تناول عدد من الصحف العربية التفجيرات التي حدثت في مطار أتاتورك في مدينة اسطنبول التركية مؤخراً. وفيما عبر بعض المعلقين عن تضامنهم مع تركيا في مواجهة “الإرهاب”، شدد أخرون أن تركيا تدفع ثمن “دعمها لداعش وجماعات أخرى متشددة”.
وأسفر الهجوم الذي استخدمت فيه متفجرات واسلحة نارية عن مقتل 42 شخصاً وإصابة أكثر من 230 آخرين.
ولم تعلن أي جهة المسؤولية عن التفجيرات، غير أن السلطات التركية ومسؤولين أمريكيين يعتقدون بأن العملية من تدبير وتنفيذ تنظيم داعش.
ويقول أيمن الحماد في افتتاحية الرياض السعودية إن تركيا “لن ترهن رصيد إنجازاتها الاقتصادية لعبث الإرهابيين، فهناك منجز اقتصادي وسياسي تحققا في العقد الأخير في تركيا وجعلها أكثر حضوراً وازدهاراً في المنطقة وأكسبها ذلك في المقابل قوة في محيطها الأوروبي”.
ويضيف الحماد ” لم تدخل تركيا عملياً على خط مواجهة ‘داعش’ داخل الأراضي السورية، لكن ضغط العمليات الإرهابية في الداخل التركي قد يدفع أنقرة للانخراط في جهد عسكري كبير في سورية قد يتأتى لها اليوم بعد المصالحة مع روسيا”.
وفي مقال له بعنوان “تركيا ليست وحدها”، يظهر محمد الوشيحي في الوطن القطرية الكثير من الدعم لتركيا، حيث يقول: “سيفنى الانتحاريون، وسيفقد سادتهم أعصابهم، من دون أن تهتز تركيا.. وإن كان هدف المخططين للعمليات الانتحارية زرع العداء بين الشعب التركي وحكومته، فأظن، أو بالأحرى أجزم، بحكم وجودي في تركيا، أن الأمور دائماً ما تكون خلاف ما خططت له الشياطين. فالأتراك يقتربون، إلى درجة الالتصاق، بحكومتهم ومسؤوليهم ويدعمونهم ويُظهرون تأييدهم لهم حتى وإن اختلفت الرؤى السياسية”.
كما تقول الخليج الإماراتية في افتتاحيتها: “لكن الحقيقة أن مثل هكذا أعمال إرهابية تستهدف المدنيين ليست علامة قوة بل هي دليل ضعف، وتعني الهرب من المنازلة في الميدان واختيار الأهداف السهلة لأن المدني المستهدف هو أعزل ولا يمتلك القدرة على المواجهة”.
وعن التبعات السلبية المتوقعة للتفجير، تتوقع القدس العربي اللندنية في افتتاحيتها “تصاعد المشاعر السلبيّة في تركيّا ضد اللاجئين السوريين، ودعوات الانتقام منهم، وهو في الحقيقة أحد أهداف منفّذي العمليات الانتحاريّة أنفسهم، الذين يعتبرون اللاجئين السوريين خزّاناً احتياطيّاً بشريّا للاستهلاك الانتحاريّ”.
وتضيف الافتتاحية “المطلوب فقط هو دفع هؤلاء اللاجئين – الهاربين من البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية والفوسفورية – إلى حالة من اليأس المطلق بحيث لا يعود لديهم من مخرج سوى الانتقام من المحيط الذي يضطهدهم ويهددهم باغتصاب نسائهم وبناتهم وقتل أطفالهم”.
وفي المقابل يلقى نصري الصايغ باللائمة على حكومة أنقرة، حيث يقول في صحيفة السفير اللبنانية: “تركيا لا تعتبر ‘داعش’ العدو الأول… دعمته أو سهَّلت مرور ‘الداعشيين’ من أنحاء العالم إلى سوريا. اعتُبرت الممر الآمن للداعشيين. وها هي اليوم تدفع الثمن”.
وعلى المنوال ذاته، يشير عبدالباري عطوان في رأي اليوم اللندنية إلى دعم الحكومة التركية لـ “الدولة الإسلامية وجماعات إسلامية أخرى متشددة”، متسائلاً: “ومن هنا فإن السؤال الأهم يظل حول الاسباب التي دفعت هذه ‘الدولة الاسلامية’ ومقاتليها لاستهداف العمق التركي بمثل هذه التفجيرات، وخرق الهدنة ‘غير المعلنة’ بين الطرفين؟”
ويضيف عطوان أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان “تبنى، ودون ادنى شك، المعارضة السورية المسلحة، وقدم لها تسهيلات عسكرية ولوجستية ضخمة لم تقدمها لها أي دولة عربية أخرى، اعتقاداً منه بقدرتها على إنجاز مهمتها في إسقاط النظام السوري في أشهر معدودة، ولكن هذا الرهان لم يكن في محله”.
وفي مقال بعنوان “ليلة ركع فيها أردوغان ذليلاً في مطار أتاتورك وانتصرت فيها سيناء”، يقول دندراوي الهواري في اليوم السابع المصرية إن “السحر الفرعوني ينقلب على الساحر الشرير” في إشارة إلى أردوغان، مضيفاً: “قلناها وكتبناها كثيراً، أن لعنة الفراعنة تلاحق
وتضرب بقوة وعنف شديد الخشونة، كل من خطط ودبر ونفذ المؤامرات لإسقاط مصر في وحل الفوضى والتقسيم، ومحاولة نزعها من الخريطة الجغرافية، مثلما يتم نزع سوريا وليبا واليمن والعراق ولبنان”.
ويضيف الهواري: “ولم يكن الذل والهوان وتركيع أردوغان في قلب مطار أتاتورك، ورفع الحظر الجوي عن سيناء، ولكن كان قد سبقته عمليات إذلال وتركيع كبرى، تمثلت في تقديمه اعتذاراً مكتوبا لنظيره الروسي فلاديمير بوتين… كما ركع ذليلا أمام الهيكل الإسرائيلي المزعوم بتطبيع كامل للعلاقات مع دولة الكيان الصهيوني، دون تلبية شرط رفع الحصار عن قطاع غزة، الذى تمسك به طوال السنوات الست الماضية من عمر الأزمة.”
ويختتم الهواري بالقول “كل هذا الذل إنما يؤكد حقيقة ناصعة البياض، أنه لا مكان للمبادئ في قاموس رجب طيب أردوغان، مثلما كان يعتقد الكثير من حلفائه ومريديه من جماعة الإخوان الإرهابية، فالرجل يميل حيث تميل مصالحه الشخصية فقط”.
المصدر: وكالات