شهد القطاع المصرفى خلال العام الحالى 2016، العديد من الأحداث والقرارات التى تركت بصمات واضحة فى مجال عمله، كما كان لها تأثير على عملاء البنوك أيضا.
فما بين تحرير سعر الصرف ورفع الفائدة، إلى إصدار شهادات ذات طابع مميز إلى طرح حصص من بنوك حكومية للاكتتاب فى البورصة، إلى اتمام بيع أحد البنوك الأجنبية، وقبل أن ينتهى العام خيم جو من الحزن على العاملين بالقطاع المصرفى لوفاة إحدى القيادات النسائية والعضو المنتدب لأحد البنوك، إثر حادث سطو.
وقال تامر يوسف رئيس قطاع الخزانة والمعاملات الدولية بأحد البنوك الأجنبية، إن القطاع المصرفى تأثر بالعديد من المستجدات التى طرأت على الاقتصاد المصرى خلال هذا العام، ليلعب دورا أساسيا فى إعادة هيكلة الاقتصاد المصري، ويسهم فى تحويله إلى اقتصاد انتاجى بدلا من كونه اقتصادًا استهلاكيًا.
وتابع “لعل من أبرز هذه التغييرات هو تبنى البنك المركزى سعر صرف معوم لأول مرة فى مصر منذ عقود، قرار طال انتظاره عشرات السنين يفتح السوق على مصراعيه للاستثمارات الأجنبية، جذب الأموال للاستثمار فى الأوراق المالية وأدوات الدين المحلى، وجذب الاستثمارات الأجنبية المباشرة فى القطاعات الصناعية والخدمية والعقارية المختلفة بهدف خلق فرص عمل جديدة وإحلال الواردات وزيادة الصادرات لتخفيف الضغط على ميزان المدفوعات”.
وأردف قائلا “هذا القرار أدى إلى القضاء على السوق السوداء التى تتميز بالعشوائية وعدم الشفافية، ليكون للقطاع المصرفى اليد العليا فى سوق الصرف كما هو متبع فى كل أسواق العالم، هذا يتطلب خطط وأفكار جديدة للبحث عن موارد بالعملة الأجنبية سواء عن طريق جذب استثمارات أجنبية مباشرة وغير مباشرة، أو جذب مدخرات العاملين فى الخارج لتلبية طلبات عملاء القطاع من النقد الأجنبى”.
وأشار الخبير المصرفى إلى أنه من التغييرات الأخرى التى أثرت على استراتيجيات وخطط القطاع المصرفى هى مبادرة الدولة والبنك المركزى للتوسع فى قطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وبالتالى تشجيع القطاع المصرفى بآليات واضحة على إنشاء إدارات لقطاع الصناعات الصغيرة والمتوسطة بما تشمله من نظم عمل وهيكل وظيفى وإدارات مخاطر ومتابعة.
وقال يوسف “أصبح لزاما على القطاع المصرفى إعادة توزيع التمويل المحلى كمحور أساسى لرفع معدلات النمو، بدلا من تركزه على عدد محدود من الشركات أو انحصاره فى عملاء التجزئة المصرفية، ليشمل قطاعات جديدة، فقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة يكون هدفه الأساسى إحلال الواردات ثم لاحقا زيادة الصادرات”.
واتفق معه فى الرأى الخبير المصرفى محمد بدره، مشيرا إلى أن أبرز هذه الأحداث تمثل فى تحرير سعر الصرف “تعويم الجنيه” بالإضافة إلى رفع سعر الفائدة على الجنية المصرى، كذلك المبادرة الخاصة بالصناعات الصغيرة والمتوسطة، كما جاءت عملية تقنين الإقراض للأفراد بما يوازى 35% من المرتب الأساسى، وتخفيض إجمالى القروض للشركات الكبرى لتصل إلى 15% و20%من رأس مال البنك أو ما يعرف بتوسيع قاعدة التمويل.
