بدو أن تركيا مقبلة على عاصفة من المواجهات مع الاتحاد الأوروبي، ومن المؤكد أن تؤثر على العلاقات الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية بين أنقرة والكيان التي طالما كانت تسعى إلى الانضمام إليه.
ففي الأونة الأخيرة شهدت حالة من الشد والجذب بين الجانبين خاصة عقب الانقلاب الفاشل في 15 يوليو 2016 واتهام تركيا بتقييد الحريات واعتقال الكثير من المعارضين، مما دفع السلطات في أنقرة عدة مرات الدفاع عن حقوقها في حماية الدولة، وتؤكد أن ما يحدث هو شأن داخلي لا يستدعي تدخلا خارجيا من أحد.
ولكن المواجهات اتخذت منحنى أخر في الأيام الأخيرة على خلفية منع مسؤولين أتراك من دخول عدد من الدول الأوروبية، حيث اتسعت الأزمة بين تركيا وهولندا عقب منع الأخيرة وزيرين تركيين من دخول أراضيها بشأن عقد تجمعات سياسية لحشد تأييد الجاليات التركية للتحول نحو النظام الرئاسي في إطار الاستفتاء المقرر بتركيا في 16 أبريل القادم، الأمر الذي دفع الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بتوجيه تهديد شديدة اللهجة لهولندا، متوعدا إياها بدفع ثمن باهظ لإضرارها بالعلاقات مع تركيا، كما طالب المنظمات الدولية بفرض عقوبات عليها، وانتقد عدم اتخاذ الاتحاد الأوروبي موقفا من منع طائرة وزير الخارجية مولود جاويش أوغلو من الهبوط في مطار روتردام، ومنع وزيرة شؤون المرأة فاطمة بتول من دخول قنصلية بلادها في المدينة ذاتها.
وقوبلت هذه الاتهامات التركية من الجانب الهولندي بالانتقادات، حيث أكد رئيس الوزراء الهولندي ماركي روتي أن بلاده لا تخضع للتهديد وأن على أنقرة الاعتذار عن اتهام بلاده بالنازية والفاشية، مضيفا أن بلاده سترد في حال تمادت تركيا في نهجها الحالي، كما حملت بلاده السلطات التركية مسؤولية سلامة دبلوماسييها، وذلك بعد مظاهرات أمام القنصلية الهولندية في اسطنبول.
وقد لقي موقف الحكومة الهولندية دعما من أحزاب سياسية من ضمنها حزب الحرية اليميني المتطرف بزعامة خيرت فيلدرز الذي هدد في حال فوزه في الانتخابات التشريعية بإجراءات صارمة تجاه المهاجرين تشمل منع ازدواج الجنسية.
ولم تقتصر الأزمات على هولندا فقط، فقد طالت دولا أخرى أيضا حيث منعت الشرطة الألمانية تجمعا مؤيدا لرئيس النظام التركي رجب أردوغان كان من المقرر إقامته في مدينة هامبورج شمال ألمانيا بمشاركة وزير خارجيته مولود جاويش أوغلو بحجة وجود ثغرات في نظام الحماية من الحرائق في مكان استضافته.
كما حظرت سلطات مدينة غاغناو الألمانية مهرجانا كان من المقرر أن يلقي فيه وزير العدل التركي بكير بوزداج كلمة موجهة للأتراك الذين يعيشون في هذه المدينة في إطار حملة لحشد تأييد للتعديل الدستوري الذي يحاول أردوغان فرضه في تركيا لإعطائه مزيدا من الصلاحيات.
في ظل هذا الصراع الناشب بين تركيا والاتحاد الأوروبي هل من الممكن أن يحتوي أرودغان الأزمة التي صنعها أم سيواصل التصعيد ويستمر في غطرسته التي ستكلف بلاده خسارة العلاقات مع أوروبا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)