أدانت منظمة هيومان رايتس ووتش في بيان كافة اطراف الصراع في محافظة الانبار غربي العراق بانتهاك حقوق الانسان في القتال الذي تشهده مدن المحافظة في الايام الاخيرة والذي راح ضحيته 250 شخصا على الأقل.
وقالت المنظمة التي مقرها نيويورك “ادت اساليب القتال غير الشرعية التي تستخدمها الاطراف كافة الى سقوط ضحايا في صفوف المدنيين والى اضرار بليغة في الممتلكات.”
وانتقدت المنظمة القوات الحكومية العراقية لاستخدامها ما وصفته بالقصف العشوائي بمدافع الهاون في المناطق الآهلة بالسكان، كما انتقدت المسلحين المناوئين للحكومة لاستخدامهم الاحياء السكنية غطاء لهجماتهم.
وقالت ساره لي ويتسون، منسقة شؤون الشرق الاوسط في المنظمة إن “على الحكومة مواجهة التهديد الذي يشكله تنظيم القاعدة بشكل عاجل، ولكنها لن تمكن من تحقيق ذلك بقتل مواطنيها.”
واضافت “ان المدنيين محاصرون في الانبار بين قوات الحكومة من جهة والمسلحين من جهة اخرى، ولا يبدو ان الحكومة تبذل اي جهد لحمايتهم.”
ووصف مجلس محافظة الانبار الوضع الانساني في المحافظة بأنه “كارثي.”
وكررت هيومان رايتس ووتش ما عبرت عنه الامم المتحدة وعدد من المنظمات الانسانية من قلق بأن الحصار الذي تفرضه الحكومة العراقية على مدينتي الفلوجة والرمادي في محافظة الانبار يحرم سكان هاتين المدينتين من الحصول على الضروريات من غذاء وماء ووقود.
وقالت بعض الاسر التي لديها اطفال في الفلوجة لهيومان رايتس ووتش إن القوات الحكومية سمحت لها بمغادرة المدينة المحاصرة “بصعوبة بالغة”، فيما يمنع الجيش الرجال من المغادرة.
ونقلت عن المنظمة عن احد السكان قوله إن اهل الفلوجة يخشون اندلاع “معارك كبيرة” قريبا.
وكانت جمعية الهلال الاحمر العراقية قد قالت يوم امس الاربعاء إنها توفر المعونة الانسانية لثمانية آلاف اسرة مشردة في الانبار، وإن 13 الف اسرة اخرى قد فرت ولجأت عند اقارب لها او في المدارس وغيرها من المباني الحكومية.
وتقول هيومان رايتس ووتش إن عددا من الاسر الفارة من القتال لجأت الى محافظة كربلاء والى اقليم كردستان العراق.
كما حذر مبعوث الأمم المتحدة إلى العراق نيكولاي ملادينوف من مغبة تفاقم الأزمة الإنسانية في محافظة الأنبار، في ظل نزوح آلاف الأسر من مدينة الفلوجة، بعدما سيطرت عليها جماعات مسلحة مرتبطة بتنظيم القاعدة الأسبوع الماضي.
وقال ملادينوف إن الأمم المتحدة تأمل في الإسراع بوتيرة إرسال المساعدات لمن يحتاجون إليها.
يذكر ان الفلوجة واجزاء من الرمادي سقطت في ايدي المسلحين المناوئين للحكومة المركزية قبل عدة ايام، وذلك للمرة الاولى منذ الحركة المسلحة التي اعقبت الغزو والاحتلال الامريكي للعراق عام 2003.
وكان القتال قد اندلع في الرمادي في الثلاثين من الشهر الماضي، بعد قيام القوات الحكومية بتفكيك معسكر للاعتصام كان مقاما فيها.
وسرعان ما انتشر القتال الى الفلوجة التي نجح المسلحون في السيطرة عليها بشكل كامل.
يذكر ان سنة العراق – وغالبية سكان الانبار هم من السنة – طالما اشتكوا من التهميش من جانب الحكومة المركزية التي يهيمن عليها الشيعة، ومن استهدافهم من جانب قوات الامن.
ويقول المراسلون إن الكثيرين من السنة ينظرون الى سعي رئيس الوزراء نوري المالكي الى استعادة السيطرة على الفلوجة والرمادي على انه محاولة لفرض سطوته وهيمنته على البلاد، ويرون انه يقود البلاد الى هاوية حرب طائفية.
وفي وقت لاحق الخميس، وقع انفجار قرب مركز للتجنيد وسط العاصمة العراقية بغداد مما ادى الى مقتل 13 مجندا واصابة اكثر من 30 بجروح.
واستهدف الهجوم متطوعين كانوا يلبون نداء الحكومة للتطوع لمقاتلة المسلحين في محافظة الأنبار.
وقالت الشرطة إن انتحاريا كان يتمنطق بحزام ناسف فجر نفسه فيما كان المتطوعون يسجلون اسماءهم في مركز التجنيد يقع في مطار المثنى السابق في بغداد.
ولم تعلن اي جهة مسؤوليتها عن الهجوم الذي وقع غداة اعلان رئيس الوزراء نوري المالكي عن عزمه ازالة “تنظيم القاعدة” من العراق.
وكان المالكي قد تعهد في كلمة بثها التلفزيون العراقي امس الاربعاء بتحقيق النصر على المسلحين بينما يستعد الجيش العراقي لشن هجوم على بلدة الفلوجة التي يسيطرون عليها.
في غضون ذلك، صعدت الولايات المتحدة ضغوطها على حكومة المالكي لاقناعها بسلوك طريق المصالحة السياسية لحل الازمة اضافة الى السبيل العسكري.
المصدر: الوكالات