لم يخف يوسف الشاهد أزمات تونس الاقتصادية وراء رغبته في الحصول على ثقة البرلمان في جلسة ليل الجمعة، لكن رئيس الحكومة المكلف لم ينس أيضا أن يرسل تطمينات إلى الشعب، الذي يأمل في وضع حد لخمس سنوات من المعاناة.
وفي الجلسة التي انتهت بحصول الشاهد على ثقة البرلمان، أكد أن من واجبه مصارحة الشعب بـ”حقيقة الوضع المتأزم” في البلاد خلال الخمس سنوات الأخيرة، التي شهدت تعميقا لأزمة البطالة لدى الشباب وتواصل التهميش لعدد من الطبقات الضعيفة.
واعترف الشاهد أن “هذا الوضع أدى إلى تراجع ثقة الشعب في الدولة وفقدان الأمل لدى شرائح من المجتمع”، مشيرا إلى أن “الجميع يتحمل المسؤولية في هذا الوضع من طبقة سياسية ومجتمع مدني وإدارة وإعلام”.
وأشار الشاهد إلى “استفحال الفساد” في تونس، فضلا عن “أزمة الأخلاق والقيم” التي عاشتها البلاد، ووجه اللوم أيضا إلى “المواطن التونسي الذي لم يبذل مجهودا في العمل”، وإلى “رجال الأعمال الذين عزفوا عن الاستثمار”.
وأضاف أن “الوضع الإقليمي المتقلب وتنامي ظاهرة الإرهاب والركود الاقتصادي لأهم الشركاء الاقتصاديين، زاد في تعميق الوضعية الصعبة التي تعيشها البلاد”.
وقدم الشاهد في كلمته أمثلة عن تراجع إنتاج قطاعات اقتصادية، على رأسها السياحة، مما أدى إلى نسبة نمو ضعيف خلال الخمس سنوات الأخيرة يعادل نحو 1.5 بالمئة، رغم تضاعف كتلة الأجور المطلوبة من الحكومة.
لكن على الجانب الآخر، حملت كلمة الشاهد رسائل تطمين للشعب التونسي، أهمها نفيه وجود أي نية لتسريح الموظفين أو خصخصة الشركات.
وقال الشاهد إن حكومة الوحدة الوطنية التي يقودها “لم تأت لبيع الشركة التونسية للكهرباء و الغاز أو الشركة الوطنية لاستغلال و توزيع المياه، وما قيل في هذا الصدد مجرد إدعاءات”، مضيفا: “ليس لنا نية لبيع أي مؤسسة كما ليس لنا نية
لتغيير الدستور”.
من جهة أخرى شدد الشاهد على أن حكومة الوحدة الوطنية لن تكون “حكومة تقشف ولن تسرح الموظفين”، مضيفا أن برنامج حكومته والحلول المطلوبة للوضع الحالي “تكمن في وثيقة قرطاج”، التي قال إن الحكومة “مطالبة بتفعيلها
وتنزيلها على أرض الواقع”.
ووثيقة قرطاج تم التوقيع عليها في يوليو الماضي من قبل أطراف تونسية شاركت في مشاورات تشكيل الحكومة، وتتعلق الوثيقة بأولويات الحكومة المرتقبة.
ومنذ احتجاجات 2011 التي أطاحت نظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي، تكافح تونس لإنعاش الاقتصاد المتعثر الذي تحاصره المشاكل، رغم الإشادة الواسعة بمسار الانتقال الديمقراطي الناجح.
وتواجه تونس صعوبات مع انخفاض إيرادات السياحة، بعد هجمات كبيرة استهدفت سائحين أجانب وقوات أمنية العام الماضي، بما أضر بواحد من القطاعات الرئيسية في البلاد وأهم مصدر للعملة الأجنبية.
وتستعد تونس لسداد مدفوعات خدمة دين بنحو ثلاثة مليارات دولار في 2017، مما دفع محافظ البنك المركزي لتأكيد حاجة بلاده لزيادة الاقتراض الخارجي العام المقبل استجابة للضغوط المتزايدة، كما تحتاج تونس 450 مليون دولار شهريا لصرف رواتب القطاع العام.