يلتقي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب اليوم الاثنين بالبيت الأبيض مع الرئيس عبد الفتاح السيسى الذي يزور الولايات المتحدة حاليا تلبية دعوة من الرئيس ترامب ، ، وهو لقاء القمة الأول منذ تولي ترامب رئاسة بلاده في يناير الماضي، وتستهدف زيارة السيسي تعزيز العلاقات بين الدولتين بعد فترة من التوتر فى العلاقات بينهما خلال فترة حكم الرئيس الإمريكى السابق باراك أوباما.
وتعد زيارة السيسى لواشنطن أول زيارة لرئيس مصري منذ عام 2009 قعد انقطاع دام لأكثر من 8 سنوات من الزيارات الثنائية بين رؤساء البلدين،و لكنها ليست الاولى فى لقاء ترامب فقد التقى به خلال زيارته لنيويورك لحضور اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة ووعد ترامب بدعوة الرئيس المصري إلى “زيارة رسمية” للولايات المتحدة إذا وصل إلى البيت الأبيض.وقال إنه في حال انتخابه رئيسا فستكون الولايات المتحدة دولة “وفية” لمصر وليست فقط “حليفه”.
وبالفعل يتم اللقاء اليوم لمناقشة ملفات عديدة ومهمة على رأسها مكافحة الإرهاب والمعونة العسكرية والعلاقات الاستراتيجية بين البلدين ، وقضايا السلام و الاستقرار فى الشرق الأوسط و استئناف مفاوضات السلام بين فلسطين وإسرائيل، والتأكيد على أنه لا سبيل لتحقيق السلام بينهم إلا عن طريق حل الدولتين، والتوقف عن عملية الاستيطان التي تعوق الوصول إلى هذا الحل ، و بحث سبل لحل الأزمة السورية والأزمة الليبية .
وقد أوضح السفير ياسر رضا، سفير مصر بالولايات المتحدة الأمريكية أن الزيارة تقوم على خمسة محاور من خلال التواصل مع الإدارة الأمريكية للتعريف بمصر الحديثة وماذا تفعل وما هي همومنا وشرح التحديات التي تواجه البلاد ومشاكلنا الاقتصادية واتفاق صندوق النقد، كما يتم خلال المحور الثاني التواصل مع الكونجرس وما يؤثر سلبا وإيجابا على العلاقات الاقتصادية المصرية الأمريكية.
وتمثل دائرة رجال الأعمال المحور الثالث، ويتم خلاله نقل صورة واضحة عن السوق المصرية وعناصر والاستثمارات التاحة وأن رجال الأعمال الأميركيين مرحب بهم في جميع القطاعات المصرية، و يأتى بعد ذلك المحور الرابع من خلال التواصل مع الإعلام، حيث يلتقي محاورون من شبكة فوكس نيوز الأمريكية، خاصة وأنه لم يحدث تواصل مع الإعلام الأمريكي منذ فترة طويلة، وأخيرا يأتي المحور الخامس والأخير وهي التواصل مع الشخصيات المؤثرة داخل المجتمع الأمريكي.
وقد أعتبر بعض الاقتصاديين المصريين أن زيارة الرئيس للولايات المتحدة سيكون أحد محاورها الأساسية تنمية العلاقات الاقتصادية وجذب المزيد من الاستثمارات من البلد الذي أعلن دعمه لبرنامج الإصلاح الاقتصادي المصري ، وقد أوضح بعض الخبراء و المستثمرين أن إجراءات الإصلاح الاقتصادى ومناخ الاستثمار الحالي سيساهم بشكل كبير فى إقناع المستثمرين اﻷمريكيين بزيادة استثماراتهم فى مصر خاصة بعد تحرير سعر الصرف وبرنامج اﻹصلاح الذى اعتمده صندوق النقد الدولى.
فمن الممكن أن يدفع هذا اللقاء و بقوه حركة التبادل التجارى و الاستثمارات بين البلدين ، بعد أن وصل حجم التبادل التجارى فى عام 2016 إلي 5 مليارات دولار ، وارتفعت الاستثمارات بنسبة 6% عن عام 2015 وبلغت مليارا و 493 مليون دولار مقابل مليار و 405 ملايين دولار خلال عام 2015 ، في حين انخفضت قيمة الواردات المصرية من الولايات المتحدة بنسبة 26% وانخفض العجز في الميزان التجاري بين مصر والولايات المتحدة من 3 مليارات و 347 مليون دولار فى عام 2015 إلي 2 مليار و 13 مليون دولار عام 2016 بنسبة انخفاض بلغت 40 % .
كما تعد مصر أكبر شريك استثماري للولايات المتحدة الأمريكية في القارة الإفريقية وثاني أكبر شريك في الشرق الأوسط بعد الإمارات العربية في عام 2015، حيث بلغت الاستثمارات الأمريكية المباشرة في مصر نحو 33% من إجمالي تلك الاستثمارات في أفريقيا ، وتعد الاستثمارات الأمريكية من أكبر 10 استثمارات أجنبية مباشرة في مصر حيث تبلغ قيمتها نحو 23.7 مليار دولار.
