بالفيديو.. أبو الغيط: الصورة الإجمالية للوضع العربي تشير إلى أن منطقتنا في عين العاصفة
قال الأمين العام لجامعة الدول العربية أحمد أبو الغيط، إن الصورة الإجمالية للوضع العربي تُشير إلى أن منطقتنا لا زالت في عين العاصفة، فالاضطرابات تضرب بعض بُلداننـا والأزمات بعضها مُستحكم وبعضها تفاقم وبعضها يُراوح مكانه.. ومحاولات الحل تتواصل، ولكن من دون نتائج حاسمة أو تسويات دائمة.
أضاف أبو الغيط – في كلمته أمام أعمال الدورة ١٤٧ لمجلس الجامعة على المستوى الوزاري اليوم الثلاثاء – أن الإرهاب يضرب دولنا ويُهدد مواطنينا.. العلاقة بين العالم العربي ومُحيطه القريب تُعاني توتراتٍ نعرفها جميعاً ونُعاني منها.. الوضع العالمي يموج بمُتغيرات متُسارعة، بعضها ينطوي على مخاطر مُحتملة على منطقتنا العربية.
واستعرض أبو الغيط بعض العناوين للقضايا المعروضة على المجلس قائلا: “ما زالت المأساة السورية جرحاً نازفاً في قلب الأمة العربية.. أوضاع النازحين والمُحاصرين داخل المُدن واللاجئين في دول الجوار وغيرها تُدمي قلوبنا جميعاً”.
وأكد أن وقف إطلاق النار الذي تم تثبيته في محادثات الآستانة هو خطوة إيجابية لوقف نزيف الدم.. ونرجو أن يجري الالتزام به وألا تؤدي الخروقات إلى تقويضه.. على أن التوصل إلى وقف القتال لن يؤدي بذاته إلى استقرار الوضع السوري.. فلا بديل عن تسوية سياسية للحرب الدائرة تُلبي طموحات الشعب، وتأخذ في الاعتبار وحدة سوريا وتكاملها الإقليمي.
وأضاف أن المأمول هو أن تستمر المحادثات الجارية بين الحكومة والمعارضة برعاية الأمم المتحدة، وصولاً إلى التسوية المنشودة.. ونسجل في هذا الخصوص قلقنا وانزعاجنا حيال الغياب العربي شبه الكامل عن تسوية الأزمة السورية، في مقابل الحضور اللافت لقوى إقليمية ودولية بعضها لا يأخذ المصالح العربية بعين الاعتبار.
وعلى صعيد الأزمتين اليمنية والليبية، قال “إننا نلمس تحركات دبلوماسية وجهوداً من أجل حلحلة هذه الأزمات حقناً للدماء العربية، وصوناً لتماسك نسيج الأوطان والدول.. ومن المُهم تكثيف الجهود الجارية وتعزيزها، وصولاً إلى تسوية هذه الأزمات الخطيرة.. ويتعين على الدبلوماسية العربية أن تعمل بالتضافر مع الجهود الأممية وغيرها”.
ونوه في هذا الإطار بتحرك الجامعة العربية على صعيد تسوية الأزمة الليبية من خلال الترويكا التي تجمعها بكل من الأمم المتحدة والاتحاد الافريقي.. والتي من المنتظر ضم الاتحاد الأوروبي إليها حتى تتوحد جهود كل الأطراف التي لديها مصلحة في إنهاء الأزمة الليبية.
وتحدث أبو الغيط عن القضية الفلسطينية فقال أنها “تظل في مكانها في قلب الهموم العربية.. وليس خافياً أن الفلسطينيين والعرب لم يعد لديهم شريكٌ على الطرف الآخر.. فالحكومة الإسرائيلية أسيرة بالكامل لتيارات اليمين المتطرف وجماعات الاستيطان، وهدفها المُعلن هو تقويض حل الدولتين عبر فرض أمر واقع استيطاني خارج عن الشرعية والقانون يحول دون إقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة، المتواصلة الأطراف على حدود 1967”.
أكد “أننا نتمسك بصيغة الدولتين كحل وحيد للقضية الفلسطينية، وبالمبادرة العربية كخارطة طريق للوصول إلى سلام شامل في المنطقة وأن الالتفاف على حل الدولتين مضيعة للوقت، ومحاولات العبث بالمبادرة العربية أو تبديل أولوياتها ليست مقبولة عربياً، ولن تمُر”.
وذكر “إننا نرصد تصاعد الإجماع الدولي المؤيد لحل الدولتين والرافض لسياسات الاستيطان.. ويتعين علينا السعي من أجل البناء على هذا الاجماع، وكسب المزيد من المواقف الدولية المؤيدة والمساندة.. ونأمل أن يكون موقف الإدارة الأمريكية الجديدة، بما أعلنته من رغبة صادقة في مساعدة الطرفين في الوصول إلى حل للصراع، مُنسجماً مع هذا الاجماع الدولي وداعماً له”.
وأشار أبو الغيط إلى أن “الإرهاب لا يزال يضرب منطقتنا بلا هوادة.. وقد صار واضحا ًلدينا جميعا أن المعركة معه طويلة، وأن قطع أحد أذرعه لا يعني القضاء عليه أو اجتثاثه، فلا يلبث أن يُطل بوجهه القبيح في مكان آخر”.
