اتهمت تركيا رجل الدين فتح الله كولن الذي يعيش منفيا في الولايات المتحدة بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة وشنت عمليات تطهير لمن يشتبه بأنهم أتباعه في مؤسسات الدولة ومن بينها الجيش والمدارس والجامعات في حملة غير مسبوقة.
وينفي كولن (75 عاما) أي دور له في محاولة الانقلاب التي وقعت يوم 15 يوليو تموز والتي قتل فيها 232 شخصا. وقالت أنقرة إنها ستطلب من الولايات المتحدة رسميا تسليم كولن لمحاكمته.
وتقول واشنطن إن أنقرة لابد أن تقدم دليلا على أن كولن ارتكب أفعالا جنائية.
وفيما يلي بعض التفاصيل عن كولن ودوره:
من هو فتح الله كولن؟
ولد في أرضروم بشرق تركيا في 1941 وكسب شهرة كرجل دين سني يلقي خطبا نارية.
وأنشأت حركته المعروفة باسم (خدمت) في اللغة التركية وتعني (خدمة) مئات المدارس والشركات في تركيا ثم توسعت في الخارج حيث ركزت في البداية على دول آسيا الوسطى الناطقة باللغة التركية.
وتؤكد فلسفة كولن على الحاجة إلى احتضان التقدم العلمي والابتعاد عن التطرف الديني وبناء جسور مع الغرب والديانات الأخرى.
ويعيش الرجل في منفاه الاختياري بولاية بنسلفانيا الأمريكية منذ عام 1999.
* المدارس
فتحت أولى مدارس كولن أبوابها في 1982 وخلال عشرات السنين التالية علمت مدارسه أجيالا من الخريجين الأكفاء الذين شغلوا وظائف مؤثرة في القضاء والشرطة والإعلام والخدمات الحكومية والشركات الخاصة.
ويطلق عليه ملايين من أتباع وصف “الأستاذ المحترم”.
* الحركة
أعضاء حركة كولن مطالبون بالتبرع بجزء من دخولهم للعمل الخيري الذي تقوم به الحركة ويمثل ذلك مصدرا للتمويل ساعد على بناء المدارس والكليات التي يوسع خريجوها نفوذ الحركة.
وجذب تركيز كولن على التعليم ومشروعات الاقتصاد الحر والتكامل مع أوروبا أتباعا من الطبقة الوسطى كسبوا بدورهم نفوذا من خلال نجاح في الحياة العملية وبنوا مزيدا من المدارس بتبرعاتهم.
* العلاقات مع الحزب الحاكم في تركيا
ارتبط كولن وحركته لسنوات طوال بصلات قوية مع حزب العدالة والتنمية ذي الجذور الإسلامية الذي ينتمي إليه الرئيس رجب طيب إردوغان والذي يحكم تركيا منذ 2002.
وباعتباره مسلما ملتزما يشترك إردوغان- الذي شغل منصب رئيس الوزراء منذ 2003 إلى أن صعد إلى منصب الرئيس في 2014- في بعض المعتقدات الرئيسية مع أتباع حركة كولن. وساعد مؤيدو كولن الموجودون في القضاء والشرطة والمناصب الحكومية إردوغان على ترويض أعدائه من الصفوة العلمانية القديمة في تركيا خاصة في القوات المسلحة من خلال محاكمات جماعية أدت لسجن العديد من كبار الجنرالات.
لكن إردوغان وهو رجل طموح وزعيم شعبي بدأ يعبر عن غضبه من اتساع نفوذ أتباع كولن في الداخل والخارج وصار يعتبرهم “دولة داخل الدولة.” وترسخ الخلاف في 2013 بعد مداهمات قامت بها سلطات مكافحة الفساد ومست الدائرة المقربة من إردوغان.
