كان أول رقم يظهر رسميا للعلن عن أعداد القتلى في صفوف الحرس الثوري الذين يقاتلون لدعم حكومة بشار الأسد في سوريا، وذلك خلال كمين للمعارضة المسلحة في حلب في مايو الماضي.
كان الرقم صادما لكنه أيضا كان بداية لسياسة جديدة تهدف إلى الكشف عن الخسائر البشرية من أجل قطع الطريق عن الحل الدبلوماسي.
ففي دولة معروف عنها التعتيم الإعلامي عن كل ما يخص أنشطتها السياسية والعسكرية، خاصة صمتها عن الخسائر التي منيت بها في سوريا منذ اليوم الأول لدعمها الجيش السوري ضد المعارضة المسلحة، تغير الاتجاه الرسمي الإيراني إلى نشر أسماء وتفاصيل عن القتلى الذين يسقطون من الحرس الثوري والميليشيات الموالية له في العراق وسوريا بدلا من الاكتفاء بإطلاق لقب “متطوعين” على النعوش الواردة من مناطق القتال.
وأصبحت اللافتات العملاقة في الشوارع تحيي ما يعتبره المتشددون “بطولة” الجنود الإيرانيين القتلى وتسرد وسائل الإعلام ما تعتبرها بطولات خلال الحروب التي تشنها إيران في دول أخرى، رغم عدم شرعية هذا التدخل العسكري.
وبحسب صحيفة نيويورك تايمز الأميركية، يرجع محللون هذا التغير ليس إلى الرغبة في انتهاج الشفافية لكنه نتيجة انقسام داخل معسكري المتشددين الذين يسيطرون على الجيش والإعلام من جانب والمعتدلين.
ويريد المتشددون أن يمنعوا أي تراجع عن الدعم الإيراني المطلق لحكومة بشار الأسد، وأيضا لقطع الطريق عن المعتدلين الذي قد يكونوا منفتحين على تسوية سياسية للنزاع في سوريا والتي قد تعني دفع الأسد إلى التنحي.
ويرى الحرس الثوري أن نشر “تضحيات” الجنود الإيرانيين سيسهم في تعزيز الدعم المحلي للسياسة الإيرانية في سوريا وإغلاق أي باب أمام تسوية سياسية.
وبالفعل، تستقطب حسابات إنستجرام التي خصصت لوضع صور القتلى وتمجيدهم عشرات الآلاف من المتابعين، الذين يدعم معظمهم التدخل العسكري.
ونقلت نيويورك تايمز عن المحلل السياسي المقرب من التيار المتشدد حميد رضا تاراغاي قوله: “بانفتاحنا على كشف دورنا، سنتمكن من منع أي حل دبلوماسي في سوريا”.
وأضاف قائلا: “في البداية، يجب أن نهزم كل الإرهابيين في أرض المعركة، وبعد ذلك يمكننا التفاوض معهم”.
وعبر الاستعانة بالحرس الثوري وميليشيات من لبنان وأفغانستان والعراق، تعمل طهران على زيادة نفوذها في إقليم الشرق الأوسط عبر دعم الموالين لها في صراعات داخلية في سوريا والعراق واليمن تحولت بسبب التدخل الإيراني إلى حروب مدمرة.
المصدر: وكالات