ما زالت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب متشبتة بموقفها القاضي بفرض حظر على المهاجرين القادمين من سبع دول من الشرق الأوسط رغم خروج مظاهرات حاشدة وصدور حكم قضائي ضده.
وقال ترامب في بيان صادر عن مكتبه إن تأشيرات الدخول ستُمنح مرة أخرى لمواطني الدول السبع التي شملها القرار، حالما يتم تفعيل “سياسات الأمن القصوى”، نافيا أن يكون الحظر موجها ضد المسلمين.
ولاقى قراره استنكارا واسعا في أنحاء مختلفة من العالم، فيما قال ستة عشر مدعيا عاما إنه غير دستوري، وقرر كثير من القضاة في الولايات المتحدة تعليق ترحيل حاملي تأشيرات الدخول.
ووقع ترامب في يوم الجمعة الماضي أمرا تنفيذيا يقضي بوقف كامل للبرنامج الأمريكي الخاص باستقبال اللاجئين لمدة أربعة أشهر، ووقف قبول اللاجئين السوريين حتى إشعار آخر.
واحتجز كذلك أولئك الذين كانوا في منتصف رحلاتهم إلى الولايات المتحدة لدى وصولهم، بما فيهم الذين يحملون تأشيرة دخول سليمة أو غيرها من تصاريح الهجرة.
ولم يُعرف عدد الأشخاص الذين أبعدوا في المطارات الموجودة خارج الولايات المتحدة عند محاولتهم السفر إليها.
وتظاهر الآلاف في المطارات في أنحاء الولايات المتحدة، السبت، من بينهم محامون عرضوا تقديم خدماتهم القانونية مجانا للمتضررين.
وخرجت تظاهرات أخرى، الأحد، من بينها تظاهرات أمام البيت الأبيض وأمام برج ترامب التجاري في نيويورك.
من هم الذي طالهم الحظر؟
بالاضافة إلى الحظر الذي فُرض على اللاجئين، لا يُسمح للمسافرين الذين يحملون جنسية إيران والعراق وليبيا والصومال والسودان وسوريا واليمن أو جنسية مزدوجة من دخول الولايات المتحدة.
ويشمل هذا مزدوجي الجنسية للدول الحليفة، من بينهم بريطانيا، على الرغم من أن كندا أُبلغت بأن مزدوجي الجنسية من مواطنيها لا يشملهم القرار.
ويلف الموضوع كثير من الغموض.
وأصدرت وزارة الخارجية البريطانية بيانا قالت فيه إن أصحاب الجنسيات المزدوجة فقط الذين يسافرون من إحدى الدول السبع المدرجة في قائمة الحظر هم من سيتعرضون لإجراءات فحص إضافية، فيما لا يشمل القرار أولئك المسافرين بين المملكة المتحدة والولايات الوتحدة.
ومع ذلك، لم تتمكن طالبة أسكتلندية في كلية الطب البيطري، كانت مسافرة بجواز سفر إيراني، من الذهاب إلى بلدها بعد قضاء إجازتها في كوستاريكا بسبب إبلاغها بأن تأشيرة مرورها الأمريكية لم تعد صالحة.
وقال كبير موظفي البيت الأبيض، راينس بريبوس، إن حاملي البطاقات الخضراء (الإقامة الدائمة)، وهم مقيمون شرعيون، لن يطالهم القرار، لكن بعضهم احتجز منذ بدء سريان مفعوله.
ما الذي يقوله البيت الأبيض؟
وقال ترامب على حسابه بموقع تويتر إن الولايات المتحدة بحاجة إلى “تدقيق صارم، الآن”، لكنه حاول في وقت لاحق في بيان له بعث تطميناته قائلا “هذا لا يتعلق بالدين، إنه يتعلق بالإرهاب، والحفاظ على أمن بلدنا”.
وتابع: “سنصدر مرة أخرى التأشيرات لجميع دول العالم عندما نتأكد من أننا راجعنا أكثر السياسات أمنًا على مدار التسعين يوما المقبلة”.