وقال “إننا ننحني احتراماً لكل التضحيات التي تُبذل في ربوع العالم العربي كافة من أجل درء هذا الخطر عن مُجتمعاتنا.. ومطلوبٌ منّا صوغ استراتيجية شاملة لتحصين العالم العربي، ليس فقط من الزاوية الأمنية، وإنما أيضاً من الناحيتين الفكرية والثقافية.. وأقول بكل وضوح إن هذه الاستراتيجية الشاملة التي ننشدها لا يُمكن صياغتها وتنفيذها إلا في إطار عربي جماعي، ومن خلال أُطر للتعاون مع مُختلف القوى العالمية التي يُهددها الإرهاب.. وهنأ أبو الغيط العراق على انتصاراته المتواصلة على تنظيم داعش الإرهابي وتطهير أراضيه من جرائمه”.
وأضاف قائلا “إن المنطقة العربية تحتاج كذلك لاستراتيجية جماعية للتعامل مع دول الجوار الإقليمي.. ما زال بعض هذه الدول يُمعن في تدخله في الشئون الداخلية للدول العربية ويوظف الطائفية كأداة فعالة لهذا التدخل..اليدُ العربية ما زالت ممدودة لعلاقة قوامها حسن الجوار واحترام السيادة والابتعاد عن التدخل في الشئون الداخلية… وعلى الأطراف الإقليمية أن تُدرك أن توتير العلاقة مع المُحيط العربي سيجلب الخسارة للإقليم”.
وأشار إلى أنه في ظل التطورات التي يشهدها الملف النووي في منطقة الشرق الأوسط، كان من الضروري إعادة تقييم ومراجعة مجمل السياسات العربية في مجال ضبط التسلح وعدم الانتشار ونزع السلاح ومواصلة الجهود العربية للتوصل إلى إبرام معاهدة لإنشاء منطقة خالية من الأسلحة النووية وغيرها من أسلحة الدمار الشامل بالشرق الأوسط على غِرار ما تم في بعض المناطق من العالم.
وذكر أن “العمل العربي المُشترك، مازال وللأسف، بعيداً عن دائرة اهتمام المواطن العادي.. ويحدوني الأملُ في أن تتمكن القمة العربية القادمة في عمان من تحريك المياه الراكدة في هذا المجال عبر استراتيجية إعلامية فعّالة تنجح في اجتذاب اهتمام الشعوب، وبخاصة فئات الشباب”.
وقال “لقد رأينا بشائر هذه الاستراتيجية بالفعل في المرحلة الجارية التي تشهد الإعداد للقمة”، مؤكدا أن العمل العربي المُشترك يفقد الكثير من قيمته إن ظل بعيداً عن أعين الجمهور واهتمامه.. والإعلام، بكل فروعه، التقليدي منها وغير التقليدي، ساحة حقيقية لكسب العقول والقلوب لا يصح أن نتركها أو نتراجع عنها، ونسمح لقوى التطرف والتخريب بالتمدد فيها.
وأشار إلى أن “تحدي النمو الاقتصادي والتنمية المُستدامة يقع في القلب من أولوياتنا.. وثمة حاجة ماسة لمُبادرات تلمس الإنسان العربي وقضاياه الحياتية.. هناك برامج كثيرة يجري تنفيذها ولكن من دون صدى كبير على صعيد الرأي العام”.
وأكد حرص جامعة الدول العربية من خلال منظومتها على الاهتمام بالقضايا الحيوية التي تهم المواطن العربي والمساهمة في تحسين نمط حياته سواء كان ذلك على المستوى الاقتصادي أو السياسي أو الاجتماعي أو الأمني والدفع نحو تكريس الحكم الرشيد، ويدخل في هذا المجال التقارير المُقدمة إلى الدول الأعضاء عن حالة حقوق الإنسان في المنطقة العربية ومساهمة الجامعة ببعثاتٍ في مراقبة الانتخابات الرئاسية والتشريعية التي تُجرى في الدول العربية وتقديم ملاحظاتها بكل حيادية وشفافية.
وشدد على أن “سياسة الانفتاح على العالم الخارجي التي تنتهجها جامعة الدول العربية من أجل بناء شراكات اقتصادية وتنموية مشتركة وتشاور سياسي مع مختلف التكتلات والتجمعات الإقليمية والدولية، أصبحت إحدى سمات العمل العربي المشترك.. وقد شهدت الستة أشهر الماضية عدداً من المُنتديات التي جرى عقدُها من أهمها القمة العربية الافريقية في غينيا، والاجتماع الوزاري العربي الأوروبي المُشترك بمقر الأمانة، فضلاً عن منتدى التعاون العربي الروسي بأبوظبي، ومنتدى التعاون العربي الهندي في مسقط. وهذه التحركات كلها تعزز، ولا شك، من تواجدنا على الساحة الدولية.. وتعزز من علاقاتنا مع تكتلات دولية كُبرى وقوى لها شأنها في النظام العالمي”.
وأوضح إن “مُحاولات تطوير أعمال ونشاطات الجامعة العربية لا زالت تسعى لتحقيق الأهداف المطلوبة.. وهي وإن لم تُحقق حتى الآن التوافق المنشود، إلا أنني سوف أستمر في العمل بكل هِمة وتفانٍ من أجل تحقيق هذا التطوير، ومن خلال التوافق الذي يُحقق المصلحة العربية، والأهداف السامية للعمل العربي المُشترك كما تجسده الجامعة العربية، معربا عن الأمل في أن تُكلل أعمال المجلس بالنجاح والتوفيق”.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)