قال الرئيس عدلي منصور في كلمة وجهها مساء اليوم الأحد، لتهنئة الشعب المصري بإقرار الدستور الجديد إن ما شهدناه من إقبال جماهيري يمثل نسبة غير مسبوقة في تاريخ الديمقراطيات الوليدة، ويدلل على أننا بدأنا طريقا قد يكون صعبا ولكنه الطريق الصحيح.
وأضاف أن إقرار الدستور الجديد لم يكن الغاية ولكنه وسيلة وخطوة أولى في مسرتنا نحو المستقبل وإصرارنا أكيد نحو بناء مؤسسات المجتمع وبناء تشرعي يحيل نصوص هذا الدستور إلى قوانين قابلة للتطبيق ويضمن الحقوق اوالحريات وعمنا لم يفتر ومصممون على مواصلة الطريق.
وقال إنني على ثقة بأنكم ستحسون الاختيار على مستوى الاستحقاقين المقبلين المتمثلين في الانتخابات الرئاسية والانتخابات البرلمانية.
وجاء نص كلمة الرئيس كالتالي:
الإخوة المواطنون..
شعب مصر العظيم..
شهد وطننا الحبيب في الرابع عشر والخامس عشر من يناير الجاري يومين عظيمين من أيام مجده.. وتاريخ نضاله.. ومسيرة عمله.. يومان ضرب فيهما المواطن المصري مثلا نموذجيا.. وقدوة يحتذى بها.. في الوعي السياسي.. وتقدير المسئولية.. بعد أن لبى نداء الوطن.. ومنح دستور مصر شرعيته.. وسطر في تاريخ الوطن بأحرف من نور بداية مستقبل.. واعد لوطنه.
أقول لكم عن اقتناع صادق إنكم تبرهنون يوماً تلو الآخر على وعيكم الوطني الثاقب وتغليبكم للمصلحة الوطنية التي ستظل دوما بإذن اللـه.. هدفنا الأسمى.. ورسالتنا الموحدة.. ورمزنا الجامع.
إن ما شهدناه معا من إقبال كبير على المشاركة في الاستفتاء على الدستور.. وإقراره بهذه النسبة غير المسبوقة في تاريخ الديمقراطيات الوليدة.. إنما يدلل على أننا.. نحن المصريين.. بدأنا طريقا قد يكون
صعبا.. لكنه الطريق الصحيح.. سنجني بعون اللـه من خلاله ثمار ثورتين مجيدتين.. ضمتا شباباً لم يتردد في التضحية بروحه لتحيا أمته.
قدم أرواحه قرباناً لينال الوطن حريته.. بأرواحهم جادوا.. بدماء أحبائكم لم تضنوا على وطنكم.. ولم تتوانوا يوما عن تحقيق رفعته وعزتـــه.
بنــي وطنــي..
الإخـوة والأخـوات..
إن إقرار دستور مصر الجديد.. لم يكن غاية نصبو إليها في حد ذاتها فحسب.. أو ختاما لسعي أكملناه من أجل الوطن دون غيره.. بل كان وسيلة.. خطوة وطنية جادة.. واثقة وثابتة.. لوطن كان وسيظل مهدا للحضارة.. وقلبا نابضا لمحيطه العربي.. ومركز إشعاع حضاري.. ديني وثقافي.. لعالمه الإسلامي.. ومحوراً للعالم بأسره .
تلك كانت الخطوة الأولى في مسيرتنا نحو المستقبل.. وإصرارنا أكيد على مواصلة مسيرة الوطن.. نحو بناء تشريعي ديمقراطي.. يحيل نصوص هذا الدستور ومواده.. إلى قوانين ملزمة.. قابلة للتطبيق ومكسبة للحقوق والحريات.. عزمنا لن يفتر.. وإرادتنا لن تلين.. سنتلاحم ونتكاتف.. جنبا إلى جنب.. كالبنيان المرصوص.. يشد بعضه بعضا.
وإنني لعلى ثقة في أن من ستقررون تسليمه راية الوطن سيكون لديه نفس العزم وذات الإرادة.. لنبني وطنا جديدا.. يجمع ولا يفرق.. يجذب ولا يطرد.. يقيم أسس العدل.. ويرسي قيم الحق والمساواة وتكافؤ الفرص للجميع.. تجسيدا للمطالب الثورية المشروعة.. ولأهداف ثورتي 25 يناير و 30 يونيو النبيلة.
لقد وضعنا بإقرارنا دستورنا هذا أولى لبنات مصر المستقبل.. لنبني وطنا يكرس الحرية والديمقراطية.. يتخذ من الحق والعدل منهاجا للعمل والحياة.. يحفظ لكل إنسان حقه في العيش والحرية والكرامة الإنسانية.. لقد أحسنتم الاختيار.. في أول استحقاق لخارطة طريق مستقبلنا.. وإنني لعلى ثقة في أنكم ستحسنون الاختيار على مستوى الاستحقاقين المقبلين.