* حملة
شن إردوغان سلسلة من عمليات التطهير ضد أتباع كولن في مؤسسات الدولة من بينها إدارات الشرطة العاملة في مجالات المال والجريمة المنظمة والتهريب ومكافحة الإرهاب. وكان من شأن تلك العمليات عزل آلاف من ضباط الشرطة أو نقلهم لأعمال أخرى.
وحاول إردوغان أيضا “تطهير” القضاء من نفوذ أتباع كولن وإعادة تشكيل أعلى محكمتين في البلاد وتعيين الكثير من مؤيديه في مجلس القضاء الأعلى والنيابة العامة. والمجلس مسؤول عن تعيين ونقل وترقية وعزل القضاة وأعضاء النيابة. وأغلقت المدارس الإعدادية الخاصة التي كانت مصدرا للدخل والنفوذ لحركة كولن.
وتحركت السلطات أيضا ضد أكثر من 20 شركة تربطها صلات بكولن بينها مؤسسات إعلامية معارضة. وفي 15 يوليو تموز- قبل ساعات من محاولة الانقلاب الفاشلة- قالت السلطات إن مزادا لبيع بنك آسيا الذي أسسه أتباع كولن لم يتقدم إليه أحد. وبعد محاولة الانقلاب أوقفت السلطات نشاط البنك بما في ذلك تجميد إيداعات عملائه.
* بعد محاولة الانقلاب
تعثر الانقلاب الذي نفذه فصيل من القوات المسلحة بسرعة في الساعات الأولى من يوم 16 يوليو لأن إردوغان دعا أنصاره إلى النزول في الشوارع ولأنه أغلبية من قوات الأمن وقفت في صفه.
وإذ اتهم إردوغان كولن بتدبير الانقلاب فإنه أمر بمزيد من عمليات التطهير لمن يشتبه بأنهم مؤيدون له في القوات المسلحة والوزارات الحكومية والمدارس والجامعات ومؤسسات الدولة الأخرى.
وقالت تركيا إنها تعد طلبا رسميا لتقديمه إلى الولايات المتحدة لتسليم كولن إليها وأشارت إلى أن عدم تسليمه يمكن أن يلحق الضرر بالعلاقات بين البلدين العضوين في حلف شمال الأطلسي.
وقال محلل تركي طالبا عدم كشف هويته إن أردوغان وكولن لا يختلفان سياسيا، فهما معارضان لمبادىء مصطفى كمال اتاتورك ويتبنيان اسلاما معتدلا وبرنامج مجتمع محافظ. وقد كانا متحالفين لفترة طويلة اذ اعتمد رجب طيب اردوغان عندما كان رئيسا للحكومة لفترة طويلة على شبكان كولن لارساء سلطته في مواجهة نفوذ التيار الكمالي والعلماني في الادارة.
بعد اشهر من التوتر، حدثت القطيعة في نهاية 2014 مع تحقيقات قضائية طالت مقربين من السلطة، رأى اردوغان في هذه التحقيق عملا لتقويض سلطته من قبل قضاة من اتباع كولن، كما رأى يد خصمه وراء نشر اتصالات هاتفية مضرة بالسلطة.
نشرت وسائل الاعلام التركية الاربعاء اعترافات احد المشاركين في الانقلاب الفاشل هو مساعد رئيس الاركان السابق الكولونيل خلوصي آكار، وقد روى اللفتنانت كولونيل ليفنت توركام انه التحق بالجيش في 1989 بفضل انصار لكولن سربوا اليه مضمون الامتحان، وتنصت لحساب اتباع كولن على آكار وكذلك سلفه نجدت اوزيل.
ورأى جان فرنسوا بيروز الذي الف كتابا عن سيرة اردوغان والباحث في المعهد الفرنسي لدراسات الاناضول في اسطنبول انه اعتراف معقول، موضحا ان كولن كان آلاف الانصار في الادارة التركية، لكن اوضح انه يجب معرفة “الى اي حد يرافق هذا الوجود هدف واضح جدا” في المجال السياسي.
المصدر: وكالة رويترز و أ ف ب