سخرية. ولكن في ظل هذه الظروف، عندما صوتت مدن بأكملها بـ “ضد”، وعندما تطالب المعارضة بإعادة فرز الأصوات، فإنه ليس من الواضح هل سيتمكن من نيل السلطة المرغوبة، لأن ما للدستور للدستور، وما يقوله الواقع هو سيف الفصل.
أما بالنسبة إلى روسيا، فهي نتيجة مقبولة فروسيا ساندت أردوغان عندما هدده الانقلاب ومد الرئيس بوتين إليه يد العون، وتم نسيان الأزمة الأخيرة، التي نجمت عن فقدان القاذفة الروسية. وبدا كأن أردوغان سلم بحالة الاستقرار في سوريا وتعزيز قوة الرئيس السوري بشار الأسد.
ولكن الانعطاف الجديد، الذي طرأ على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، حيث قرر فجأة الانخراط بعمق في الشأن السوري، قد أدى إلى انعطاف جديد في سياسة أردوغان، فتبنت تركيا السيناريو الكاذب لذوي “الخوذات البيضاء” في هجوم الغاز على المدنيين وعاد أردوغان مرة أخرى للحديث عن مناطق حظر الطيران في سوريا.
ويؤثر في السياسة الروسية بشأن الملف التركي أن القوى الكبرى ذات النفوذ في البلاد، موالية بطبيعتها للولايات المتحدة ومعادية لروسيا نعم أردوغان ليس عسلا، ولكن خصومه ليسوا أفضل منه.
وعلى العموم، فإن التغييرات الدستورية في تركيا هي مسألة تركية داخلية. بيد أن الوضع السياسي في سوريا، يمس روسيا بشكل مباشر. وما دام أردوغان يواصل ممارسة القفز من موقف إلى آخر ودعم الإسلاميين في سوريا، يجب تذكيره بأنه من دون الصداقة مع روسيا سيكون وضعه صعبا للغاية، وخاصة عندما تتعامل معه دول الاتحاد الاوروبي بمنتهى الحذر والشك، ذلك الاتحاد الذي سعت تركيا للانضمام إليه على مدى عقود طويلة من الزمن، وكانت النتيجة صفرا.