في ظل حرب ضروس تخوضها القوى العالمية لمكافحة التنظيمات المتشددة على غرار داعش والقاعدة فى مناطق عدة، برزت ظاهرة الذئاب المنفردة المنبثقة عن الخلايا النائمة كنموذج جديد بات يشكل تهديدا كبيرا لاستقرار الدول، وباتت هذه العناصر تشكل قنبلة موقوتة تنتظر إشارة زعزعة الاستقرار.
فالخلايا النائمة رغم كونها مصطلح جديد دخل عالم الحروب السرية، لكنها في الحقيقة ترتبط بمفهوم آخر أشمل منه وهو الطابور الخامس أو طابور العملاء وهذه الخلايا أشد فتكا من القوات العسكرية كونها من الصعب معرفة عددها وعدتها.
ومع تصاعد وتيرة الحرب على داعش في الآونة الأخيرة، وجه زعيم التنظيم الإرهابي، أبوبكر البغدادي، تعليماته إلى قادته بتفعيل عمل خلاياه النائمة في الدول العربية والأوروبية وتنفيذ هجمات نوعية على المدنيين.
وكان هذا جليا في عمليات تبناها التنظيم المتشدد في الهجوم الأخير على ملهى ليلي في إسطنبول وهجوم الشاحنة في برلين وهجوم الشاحنة في نيس، إذ يتسق ذلك مع إصدار التنظيم في وقت سابق لكتيب تعليمات للذئاب المنفردة بضرورة الانخراط في المجتمعات الأوروبية وتنفيذ هجمات إرهابية.
من جانبه، يرى أستاذ الفكر الإسلامي، رضوان السيد، أن الحرب على تنظيمي داعش والقاعدة ستؤدي إلى تشرذمهما، ولكنها ستؤدي إلى ظهور عناصر وتنظيمات جديدة أشد إرهابا.
وأضاف أن التنظيمات التكفيرية ستضعف وتتلاشى تدريجيا، ولكن الأفكار التكفيرية لن تنتهي.
ولفت إلى أن ذلك يعود إلى الإجماع العالمي على إنهاء هذه الظاهرة، وعدم وجود الشعبية والجاذبية في أوساط الشبان المسلمين بعد أن شاهدوا فظائع هذه الجماعات.
وأوضح السيد أن التنظيمات التكفيرية تعد بمثابة النار التي لا تحرق إلا موضعها ولا تقتل في أغلب الأحوال إلا المسلمين، مشيرا إلى أن ما يثير حفيظة الدول ويزيد من مخاوفها هو عودة العناصر الإرهابية إلى موطنهم من جديد.
وأشار أستاذ الفكر الإسلامي إلى أن المرحلة المقبلة لن تشهد مزيدا من التنظيمات، وإنما ستشهد بعض “الذئاب المنفردة” لكن ظاهرة التنظيمات ستضعف، في حين أن ظاهرة الفكر التكفيري ستتلاشى في غضون 5 سنوات.
وعلى وقع فوضى السلاح وفتاوى التحريض، باتت عودة العناصر الإرهابية المنخرطة في التنظيمات مثل داعش والقاعدة تشكل تهديدا كبيرا سواء في الدول العربية أو الغربية، كون هذه العناصر قد تعود بأفكار تهدد أمن واستقرار المجتمع.
وحسب أحدث دراسة نشرتها “مجموعة سوفان”، التي يديرها عميل سابق في مكتب التحقيقات الفيدرالي الأميركي، فقد سافر ما بين 27 ألفا و31 ألفا من الأجانب إلى سوريا والعراق للانضمام لداعش أو القاعدة.
وقدم هؤلاء من نحو 86 بلدا من مختلف أنحاء العالم، أغلبهم من دول آسيوية (النصف تقريبا) تليها دول إفريقية (الثلث تقريبا) ثم دول أوروبية (أقل من الربع).
وتقدر دراسات أخرى، وتقارير إعلامية مختلفة أن نحو ثلث هذا العدد ربما ترك مناطق القتال عائدا إلى بلده الأصلي أو بلدان أخرى، ما يعني أن هناك نحو 20 ألفا من المقاتلين الأجانب في سوريا والعراق.