مع بداية أول يوم لزيارة الرئيس عبد الفتاح السيسي لواشنطن والتى تعد الأولي له منذ تولي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب والأولي لرئيس مصري منذ قرابة 10 سنوات حيث لم تهبط طائرة الرئاسة المصرية في مطار أمريكي كزيارة رسمية للقاء الرئيس الأمريكي، غير أنه ليس اللقاء الأول بين الرئيسي السيسي وترامب حيث التقيا فى سبتمبر الماضى خلال اجتماع الجمعية العامة فى نيويورك وكان حينها ترامب مرشحا للرئاسة الأمريكية…وحينها ظهر الاهتمام الأمريكي بالرئيس السيسي حيث وجدت الكيمياء السياسية طريقها بين الطرفين.
الزيارة تأخذ الاهتمام السياسي والاعلامي كونها تأتي في وقت يشهد فيه العالم متغيرات جذرية هنا وهناك وملفات عدة مفتوحة علي مصراعيها وقضايا شائكة ربما استمرار وجودها بالشكل الحالي يؤدي إلي مزيد من الانفجار في الأوضاع…كما أن زيارة بهذا الحجم وتأتي لتلبية لدعوة رسمية بعد أقل من 100 يوم من تولي رئيس جديد للإدارة الأمريكية تجعلها محل أنظار واهتمام كل من يراقب ويشاهد الوضع العالمي…ومن هنا جاءت هذه الزيارة لتضع النقاط علي الحروف في مسائل عدة.
“سنوات عجاف…وصفحة جديدة من العلاقات”
هكذا كان رأي السفير محمد حجازي مساعد وزير الخارجية الأسبق، في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط تعلقيا علي زيارة الرئيس السيسي لواشنطن، مؤكدا أن هذه الزيارة ستكون تدشينا لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقات المصرية الأمريكية والتي تتميز بالعمق والاستراتيجية.
وأشار السفير حجازي إلي أن دعوة الرئيس ترامب للرئيس السيسي لزيارة واشنطن في مستهل مشواره الرئاسي كرئيس لأكبر دولة في العالم لم تأت من فراغ، موضحا أن الرئيس ترامب يعي جيدا دور مصر المحوري في المنطقة والعالم العربي كونها أكبر دولة عربية وبها الأزهر الشريف قبلة المسلمين في بقاع الأرض كافة.
السفير حجازي وبحكم خبراته الدبلوماسية لفت إلي أن هذه الزيارة تعد نجاحا دبلوماسيا لمصر وقيادتها وإدراكا من قبل الإدارة الأمريكية الجديدة بقيادة ترامب بأن مصر تعد هي الحائط الصخر لمحاربة الإرهاب ومفتاح الحل للعديد من القضايا الإقليمية والعربية الشائكة وعلي رأسها القضية الفلسطينية والسورية، مشيرا إلي أن الزيارة تأتي بعد أيام قليلة من القمة العربية التي عقدت في الأردن والتى حملت الرئيس السيسي رسالة إلي الرئيس ترامب بأن حل القضية الفلسطينية وإنهاء الاحتلال سيكون ذلك بمحل بداية حقيقة لإنهاء العديد من الأزمات العربية والدولية وفي مقدمتها الإرهاب الذي بات يهدد الجميع.
مكافحة الإرهاب
الملفات عدة التي يتمحور فيها نقاش الرئيس السيسي مع المسئولين الأمريكيين وخصوصا الرئيس ترامب وأن كانت الأزمات السياسية هي علي جدول أعمال أي قمة بين زعيمين كبيرين بحجم السيسي وترامب، إلا أن ما يميز قمة القاهرة وواشنطن هي مكافحة الإرهاب والذي تقوم به مصر نيابة عن الأمة في المنطقة عبر محاربة الإرهاب في سيناء وغيرها في مناطق مصر..
وفي هذا السياق ، رأي العميد محمد نبيل الخبير العسكري والإستراتيجي أن الملف الأمني والعسكري يعد من أهم الملفات المطروحة علي طاولة المفاوضات الأمريكية المصرية وخصوصا في ظل رغبة مشتركة وقوية وفهم كبير من قبل الجانبين لمخاطر الإرهاب حيث يؤمن الرئيس السيسي بأن الإرهاب لا يعرف وطنا ولا يوجد دولة بعيدة عن مخاطره وهو ما يشاركه فيه الرئيس ترامب والذي أعلنه منذ توليه مهام أكبر دولة في العالم من الناحية العسكرية والأمنية.
