تمر غداً الثلاثاء، الذكرى العاشرة لرحيل الأديب العالمى نجيب محفوظ، وفى هذه السنة وبعد مرور 10 سنوات على رحيله لم يغب محفوظ بأعماله عن المشاهد، أو القارئ.
فقد كان لروايته “أفراح القبة” التى عرضت فى مسلسل بنفس الاسم رمضان الماضى ردود أفعال واسعة دفعت الكثيرين للعودة والبحث عن أعماله التى لم تكن معروفة.
وهذه الرواية تحديدًا كانت ضمن مجموعته الكاملة التى تضمنت روائع قدمتها السينما والإذاعة والتليفزيون والمسرح أيضا، وهى مجموعة لإحدى دور النشر اللبنانية وأعيد نشرها من خلال الهيئة العامة لمكتبة الإسكندرية فى المجلد الخامس.
كانت “أفراح القبة الرابعة” فى المجموعة التى تضمنت مما قدمه السينما ” الحب فوق هضبة الهرم، الشيطان يعظ، عصر الحب”، للسينما والإذاعة ثم أفراح القبة وبعدها باقى المجموعة التى وصلت إلى 13 رواية منها حديث الصباح والمساء والتنظيم السري والعائش فى الحقيقة وليالى ألف ليلة ورواية فيما يرى النائم ويوم قتل الزعيم ثم حديث الصباح والمساء إحدى روائعه التى قدمتها الدراما التليفزيونية بطولة ليلى علوى واخرج أحمد صقر وكتب لها السيناريو والحوار الراحل محسن زايد.
والمثير للدهشة أن هناك علاقة وطيدة بين آل زايد وأعمال نجيب محفوظ، فإلي جانب ما كتبه الراحل محسن زايد من أعمال للدراما من روايات محفوظ تأتى ابنته نشوى زايد لتكتب أيضًا عملاً رائعًا وهو “أفراح القبة ” هذا العام.
وعلاقة نجيب محفوظ بالدراما لم تكن وليدة صدفة، فهو كان يكتب صورًا ومشاهد ويخرجها فى رواياته وكانها أفلام ومسلسلات ومسرحيات حتى جاء صديقه صلاح أبو سيف ليدخله العالم السحرى أيضًا من خلال الكتابة معه، فبدأ يغريه بكتابة السيناريو، فى أواخر الأربعينيات، حين أسند له أبوسيف مشاركته فى “المنتقم” 1947، و”مغامرات عنتر وعبلة” 1948، و”لك يوم يا ظالم” 1951.
وبعد عدة عقود، دخلت السينما عالم نجيب محفوظ، فلأول مرة تقدم إحدى رواياته على الشاشة الفضية، عن طريق صلاح أبوسيف أيضا، حين حقق «بداية ونهاية» 1960.
والمتأمل فى أعماله منذ بداية ونهاية وحتى “أفراح القبة” سيكتشف أنها أعمال عن الألم الإنسانى، وأوجاعه من فقر الأسرة الذى دفع سناء جميل إلى الانتحار فى بداية ونهاية إلى الماضى المؤلم الذى يتم تعريته لمجموعة من الأصدقاء على المسرح.
ويعد نجيب محفوظ أكثر الروائيين الذين منحوا الدراما وخاصة السينما وجهًا أكثر عمقًا عما كانت عليه من قبل،كان لفيلمه ” بداية ونهاية ” أثرها البالغ فى توجيه أنظار السينمائيين للأدب، فمنذ رواية زينب للكاتب محمد حسين هيكل والسينما تقدم أعمالًا متفرقة من الأدب المصرى حتى جاء هو برواياته ليغير وجه السينما.
ويرى كثيرون أن علاقة محفوظ بالسينما مرت بمراحل عدة وأن المرحلة الأولى امتدت خمس عشرة عاما بداية من فيلم مغامرات عنتر وعبلة إلى فيلم جميلة الجزائرية عام 1959،. ومن أفلام تلك المرحلة “لك يوم يا ظالم وريا وسكينة، الوحش، شباب امرأة، الفتوة بين السماء والأرض، جعلوني مجرمًا”.
أما المرحلة الثانية فكانت مرحلة الرواية وفيها استفادت السينما من أعماله الروائية. وكانت بدايتها مع رواية بداية ونهاية وصولا إلى فيلم السكرية عام 1973.
من أفلام هذه المرحلة نجد اللص والكلاب خان الخليلي، ميرا مار، الحب تحت المطر الكرنك. والملاحظ أن نجيب محفوظ لا يكتب سيناريوهات رواياته
المرحلة الثالثة كانت مزيجا من المرحلتين الأولى والثانية، بدايتها مع قصة قصيرة بعنوان صورة إلى غاية فيلم الجحيم 1978 تنوعت ما بين كتابته للسينما وما بين توظيف رواياته لذلك أو قصصه القصيرة مثل : أميرة حبي أنا، نور العيون التوت والنبوت، الحرافيش، أهل القمة وغيرها.
