أعرب الدكتور شوقي علام، مفتي الجمهورية، عن ترحيبه بجميع العلماء والباحثين الذين حرصوا على حضور مؤتمر دار الإفتاء العالمي.
وقال علام في كلمته خلال المؤتمر العالمي الذي عقدته دار الإفتاء تحت عنوان «التكوين العلمي والتأهيل الإفتائي لأئمة المساجد للأقليات المسلمة»، صباح الإثنين، إن «هذا المؤتمر تستضيفه مصر كنانة الله في أرضه، بلد الأزهر الشريف، مهد الحضارة والرقي، وملتقى العالم الإسلامي».
وأضاف «يأتي مؤتمرنا هذا في وقت بالغ الأهمية والخطورة، فلا يخفى على أحد ما يمر به العالم العربي والإسلامي بل والعالمي من تحديات تطلب منا جميعًا أن نكون على مستوى هذه التحديات الكبرى».
وأوضح «أهمية هذا المؤتمر تكمن في سياق زمانه ومكانه، فمن حيث الزمان فالعالم يشهد الآن موجة عنف لتيارات تبحث عن شرعنة لتطرفها»، مضيفًا «الإحصائيات تؤكد وجود 50 ألف مقاتل بتنظيم داعش الإرهابي نصفهم من أبناء الأقليات المسلمة».
وتابع «إعلام تنظيم داعش الإرهابي يتحدث بـ12 لغة؛ لذلك كان على المؤسسات الدينية العريقة أن تعلن عن نفسها لترد بقوة وحسم على الأفكار الضارة بمنهجية علمية رصينة».
وشدد علام، على أنه لا شكَّ في أن هذا مؤشر خطير للحالة الراهنة للجاليات المسلمة، ومن يحلل هذا الوضع بدقة يجد أن الفتوى التي تصدر من غير المتخصصين وخاصة من تيارات التشدد والتطرف من أبناء هذه الجاليات وغيرهم تسبب اضطرابًا كبيرًا في مجتمعات هذه الجاليات كما نرى الآن في حالة داعش وأخواتها.
أما المكان فقد كان من الضروري أن ينعقد هذا المؤتمر على الأرض التي حملت لواء الاعتدال والتجديد والاستنارة بكعبة العلم المتمثلة في الأزهر الشريف الذي سيظل حصنًا حصينًا أمام موجات التطرف والعنف ودعوات التفريق والتشرذم بكل صورها، فانعقاد المؤتمر جاء تلبية واستجابة لنداء الحاجة بل الضرورة التي يصرخ بها الواقع المعاصر.
ولهذا تم اختيار موضوع هذا المؤتمر بدقة وعناية؛ إيمانًا منَّا بأن الأئمة والدعاة في الغرب هم نواة نشر الإسلام، وتصحيح المفاهيم في الخارج، فموضوع المؤتمر ومحاوره خطوة غاية في الأهمية في منظومة تجديد الخطاب الديني، وسحب البساط من تيارات الإسلام السياسي المسيطرة على الجاليات المسلمة في الغرب، ومن الأهمية بمكان أن يتم تدريب الأئمة والدعاة وتأهيلهم للتعامل مع النصوص الشرعية، والتعاطي مع معطيات الواقع، وامتلاك أدوات وأساليب الخطاب الديني الصحيح والوسطي البعيد عن التفريط والإفراط.
ولذا تعمل الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم على إيجاد منظومة علمية وتأهيلية للقيادات المسلمة في العالم يكون من شأنها تجديد منظومة الفتاوى التي يستعين بها المسلم على العيش في وطنه وزمانه، كما ترسخ عنده قيم الوسطية والتعايش، وتعمل أيضًا الأمانة العامة على تأصيل الرباط بين الأئمة والدعاة وبين العلماء الثقات والمؤسسات الإسلامية الكبرى في العالم الإسلامي وعلى رأسها الأزهر الشريف، ودار الإفتاء المصرية.
وبناءً على ذلك وضعت الأمانة خريطة محاور المؤتمر وورش عمله، والتي بُنيت على دراسة ورصد لواقع الأقليات المسلمة وبحث تحدياتها المستقبلية للوقوف على قضاياها الحالية والمستقبلية ودعمها على بينة واستنارة علمية يتجلى فيها فقه الأولويات، ويتجلى فيها التركيز على الخروج من مجرد الرصد إلى المعالجة وتقديم الحلول، بل تقديم المبادرات الإفتائية التي تمثل عنصرًا مهمًّا من عناصر حل مشكلات الأقليات والتي على رأسها الخروج من مأزق الإسلاموفوبيا.
والأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم كلها ثقة في أن مشاركة السادة العلماء والمفتين والباحثين المشاركين في أعمال المؤتمر سيكون لها الأثر الكبير في إثراء الحراك العلمي أثناء المؤتمر وبعده بما يعود بالخير والتنمية والرقي على الأمة الإسلامية والإنسانية بأسرها.
ولا يفوتني في هذا المقام الكريم إلا أن أتقدم بموفور الشكر والتقدير للسيد الرئيس عبد الفتاح السيسي لرعايته الكريمة لهذا المؤتمر الذي يأتي استجابة للمبادرة الكريمة التي أطلقها سيادته بضرورة تجديد الخطاب الديني، ونشكر سيادته أيضًا على الدعم الكبير الذي يقدمه سيادته لدار الإفتاء المصرية وللأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.
المصدر : وكالات