ففى شهر يناير، كلف الرئيس عبدالفتاح السيسى بتوجيه تمويلات بنحو 200 مليار جنيه خلال الـ4 سنوات القادمة لقطاع المشروعات الصغيرة والمتوسطة، وذلك تحت قيادة البنك المركزى المصرى، وأن تكون نسبة الفائدة الخاصة بالبنوك لصالح مشروعات الشباب لا تتجاوز 5%، حيث تم توجيه البنوك نحو زيادة نسبة القروض الممنوحة لتمويل الشركات الصغيرة والمتوسطة لتصل إلى نسبة لا تقل عن 20% من إجمالى محفظة قروض البنوك خلال السنوات الأربع القادمة.
ومن جانبها اهتمت البنوك التى لا تتعامل مع هذا النوع من المشروعات بإنشاء إدارات متخصصة إلى جانب تنظيم البرامج المتخصصة للعاملين فى هذا القطاع.
وفى شهر مارس، تم الإعداد لإجراءات طرح بنك القاهرة فى سوق تداول الأوراق المالية “البورصة”، لزيادة رأسماله، فيما أكد طارق عامر محافظ البنك المركزي، أنه سيتم طرح 20% من أسهم البنك فقط للتداول، كما سيتم طرح 40% من البنك العربى الإفريقى الذى تمتلكه مصر والكويت مناصفة، بما يمثل طرح 20% من حصة مصر، والكويت ستطرح 20% لكى تظل النسبة متساوية.
وأشار عامر إلى أن المركزى بدأ بالفعل فى إجراءات بيع بنك المصرف المتحد الذى يمتلكه بالكامل بنسبة 9ر99% لمستثمر استراتيجى متوقعا الانتهاء من إجراءات البيع خلال العام الجارى.
ففى الوقت الذى نفى فيه مسئول فى بنك القاهرة الشائعات التى تحدثت عن بيع البنك بالكامل، قائلا: نرجو عدم إشاعة أخبار غير موثقة من الجهات المعنية بعملية الطرح، حتى لا تتأثر أموال المودعين، والحفاظ على الأمن القومى والاقتصادى.
وفى نفس الشهر، أثار قرار البنك المركزى المصري، بألا تزيد مدة عمل الرؤساء التنفيذيين للبنوك العامة والخاصة فى مصر على 9 سنوات سواء متصلة أو منفصلة، موجة من اللغط والغضب داخل عدد من البنوك المصرية، والذى فسره مسؤول بالمركزى بأن القرار لم يمنع تولى الرؤساء التنفيذيين بالبنوك رئاسة بنوك أخرى، بل يمنع المكوث فى المنصب لفترة طويلة، بهدف ضخ دماء جديدة بالقطاع، وتحفيز الكفاءات.
وأشار المسؤول إلى أنه فى حالة تجاوز المسؤول التنفيذى لمدة تسع سنوات، فى 31 ديسمبر 2015، فإنه تمنح مهلة لبنوك القطاع الخاص، ويستمر فى عمله لحين انعقاد أول اجتماع للجمعية العامة للبنك لاعتماد القوائم المالية السنوية عن العام المالى 2016، شريطة الحصول على موافقة البنك المركزي.
فيما امتنع عدد ممن شملهم القرار عن التعليق على قرار المركزى، وسط تأكيد مسؤولين بالقطاع المصرفى، أن عددهم يصل إلى 10 رؤساء بنوك، أبرزهم البنك التجارى الدولى ، والبنك العربى الإفريقى.
وفى شهر أكتوبر، باع بنك باركليز البريطانى وحدته فى السوق المصرية إلى التجارى (وفا بنك المغربى) ليحل كأول بنك مغربى فى السوق المصرية، بعد محاولات استمرت لعدة سنوات.
وأعلن بنك (باركليز) بيع وحدته المصرفية للتجزئة وتمويل الشركات والمشروعات فى مصر (بنك باركليز – مصر ش.م.م) لمصرف التجارى وفا بنك فى صفقة قدرت بـ 500 مليون دولار.
