دأبت ميليشيات الحوثي وصالح في اليمن على انتهاج سياسة المراوغة، متحدية المجتمع الدولي، وكما تمردت على القرارات الدولية والإقليمية والمحلية السابقة، رفضت أخيرا مشروع الاتفاق الذي طرحته الأمم المتحدة.
ولم توافق جماعتي الحوثي وعلي عبدالله صالح على الانخراط في المفاوضات مع وفد الحكومة برعاية مبعوث الأمم المتحدة، إلا لكسب الوقت وتفادي تكبد مزيد من الخسائر الميدانية أمام قوات الشرعية والتحالف العربي.
والقرار الذي اتخذته الجماعتين بتأسيس ما أطلقا عليه مجلسا سياسيا لحكم اليمن في وقت كان المبعوث الدولي، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، لايزال يحاول في الكويت التوصل لحل سياسي، يوضح نفاق المتمردين.
في المقابل، تؤكد مواقف الحكومة اليمينة حرص الشرعية على المصلحة الوطنية وأمن اليمنيين، فرغم “القرار الانقلابي” الجديد الذي أعلنت عنه الميليشيات المتمردة الخميس، فإنها قررت الاستمرار في مشاورات الكويت.
وسارعت الحكومة اليمنية إلى الترحيب بمشروع اتفاق السلام الذي اقترحته الأمم المتحدة لإنهاء النزاع المسلح المستمر منذ 2015، والذي طالب المتمردين بتسليم السلاح والانسحاب من العاصمة صنعاء وتعز والحديدة.
وكما كان متوقعا رفضت الميليشيات الموالية لإيران مشروع الاتفاق، ما يشير إلى أن الجماعات المتمردة لا تعبأ بأمن وحياة اليمنيين، بل تنفذ حصرا أجندة طهران الرامية إلى نشر الفوضى والعنف وعدم الاستقرار.
ولم تحاول الميليشيات المتمردة حتى مناقشة ورقة ولد الشيخ أحمد، التي تنص أيضا على الانتقال إلى مناقشة تشكيل حكومة ائتلافية، وذلك عقب انتهاء عملية تسليم السلاح غير الشرعي والانسحاب من المدن المحتلة.
وهذا الموقف ليس غريبا على المتمردين الحوثيين وقوات الرئيس المخلوع صالح، الذين انقلبوا على الشرعية في سبتمبر 2014، واحتلوا العاصمة صنعاء قبل أن يتمددوا إلى مختلف المناطق اليمينة ناشرين الفوضى والعنف.
وبعد نجاح التحالف العربي، الذي أطلق في مارس 2015 عاصفة الحزم لدعم الشرعية، في تحرير معظم المناطق اليمنية بمساندة قوات الشرعية والمقاومة، لجأ المتمردون إلى لعبة كسب الوقت عبر المراوغة المستمرة.
وفي كافة مراحل المفاوضات كانت الميليشيات تستغل اتفاقات وقف إطلاق النار، لمحاولة التمدد من جديد للمناطق التي خسرتها، أو حتى لملمة صفوفها والحصول على مزيد من شحنات الأسلحة من الراعي الإيراني.
وفي حين أن المفاوضات كانت بالنسبة للميليشيات المتمردة مجرد ورقة لكسب الوقت، فإن الحكومة لم تنخرط في المحادثات إلا من أجل حقن دماء اليمنيين وإنهاء العنف واستعادة الدولة تمهيدا لاستعادة الاستقرار والأمن.
ويبدو أن الميليشيات المتمردة، ومن ورائها إيران، تستغل عدم جدية الأمم المتحدة والدول الكبرى في إعادة الاستقرار لليمن، فتتحدى القرارات الدولية، وعلى رأسها قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يدعم الشرعية.
وتشكيل مجلس سياسي لحكم اليمن لا يأتي إلا في سياق استخفاف الميليشيات المتمردة بالمجتمع الدولي، فهو ينتهك “بقوة” القرار 2216، ويقوض علمية الانتقال السياسي في اليمن، حسب ما قال المبعوث الدولي.
ويدرك المتمردون، على الأرجح، أن المجتمع الدولي سيكتفي بالإدانات على الورق فقط دون أن يتخذ أي خطة جدية لردعهم أو معاقبة الراعي الإيراني، الذي يصر على التدخل بشؤون الدول العربية وضرب استقرارها.
المصدر: وكالات