“أنا مصري، وأشجع الأهلي.. أنا إسكندراني، وأشجع الزمالك.. أنا في تشاد وباقي عائلتي في مصر”، هذه العبارات تسمعها كثيرا في تشاد، سواء في العاصمة انجمينا، أو أي منطقة تذهب إليها في محافظات البلاد الـ23، وفي دوائر أحياء العاصمة العشر ومقرات الوزارات والهيئات تجد على رأس المكان مسئولا درس في مصر وأقام فيها ويتحدث العربية بطلاقة، في صورة تمثل أبهى عناصر القوة الناعمة التي لا يتوقف أثرها عند حدود الكلام والمجاملات والود، بينما يتجاوز كل ذلك إلى خطوات حقيقية هدفها توسيع نطاقات التعاون ودعم القائم منها إلى أقصى درجة.
ويقول رئيس “رابطة خريجي مصر في تشاد” ميكائيل شبكه عثمان إن عدد الخريجين أعضاء الرابطة يتجاوز آلاف الأشخاص، من مختلف التخصصات والجامعات والمعاهد المصرية، من بينهم من أكمل مراحل تعليمه في مصر بعد بدايتها في دولة أخرى، حيث أن أغلب الدراسات الجامعية تأتي كمنح مجانية، بينما تكون الدراسات العليا على نفقتهم الخاصة، ويطمحون في زيادة عدد المنح في هذا الإطار.
ويضيف عثمان – وهو خريج تجارة عين شمس – أن هناك العشرات من هؤلاء الخريجين يتبوأون مناصبا عليا في دولة تشاد منهم الدكتور أحمد جدة وهو نائب الأمين العام لرئاسة الجمهورية، والدكتور عبد الرحيم يونس الذي تبوأ عدة مناصب وزارية منها “التربية والسياحة وحاليا الثروة الحيوانية”، وهو رئيس “حزب الوسط” أحد الأحزاب المتحالفة مع الحركة الوطنية للانقاذ بقيادة الرئيس إدريس ديبي، وعبد القادر التيجاني وهو أمين عام وزارة الزراعة.
وأشار عثمان إلى أن خريجي الجامعات المصرية يحتلون مناصب أخرى قيادية مثل جبريل محمد آدم نائب مدير الإعلام برئاسة الجمهورية، والمهندس فيصل حسين مدير الضرائب، بالإضافة إلى الملحق الثقافي بالسعودية مختار قمر السليك وهو خريج جامعة الأزهر، وكذلك آدم موسى مسئول البنية التحتية بالهيئة الوطنية للسياحة وهو خريج جامعة الأزهر أيضا، وأحمد آدم نائب رئيس القسم العربي بالتليفزيون الوطني التشادي.
وينتشر خريجو الجامعات المصرية في كل مفاصل الدولة سواء في الإعلام أو الطب أو التجارة أو الاستثمار، كما يتولى الكثيرون مناصب كبيرة في الأجهزة الأمنية والعسكرية، ومنهم الطيار حسن سوقو الطيار الخاص للرئيس التشادي، بالإضافة إلى من يتبوأ مناصب عمداء كليات ورؤساء أقسام بالجامعات، فيما تولى كثيرون مناصب وزارية سابقة مثل حسن تيراب الذي تولى أكثر من وزارة في حكومات متعاقبة، وكذلك الدكتور عبد الرحمن الماحي الذي تولى رئاسة جامعة فيصل في العاصمة انجمينا.
وتقول الإعلامية زنوبة حميدة يونس السكرتيرة الثقافية برابطة خريجي مصر، إن الرابطة تسعى لدعم أواصر التعاون واستمرار مد الجسور بين من شرب من مياه النيل وهبة النيل مصر، موضحة أن المجال التشادي مفتوح على كل الاتجاهات الثقافية والاستثمارية والاجتماعية أيضا، حيث تحتل مصر مكانا بارزا في العقلية والنفسية التشادية، ولذلك فإن أي منتج مصري يجد طريقه سريعا إلى البيت التشادي، وكذلك فإن أي تسهيلات يمكن تقديمها لتكريس الوجود المصري متاحة في أي وقت.
وأشارت إلى أن العمل يجري على قدم وساق لترتيب صيغة للتعاون بين اتحاد طلاب مصر ورابطة خريجي الجامعات المصرية، بالإضافة إلى مساعي حثيثة لتنظيم معرض للمنتجات المصرية، ناهيك عن ضرورة تأسيس مركز ثقافي مصري يعزز من القيم الحضارية ويساعد على التقريب بين الشباب في البلدين الشقيقين.
ويقول عبد القادر تيجاني وهو الرجل الثاني بوزارة الزراعة التشادية إلى انجمينا إن لمصر حق على كل تشادي تعلم في مدارسها وجامعاتها، مؤكدا أن الشركات المصرية سواء كانت خاصة أو حكومية تحظى بمميزات كبيرة، كما تقدم لها كل التسهيلات، وأن هناك توجها مركزيا من الدولة التشادية نحو تعظيم التعاون مع مصر في كافة المجالات، ويسهم في ذلك الروابط الإنسانية بين الشعبين.
ومن جانبه يقول الدكتور أحمد حسن الذي درس بطب القصر العيني، وأقام بمصر لمدة 10 سنوات أن حقوق مصر كثيرة في رقبة التشاديين، وأنه يسخر معظم وقته في العاصمة انجمينا لتقديم أي عون سواء للبعثة الرسمية المصرية، أو أي مستثمر مصري يفكر في القدوم إلى تشاد.
ويقول هيكل زكريا الذي يشغل منصب مدير عام الهيئة الوطنية للسياحة، أن مصر حاضرة في الثقافة والعقل الجمعي التشادي، والحضارة المصرية والثقافة والفنون يحتلون مكانة كبرى في قلوب التشاديين، ولأن هذا الأمر ليس وليد اللحظة الحالية، أو اعتمادا على التقارب مع مصر في ظل قيادة الزعيمين السيسي وديبى، وإنما تمتد تلك الحالة منذ القدم، ودعمها حضور الزعيم الراحل جمال عبد الناصر.
ونوه إلى أنه ليس أدل على هذا الحضور من كون اسمه “هيكل” كان تيمنا بالكاتب الكبير الراحل محمد حسنين هيكل، حيث كان والده مولعا بمصر وبعبد الناصر وهيكل، معربا عن أمله في تعاون يرقى لمستوى هذا الحضور في كافة المجالات خاصة مجال السياحة، الذي تتفوق فيه مصر بخبرات عالية، تحتاج إليها تشاد للترويج لأثارها التي تمتد لعصور الفراعنة، وتنتشر النقوش المدللة على ذلك.
فيما يقول علي إبراهيم الوزير المفوض بوزارة الخارجية التشادية، إن مصر حاضرة بقلوب التشاديين، ومن لم يكمل دراسته بمصر يذهب للعلاج أو التجارة، ولا يمكن أبدا أن يقبل أي تشادي إلا أن تكون مصر حاضرة في كل المجالات.
أ ش أ