العميد نبيل أشار إلي أن مصر لديها استراتيجية واضحة في مكافحة الإرهاب، متوقعا أن يعرضها الرئيس السيسي علي نظيره الأمريكي للتشاور فيها والتأكيد عليها، لافتا إلي أن الإدارة الأمريكية الجديدة لديها إدراك منقطع النظير في أهمية دور مصر العسكري والأمني فى المنطقة.
وتوقع أن تكون المعونة العسكرية ومساندة مصر وجيشها ضد الإرهاب ستكون محور قرارات ترامب خلال زيارة الرئيس السيسي لواشنطن وخصوصا في ظل التحديات الأمنية والعسكرية التى توجد في معظم البلدان العربية والأوروبية، لافتا إلي أن مصر بقيادة الرئيس السيسي وجيشها الباسل استطاعت أن ترسل الرسالة إلي الجماعات الإرهابية بأنه لا مكان لهم بين المسلمين.
وإذا كانت التحديات السياسية والقضايا الإقليمية والنزاعات المنتشرة في ربوع العالم العربي محل اهتمام مشترك بين الرئيس السيسي والرئيس ترامب خلال اللقاء المقرر بينهما غدا في البيت الأبيض، وكذلك الاستراتيجيات العسكرية والأمنية ، فإن التحديات الاقتصادية لا تقل خطورة عن التحديات السياسية والعسكرية…ومن حسن الطالع أن الرئيس ترامب هو رجل اقتصاد في المقام الأول ولديه رؤية تقوم علي ضرورة الانفتاح وإعادة إدارة العملية الاقتصادية بفكر جديد سواء الأمر بالنسبة لأمريكا أو غيرها من البلدان ومن هنا تتركز زيارة الرئيس السيسي ومباحثاته مع المسئولين الأمريكان حول القضايا الاقتصادية وإمكانية الاستفادة المشتركة بين القاهرة وواشنطن…وهو ما أكده عضو لجنة منازعات الاستثمار بغرفة التجارة الأمريكية بالقاهرة الدكتور خالد أبوبكر مقلد والذي قال في تصريح لـوكالة انباء الشرق الاوسط إن مصر الملاذ الأمن للاقتصاد الأمريكي للتغلب علي منافسه الاقتصاد الصيني، موضحا أن مصر تعد محطة انطلاق للاتحاد الأوربي والدول الأوربية في ظل عدم الاستقرار الاقتصادي والسياسي الذي يضرب العلاقات الأمريكية الأوروبية خلال المرحلة الراهنة.
ولفت مقلد إلي أن الاستثمارات الأمريكية فى مصر مهمة مع سعى القاهرة لجذب مزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، مستشهدا باجتماع وزيرة الاستثمار سحر نصر مع غرفة التجارة الأمريكية الذى شهد أجواء تفاؤل بزيادة الاستثمارات الأمريكية فى مصر خلال المرحلة المقبلة.
أشار إلي أن الوفد المصري الاقتصادي المصاحب للرئيس السيسي خلال الزيارة يضع في جعبته أطروحات استثمارات بالعاصمة الإدارية وأخري بمنطقه تنمية محور قناة السويس وغيرها من فرص الاستثمار في مصر وخصوصا في ظل قانون الاستثمار الجديد الذي يسعي الرئيس السيسي والحكومة أن يكون محط أنظار المستثمرين في العالم وليس أمريكا وحدها.
وفي ظل كل هذه التحديات والآمال المتوقعة تكتسب زيارة الرئيس السيسي لواشطن أهمية بالغة في عيون الشعب المصري والمراقبين الدوليين وسط أجواء تؤكد أن القيادة المصرية تعمل جاهدة علي استغلال الإدارة الأمريكية الجديدة ووجود كيمياء سياسية بين الزعيمين السيسي وترامب في أن تحقق المزيد من التنسيقات السياسية والمحاور العسكرية والصفقات الاقتصادية لتعود بالنفع علي المواطن البسيط.