المرحلة الرابعة والأخيرة اعتمدت قصص نجيب محفوظ القصيرة وكانت البداية مع فيلم الشريدة عام 1980 وصولا إلى فيلم أصدقاء الشيطان عام 1988، وهناك بعض الأفلام بعد نوبل ولكنها قليلة
وكان محفوظ يرى فى السينما الجسر الذى مرت منه رواياته للناس فقال عنها “كنت دائما أنظر للسينما باعتبارها وسيلة فعالة في الوصول إلى قطاعات من الجماهير لم أكن سأصل إليها بالأدب ” ولا يمكن أغفال دور أعماله فى صناعة نجوم نهلوا من ثقافته الكثير وفى مقدمتهم الراحل نور الشريف وعزت العلايلى وعمر الشريف وسناء جميل وصلاح منصور ومحمود المليجى وحمدى احمد وعشرات النجوم..
وتؤكد الأعمال التى تقدم بين الحين والآخر أن أعمال نجيب محفوظ ستظل منارة للدراما تكسر موجات الكتابة غير العميقة فى الدراما.
تمر الذكرى العاشرة على رحيل نجيب محفوظ بعد أن أثرى حياتنا ثقافيًا وفنيًا، وصنع تاريخًا يظل باقيًا، ويعتبر الفنان نور الشريف هو أكثر من شارك في أفلام ومسلسلات لروايات نجيب محفوظ، إذ شارك في أكثر من 10 أفلام ومسلسلات وتعتبر شادية أكثر ممثلة في افلام نجيب محفوظ.
نجيب محفوظ من مواليد11 ديسمبر 1911 ورحل 30 أغسطس 2006 وهو أول عربي حائز على جائزة نوبل في الأدب كتب منذ بداية الأربعينيات واستمر حتى 2004.
تدور أحداث جميع رواياته في مصر، وتظهر فيها تيمة متكررة هي الحارة التي تعادل العالم، من أشهر أعماله الثلاثية وأولاد حارتنا التي مُنعت من النشر في مصر منذ صدورها وحتى وقتٍ قريب. بينما يُصنف أديب محفوظ باعتباره أدباً واقعياً،محفوظ أكثر أديبٍ عربي حولت أعماله إلى السينما والتلفزيون.
سُمي نجيب محفوظ باسم مركب تقديراً من والده عبد العزيز إبراهيم للطبيب المعروف نجيب باشا محفوظ الذي أشرف على ولادته التي كانت متعسرة.
وُلد نجيب محفوظ عبد العزيز إبراهيم أحمد الباشا في حي الجمالية بالقاهرة، والده الذي كان موظفاً لم يقرأ كتاباً في حياته بعد القرآن غير حديث عيسى بن هشام لأن كاتبه المويلحي كان صديقاً له، وفاطمة مصطفى قشيشة، ابنة الشيخ مصطفى قشيشة من علماء الأزهر، وكان نجيب محفوظ أصغر إخوته، ولأن الفرق بينه وبين أقرب إخوته سناً إليه كان عشر سنواتٍ فقد عومل كأنه طفلٌ وحيد.
كان عمره 7 أعوامٍ حين قامت ثورة 1919 التي أثرت فيه وتذكرها فيما بعد في بين القصرين أول أجزاء ثلاثيته.
التحق بجامعة القاهرة في 1930 وحصل على ليسانس الفلسفة، شرع بعدها في إعداد رسالة الماجستير عن الجمال في الفلسفة الإسلامية ثم غير رأيه وقرر التركيز على الأدب، انضم إلى السلك الحكومي ليعمل سكرتيرًا برلمانياً في وزارة الأوقاف (1938 – 1945)، ثم مديراً لمؤسسة القرض الحسن في الوزارة حتى 1954. وعمل بعدها مديراً لمكتب وزير الإرشاد، ثم انتقل إلى وزارة الثقافة مديراً للرقابة على المصنفات الفنية. وفي 1960 عمل مديراً عاماً لمؤسسة دعم السينما، ثم مستشاراً للمؤسسة العامة للسينما والإذاعة والتلفزيون. آخر منصبٍ حكومي شغله كان رئيس مجلس إدارة المؤسسة العامة للسينما (1966 – 1971)، وتقاعد بعده ليصبح أحد كتاب مؤسسة الأهرام
تزوج نجيب محفوظ في فترة توقفه عن الكتابة بعد ثورة 1952 من السيدة عطية الله إبراهيم، وأخفى خبر زواجه عمن حوله لعشر سنوات متعللاً عن عدم زواجه بانشغاله برعاية أمه وأخته الأرملة وأطفالها. في تلك الفترة كان دخله قد ازداد من عمله في كتابة سيناريوهات الأفلام وأصبح لديه من المال ما يكفي لتأسيس عائلة.
ولم يُعرف عن زواجه إلا بعد عشر سنواتٍ من حدوثه عندما تشاجرت إحدى ابنتيه أم كلثوم وفاطمة مع زميلة لها في المدرسة، فعرف الشاعر صلاح جاهين بالأمر من والد الطالبة، وانتشر الخبر بين المعارف.
قدم للحياة الثقافية عشرات الروايات طويلة وقصص قصيرة معظمها تم تحويلة الى أعمال درامية منها أعمال قدمت فى افلام أجنبية.. وكان لرواية أولاد حارتنا أزمة صودرت بسببها.
توفي نجيب محفوظ في بدايه 29 أغسطس 2006 إثر قرحة نازفة بعد عشرين يوماً من دخوله مستشفى الشرطة في حي العجوزة في محافظة الجيزة لإصابته بمشكلات صحية في الرئة والكليتين، وكان قبلها قد دخل المستشفى في يوليو من العام ذاته لإصابته بجرح غائر في الرأس إثر سقوطه في الشارع.
المصدر: وكالات