الإخــوة المواطنــون..
إن مفهوم الثورة.. مفهوم متكامل.. لم يقف يوما عند حد التخلص من الظلم.. أو دفع القهر.. وتغيير الواقع السيئ.. وإنما يمتد ليشمل استكمال البناء.. وتحويل آمال وطموحات الشعوب إلى واقع ملموس.. ويبرهن تاريخنا المعاصر على ذلك.. فلنا في ثورة يوليو 1952 تجربة حية شاهدة.
تلك الثورة البيضاء التي أنجزها رجال من خيرة أبناء مصر الأوفياء.. والتي أسست لنهضة صناعية وزراعية حديثة.. ونشرت قيما سامية.. ومعاني اجتماعية وتكافلية جليلة.. ما زالت حية في ذاكرتنا ووجداننا.
الإخوة المواطنون..
أنتم أصحاب هذا الوطن.. المعبرون عن إرادته.. أما نحن فدورنا أن نضمن تحقيق هذه الإرادة.. وإنني أعدكم أنها ستكون نافذة.. مهما كانت التحديات.. وأيــا كانـت مصادرها.
إلى سيدات مصر الفضليات.. أقول.. تحية إعزاز وتقدير للمرأة المصرية التي كانت وستظل تقدم عطاءها .. أما فاضلة.. وزوجة واعية.. وأختا حانية.. وابنة صالحة.. لقد ضربتن مثالا رائعا.. وأضحيتن رمزا للوعي السياسي.. الذي بدأ بمشاركتكن الفاعلة في إشعال جذوة ثورتي 25 يناير و 30 يونيو.. وتجسد في اصطفافكن أمام لجان الاقتراع.. بعزيمة وإصرار مشهودين وروح ملؤها الفرحة والتفاؤل بغد مشـــرق.
لقد أكدتن – بشكل قاطع – بتلك المشاركة الكثيفة الواعية معاني كثيرة.. وحقائق متعددة.. طالما حاولت منظمات الدفاع عن حقوقكن التعبير عنها لسنوات طويلـة.
وللشـباب أقول.. كنتم وقود ثورتين شعبيتين.. أدركتم حجم التحديات وكنتم على قدر المسئولية.. ولكـن دوركـم لـم يكتمـل بعـد.
أنتم مقبلون على مرحلة البناء والتمكين.. كونوا على ثقة في أن غرسكم الطيب سيخرج نباته طيبا.
استكملوا المسيرة وانخرطوا في الحياة السياسية بمفهومها الواعي.. من خلال إثراء العمل الحزبي.. في ظل حريات تعلمون أنها باتت مكفولة.
واعلموا أن ما سعى المصريون.. رجالا ونساء وشيوخا.. لبنائه بعونكم.. إنما سيكون لكم ولأبنائكم.. فأنتم مستقبل هـذه الأمـة.
وللأحزاب والقوى السياسية أقول.. استغلوا مناخ الديمقراطية.. قدموا لقواعدكم الشعبية برامج فعالة وملموسة.. يكون من شأنها إحداث نقلة نوعية في الثقافة السياسية للمواطــن المصــري.
اجعلوا الاختلاف وسيلة تؤدي إلى التوافق على مصلحة الوطن.. واعلموا أن البقاء والنجاح في مصر اليوم لن يكون سوى للأصلح.. للأكثر قدرة على الإبداع والعطاء وإرضاء طموحات المواطن المصري.
أبناء الشعب المصري العظيم..
تحية شكر واجبة.. وتقديرا خالصا.. لرجال الشرطة والقوات المسلحة البواسل.. عيون الوطن الساهرة.. الذين أمنوا عملية الاستفتاء على الدستور.. بعمل دءوب متواصل.. وجهود مضاعفة.. وسواعد فتية.
كم تحملوا من مخاطر.. ليخرج استفتاؤنا بهذه الصورة الآمنة المشرفة والمتحضــرة.
تحية لكل ضابط وجندي.. كان على استعداد لتقديم روحه فداء لهذا الوطن.. ليؤمن له ولنا مستقبلا أفضل.. وحياة أكثر رخاء.. ومناخا أرحب ديمقراطية.. كل الفخر والاعـتزاز منا لهم.
الإخوة والأخوات..
إن سعادتي غامرة.. بما لمسته من مشاعر وطنية صادقة.. جمعت بين أبناء وطن واحد.. صفهم واحد.. جمعهم واحد وإرادتهم واحدة.. إرادة يحميها ويرعاها اللـه.. فهو نعم المولى ونعم النصير.
أدعوكم باسم مصر.. أن تظلوا كما برهنتم.. على قدر المسئولية.. نقطع على أنفسنا عهدا أمام اللـه والوطن.. أن نقدس العمل.. ونحترم النظام.. نتمسك بقيمنا.. وهويتنا.. وسطيتنا واعتدالنا.. أزهرنا وكنائسنا.. لنكن معا دوما من أجل مصر.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)