و قد أوضحت بعض الدراسات أن زيادة الصادرات المصرية إلى أمريكا لن تأتى إلا من خلال مجموعة من العوامل، أبرزها إمكانية استخدام مصر بعض بنود برنامج المعونة الأمريكية لزيادة الصادرات إلى أمريكا وقد يتطلب ذلك التفاوض مع الإدارة الأمريكية بهذا الهدف، الاستفادة من التسهيلات الائتمانية التي تقدمها البنوك الأمريكية الخاصة رغم ضخامة حجم هذه التسهيلات.
و لذلك يرى بعض المحللين أن أهمية اللقاء بين السيسى وترامب ترجع إلى أنه فرصة قوية لدفع وتوطيد العلاقات الثنائية بين البلدين و إعادتها إلى مسارها الصحيح ،و أن هذه العلاقات يمكن أن تؤدي إلى تحسن في تبادل المعلومات الاستخباراتية والتعاون الاستراتيجي وإزالة الآثار الناجمة عن المواقف المتعنتة التى اتخدتها الولايات المتحدة الأمريكية تجاه مصر من تعليق للمساعدات العسكرية ، و يرون أن هذه الزيارة هى تنفيذ للتعهدات و الوعود التى وعدها الرئيس ترامب فى حملته الانتخابية فى الوقوف بجانب مصر و التصدى ومحاربة الإرهاب آملين في أن تخرج واشنطن برسالة واضحة بعد انتهاء الزيارة تعلن فيها دعمها و تأييده لمصر في حربها على الإرهاب.
ولكن هل من الممكن أن يحقق هذا اللقاء ما تسعي إلي مصر أم أنها مجرد آمال ، فهل بالفعل سيزيد حجم الاستثمارات فى ظل ما توضحه الملامح النهائية للموازنة العامة المقترحة من قبل الرئيس الأمريكى و التى تقدم بها للكونجرس الأمريكى إذ سيتم تقليص ميزانية وزارة الخارجية بنحو 28%، وهي التي تضطلع بالإشراف علي جميع الشئون الأجنبية، بما فيها المساعدات الخارجية المقدمة إلى الدول الحليفة، وفي مقدمتها مصر.
والجدير بالذكر ان مصر والولايات المتحدة الأمريكية تربطهما علاقات استراتيجية وثيقة لا يمكن تناسيها استمرت على مدى العقود الأربعة الماضية على أساس الدور المؤثر لكل منهما فى كافة القضايا العالمية والإقليمية و الشرق الأوسط والتنسيق والتشاور كان قائما بين الطرفين خاصة فيما يتعلق بالقضية الفلسطينية و الأوضاع فى سوريا والعراق و السودان و إيران ، فضلا عن أكبر قضية تواجه العالم حاليا قضية مكافحة ومواجهة الإرهاب والقضاء عليه .
وقد ساهمت هذه الأهداف والمصالح المتبادلة فى ترسيخ ودعم العلاقات الثنائية مع الولايات المتحدة الأمريكية خلال العقود الثلاثة الأخيرة والتى قامت على أساس الدور المحورى الذي تلعبه مصر لدعم الأمن و السلم بالشرق الأوسط .
ويرجع بدء تاريخ العلاقات الرسمية بين البلدين منذ فتح أول قنصلية للولايات المتحدة فى مصر عام 1832 و حتى الآن وقد تأرجحت هذه العلاقات بيم التعاون والصراع عبر السنين وقد وصلت العلاقات قمتها الصراعية عام 1967 حين اتخذت مصر قرارا بقطع العلاقات السياسية مع الولايات المتحدة وعادت بعد ذلك وتحسنت كثيرا فى الفترة التى شهدتها السنوات الأخيرة من حكم السادات وخلال فى سنوات قليلة استطاعت مصر أن تطور علاقات خاصة مع الولايات المتحدة ومنذ عام 1978 أصبحت الولايات المتحدة بمثابة الشريك الأساسى فى العلاقات المصرية الأسرائيلية و المصدر الرئيسى للتمويل العسكرى و أكبر مانح للمساعدات الاقتصادية.
وقد بدأت العلاقات العسكرية بين مصر والولايات المتحدة الأمريكية منذ عام 1976 و ما لبثت أن تتطور حتى أصبحت مصر تحتل المركز الثانى فى قائمة الدول التى تتلقى معونات عسكرية أمريكية بعد التوصل لاتفاق بين البلدين يتم بمقتضاه تنفيذ خطة تطوير القوات المسلحة المصرية.
واستمراراً لهذه العلاقات بدأت منذ عام 1994 المناورات العسكرية الأمريكية المشتركة المعروفة باسم “النجم الساطع” حيث جرت أكثر من مناورة شاركت فيها قوات عسكرية من الجانبين، استهدفت التدريب علي العمليات الهجومية والدفاعية الليلية والنهارية وتدريب القوات الأمريكية علي العمليات القتالية في الظروف الصحراوية في الشرق الأوسط.
المصدر : أ ش أ