ورفض بريبوس وصف المعارضين تطبيق القرار بأنه فوضوي، وقال إن 109 أشخاص فقط من إجمالي 325 ألف مسافر هم من اعتقلوا، وإن “معظم أولئك أطلق سراحهم”.
وأضاف “لدنيا 24 شخصا محتجزا، وأعتقد بأن ما دام أنهم ليسوا سيئون فسيمضوا في طريقهم قبل مرور 12 ساعة اليوم”.
لكنهم فشلوا في تبديد المخاوف داخل حزبهم الجمهوري، إذ قال النائب الجمهوري الذي يشغل منصب رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ، السيناتور بوب كوركر، إن القرار التنفيذي “أسيء تطبيقه”، لا سيما مع حاملي البطاقات الخضراء، ويتعين على الإدارة الأمريكية إجراء مراجعات مناسبة.
وقال زعيم الأقلية الديمقراطية، تشاك شومر، إن الولايات المتحدة الآن بدت “أقل إنسانية وأقل أمنا، وأقل اتساقا مع قيم أمريكا” وقال إن الديمقراطيين سيتقدمون بتشريع لإلغاء القرار”.
وفي بيان مشترك، قال 16 مدعيا عاما في ولايات أمريكية من بينها نيويورك وبنسلفانيا، إنهم “سيستخدمون كل الوسائل المتاحة من واقع مناصبهم لمواجهة هذا القرار غير الدستوري، وحتى إلغائه، “سيعملون على التأكد من أن أقل عدد ممكن يتأثرون من هذا الوضع الفوضوي الذي خلفه القرار”.
سياتلوفي وقت لاحق من يوم السبت، أصدرت القاضية الفيدرالية في نيويورك، آن دونلي، حكما يقضي بعدم ترحيل المسافرين القادمين الذين قُبلت طلبات لجوئهم، وحاملي التأشيرات السليمة وغيرهم… ممن صُرح لهم بدخول الولايات المتحدة”.
وكانت دونلي تنظر في قضية رفعت بالنيابة عن شخصين عراقيين تربطهما علاقة بالجيش الأمريكي كانا قد اعتقلا في مطار جون إف كنيدي في نيويورك، وأطلق سراحهما بعد ذلك.
وقالت وزارة الأمن الداخلي الأمريكية إنها ستواصل تطبيق الإجراءات، فيما تزايدت الانتقادات الموجهة لقرار ترامب بقوة خارج الولايات المتحدة.
وأعنلت كندا على لسان وزير الهجرة فيها أنها ستمنح أولئك العالقين بسبب القرار الأمريكي إقامات مؤقتة. وقال رئيس الوزراء الكندي، جاستن ترودو، على حسابه في موقع تويتر، إن كندا ترحب “بالفارين من الاضطهاد والإرهاب والحرب.”
وهددت إيران بفرض حظر مماثل على دخول المواطنين الأمريكيين إلى بلادها، كما صدرت تصريحات مشابهة من العراق.
وقالت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل إنه “حتى إذا دعت الضرورة لذلك، لا تبرر الحرب الدائرة ضد الإرهاب وضع الناس الذين ينتمون لأصل أو معتقد بعينه في دائرة الشبهة”
وقال متحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، إن ماي لا توافق على هذه القيود، وكتب المرشح المستقل في الانتخابات الرئاسية الفرنسية، إيمانويل ماركو، على حسابه في موقع تويتر “أقف بجانب أولئك الفارين من الحروب والاضطهاد”.
في المقابل، شكر رئيس الوزراء الأسترالي، مالكولم تيرنبول، الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بعد أن أكد أن الولايات المتحدة ستدعم اتفاقها مع أستراليا بشأن استضافة اللاجئين المعرضين للخطر والمحتجزين في مراكز اعتقال على السواحل الأسترالية في بابوا غينيا الجديدة وناورو.
المصدر : وكالات