صحيفة: عندما يتحول الوقت المخصص لكل متحدث إلى خلاف لن يخرج المؤتمر بنتيجة مرجوة ما زالت تداعيات مؤتمر جنيف2 تهيمن على عناوين الصحف البريطانية وركزت جلها على الاختلافات التي بدت واضحة في المواقف بين الأطراف وتبادل الاتهامات.
فقد كتبت صحيفة ديلي تلجراف في تعليقها أن مؤتمرات السلام على مر التاريخ كانت تنحصر دائما في فئتين. الأولى أنها تتم أحيانا لأن الأطراف المتحاربة وصلت إلى مرحلة الإنهاك وتريد تسوية حقيقية لخلافاتها. والثانية -كما هو في أغلب الأحيان- يلتقي الخصوم حول الطاولة فقط لأن حلفاءهم يريدوهم أن يحضروا وأنه سيكون من الصعب جدا بل ومحرجا أن يرفضوا الحضور. وحينئذ تصبح محادثات السلام المزعومة ليست أكثر من مسرح للشتائم ونيل إعجاب جمهور المشاهدين.
وقالت الصحيفة إن الجلسة الافتتاحية لمؤتمر السلام السوري في مونترو أظهرت بلا شك أن هذه المناسبة تقع ضمن الفئة الثانية، وهي أن وزير الخارجية السوري وليد المعلم حضر نائبا عن الرئيس بشار الأسد فقط لأن روسيا طلبت ذلك، وكذلك كان حضور أحمد الجربا رئيس ائتلاف المعارضة بإيعاز من أميركا ودول خليجية وقوى غربية بارزة.
وختمت الصحيفة بأنه عندما يتحول الوقت المخصص لكل متحدث إلى خلاف، وعندما يبدأ الناس في مجادلة بعضهم البعض عندها يتضح أن مؤتمر السلام لن يخرج بنتيجة مرجوة. وإلى أن يتغير هذا الأمر وإلى أن يريد الأسد وأعداؤه سلاما بقدر ما يريده حلفاؤهم والشعوب، فإن هذا المؤتمر وأي مؤتمر مستقبلي لن يخرج عن كونه خدعة.
وفي سياق متصل كتبت نفس الصحيفة في مقال آخر أن ما يحدث في مونترو ليس محادثات سلام لأنها لن تقود إلى سلام بـالإيرانيين، أو بدونهم وعندما يلتقي الطرفان السوريان وجها لوجه مرة أخرى يوم الجمعة -كما هو مزمع- فإنهما لن يقتربا حتى من مناقشة التنازلات التي قد تنهي الصراع.
ديلي تلغراف:الأمر استغرق ثلاث سنوات لجمع السوريين إلى طاولة المفاوضات، لكنه استغرق أقل من ساعة ليخيم الحقد والحدة على الأجواء
وترى الصحيفة أن محادثات السلام هذه تحمل كل علامة على كونها عكس المبدأ الروماني إذا أردت السلام فاستعد للحرب، بمعنى أن كلا الطرفين والراعين لهما يستخدمون محادثات السلام لإعلان أهداف حرب جديدة والسعي إلى دعم جديد، وأنها حملة دعاية حربية. ولهذا السبب لم يسبق هذه المحادثات وقف لإطلاق النار ولا جهود اللحظة الأخيرة لإنشاء مناطق سيطرة واضحة على الأرض ولكنها ضاعفت القتال على جبهات جديدة.
وختمت الصحيفة بأن الحرب والسلام هي الإستراتيجية المتبعة مع إيران وهي ليست إستراتيجية ناجحة بالضرورة لكنها الوحيدة المتاحة للغرب. وربما تأتي بالسلام إلى سوريا في يوم ما، لكن سيكون هناك الكثير من الضحايا أولا.
وفي نفس الاتجاه علقت ديلي تلغراف أيضا بأن الأمر استغرق ثلاث سنوات لجمع السوريين إلى طاولة المفاوضات، لكنه استغرق أقل من ساعة ليخيم الحقد والحدة على الأجواء بعدما تشاحن وتبارز وشتم السوريون بعضهم البعض في بداية محادثات السلام التي طال انتظارها في سويسرا أمس الأربعاء.
كذلك جاء تقرير صحيفة غارديان ليشير إلى حرب كلمات في محادثات السلام السورية بسبب مستقبل الأسد. وأشارت الصحيفة إلى أنه ليس هناك ما يدل على خطوة بناءة بالرغم من دعوة الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون لاغتنام هذه الفرصة الهشة.
يذكر أن مبعوث الأمم المتحدة والجامعة العربية إلى سوريا الأخضر الإبراهيمي قال إنه سيجتمع اليوم الخميس مع وفدي المعارضة والنظام كل على حدة لتقييم الخطوات اللاحقة التي ستتخذ في المحادثات بين الجانبين التي تبدأ يوم الجمعة.
وفي مقال آخر بنفس الصحيفة أشار كاتبه إلى أن مؤتمر جنيف2 يهدف إلى إنهاء الصراع السوري، وبناء على البيان الختامي لجنيف الأول في 30 يونيو 2012 فقد وضع تصور لحكومة انتقالية بكامل الصلاحيات التنفيذية مع أعضاء من الحكومة والمعارضة. وأشار الكاتب إلى ضرورة معرفة أربعة أشياء في هذا السياق:
1- النجاح سيكون عملية وليس اتفاقا، بمعنى أن التوقعات في أقل مستوياتها حتى أن أكثر الدبلوماسيين تفاؤلا لا يتوقعون صدور قرار بشأن الصراع في جنيف2.
2- ليس هناك ممثل شرعي للشعب السوري، بمعنى أن (سيرك) جنيف2 هو أكثر بشأن من سيحضر مما سيحدث عندما يصلون إلى هناك. والأغلبية الساحقة للسوريين قد لا تكون ممثلة على الإطلاق.
3- غير الحاضرين في جنيف2 قد يكونون أكثر أهمية من الحاضرين، بمعنى أن النظام السوري يرسل دبلوماسيين وليس هناك حضور لشخصيات عسكرية أو أمنية، الذين هم المديرون الفعليون للنظام، وحيث إن القرارات الهامة تتم في دمشق، فإن وفد النظام ستكون قدرته معدومة لتقديم أي تنازلات.
4- إنهاء الحرب الباردة السعودية الإيرانية أمر حيوي لإنهاء الصراع السوري.