وكان بنك باركليز قد أعلن مارس الماضى نيته التخارج من السوق المصرية وبعض وحدات الأعمال بإفريقيا وأوروبا؛ بهدف التركيز على مجموعة أعمال أكثر بساطة فى قطاعات التجزئة والشركات والاستثمار.
كما أثارت أزمة الدولار ردود أفعال واسعة، حيث تنامت السوق الموازية (السوداء) بصورة غير مسبوقة، حيث ارتفع سعر الدولار ليصل إلى 19 جنيهًا، مما خلق أزمة لدى المستوردين فى ظل وجود سعرين “رسمى وغير رسمى” وأجمع عدد من الخبراء الاقتصاديين على أن أزمة الدولار والتى دفعت العملة الأمريكية لمستويات غير مسبوقة، مشيرين إلى أنها أزمة مفتعلة من قبل المضاربين وتجار العملة.
وقالوا إن معظم شركات الصرافة ترتكب مخالفات جسيمة تضر بالاقتصاد القومى، ولا يزال غالبية أصحابها يعملون بعقلية “تجار العملة”، وتفاقمت أزمة العملة خلال الأشهر الماضية بسبب التراجع فى إيرادات السياحة، بالتزامن مع تراجع تحويلات المصريين بالخارج وزيادة الصادرات على حساب الواردات.
ومن ثم، اتخذ البنك المركزى المصرى قررا بتحرير سعر صرف الجنيه المصرى والتسعير وفقا لآليات العرض والطلب، وإطلاق الحرية للبنوك العاملة فى النقد الأجنبى من خلال آلية الإنتربنك الدولارى، وذلك بهدف زيادة الصادرات وتشجيع الاستثمار المحلى والأجنبى، خاصة أنه لا يمكن عودة الاستثمارات الأجنبية فى ظل وجود سعرين للدولار فى السوق، ووصول الفجوة بين السعر الرسمى للدولار وسعره فى السوق السوداء إلى أكثر من 100% خلال الأيام الماضية.
كما قرر البنك المركزى السماح للبنوك العاملة فى البلاد بفتح فروعها حتى التاسعة مساء بالتوقيت المحلى وفى أيام العطلة الأسبوعية لتنفيذ عمليات شراء وبيع العملة وصرف حوالات العاملين فى الخارج، وهو ما يشير إلى حرص البنك على اجتذاب النقد الأجنبى بعد قرار التعويم.
وتجاوبا مع قرارات المركزي، طرح بنكا الأهلى ومصر – ذراعا الدولة الاستثمارى – شهادات ادخار جديدة بعائد كبير جدا وغير مسبوق يصل إلى 20%، تبلغ عاما ونصف (18 شهرا) والعائد يتم توزيعه كل ثلاثة شهور، أما شهادة 16% هى الشهادة البلاتينية تبلغ مدتها ثلاثة أعوام (36 شهرا) ويتم توزيع العائد الخاص بها شهرياً ويتم احتساب العائد من ثانى يوم للشراء، وتأتى تلك الخطوة لتشجيع المواطنين على الادخار بالجنية المصرى مرتفع العائد.
وقبل أن ينتهى العام بكل أحداثة وتداعياته، قتلت – فى يوم 22 نوفمبر – نيفين لطفى الرئيس التنفيذى والعضو المنتدب لمصرف أبو ظبى الإسلامى فى مصر عن عمر يناهز 64 سنة، وجدت ميتة داخل شقتها.
وقال مصدر أمنى إن الحادث جنائى بسبب وجود بعثرة بمحتويات الشقة وسرقة سيارتها من أسفل منزلها.
وقبل انضمامها للعمل بمصرف أبوظبى الإسلامى، شغلت نيفين لطفى عددا من المناصب بسيتى جروب التجارية لمنطقة أوروبا والشرق الأوسط وإفريقيا، ومقرها فى لندن، حيث تولت عدة مواقع وظيفية وكان آخرها مدير العمليات والعضو المنتدب ورئيس الشؤون الائتمانية.
المصدر: أ ش أ