طبقا للخطط الأمنية والعسكرية في الفلوجة نجحت القوات العراقية في تطويق المدينة بعد قتال شرس مع مسلحي داعش، إلا أن الخطة الإنسانية ضاعت بين الأوراق ولم تعرها الحكومة العراقية اهتماما، مما قد يفاقم الأزمة الإنسانية في المدينة.
وقتل 8 أشخاص فيما جرح 16 آخرون من المدنيين أغلبهم نساء وأطفال، حصيلة القصف الذي تعرضت له أحياء ومناطق مدينة الفلوجة خلال الـ 24 ساعة الماضية كما طال القصف عددا من أقسام المستشفى الوحيد في المدينة وتسبب بسقوط جرحى بالكوادر الطبية والمرضى الراقدين وإلحاق أضرار مادية جسيمة.
وتشهد المدينة انقطاع جميع سبل الحياة من ماء وطعام ووقود والأهالي هناك يعيشون مأساة حقيقية.
ولم تتمكن الأمم المتحدة وباقي منظمات الإغاثة الأخرى من إيصال مساعدات بسبب عدم توفر منافذ منذ بدء العملية.
وجرى التباحث في قضية إنشاء ممرات إنسانية مع السلطات العراقية لكن دون أن يتحقق أي شيء.
بدوره، أعرب رئيس لجنة الهجرة والمهجرين بالبرلمان العراقي رعد الدهلكي عن خشيته أن تكون الحكومة خططت لمعركة الفلوجة عسكريا دون وضع رؤية للعمليات الإنسانية وإخراج المدنيين من المدينة وتوفير المساعدات.
وأوضح الدهلكي في تقارير إعلامية أن أوضاع المدنيين في الفلوجة تتطلب تضافر جميع الجهود الحكومية والمجتمعية.
أوضاع إنسانية صعبة
وقالت الأمم المتحدة، إن نحو 800 شخص تمكنوا من الفرار من داخل الفلوجة منذ 22 مايو، “غالبيتهم من سكان المناطق النائية”.
وأضاف بيان المنظمة أن “بعض الأسر قضت ساعات طويلة من المسير في ظروف مروعة للوصول إلى بر الأمان، بينما سكان مركز المدينة يعانون مخاطر أكبر كونهم غير قادرين على الفرار”.
وقال إن السكان الذين تمكنوا من الفرار تحدثوا عن ظروف رهيبة داخل المدينة الواقعة على بعد 50 كليومترا غرب العاصمة بغداد.
وأوضح أن “الغذاء محدود ويخضع إلى سيطرة مشددة، والدواء نفذ، والكثير من الأسر تعتمد على مصادر مياه ملوثة وغير آمنة لعدم توفر خيار آخر”.
وفرض المتشددون الذين يسيطرون على الفلوجة حظر تجول لمنع السكان من مغادرة منازلهم. ومن الواضح أنهم يستخدمونهم كدروع بشرية.
وأفاد سكان عالقون داخل الفلوجة، أن عدد العبوات الناسفة والمنازل المفخخة التي جهزها تنظيم داعش في داخل وخارج المدينة قد يجعل القتال محفوفا بالمخاطر.
من جهة أخرى، قالت منظمة شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في اليوم الأول من انطلاق العملية العسكرية، إن عشرات الآلاف من عناصر قوات الأمن قطعوا طرق الإمداد عند محاصرتهم للمدينة، وبالتالي منع المدنيين من المغادرة.
وحذرت منظمات حقوقية مختلفة الحكومة العراقية من اللجوء إلى أساليب التجويع من أجل هزيمة التنظيم في الفلوجة التي بقي فيها نحو 50 ألف مدني بحسب تقدير الأمم المتحدة.
قلق دولي
وقد أعربت اللجنة الدولية للصليب الأحمر الاثنين عن قلقها على مصير عشرات الآلاف من المدنيين المحاصرين بالفلوجة.
وقالت رئيسة وفد اللجنة بالعراق كاثرينا ريتز “عانى أهل الفلوجة بالفعل مأساة هائلة نتيجة القتال الذي لا يهدأ بالمنطقة”.
وأعلن العراق الأحد عن بدء هجوم لاستعادة السيطرة على الفلوجة التي تحاصرها القوات الحكومية منذ أكثر من عامين مما تسبب في نقص الغذاء والدواء.
وفي وقت سابق أعرب الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون عن قلقه على المدنيين العالقين في الفلوجة.
وقال المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة ستيفان دوجاريك “ما نراه الآن هو مصدر قلق كبير لنا، خاصة واقع المدنيين الذين لا يزالون في الفلوجة حيث بدأت عملية عسكرية”، لافتا إلى وجود نحو 50 ألف مدني بالمدينة في وضع إنساني صعب.
يشار إلى أن الفلوجة كانت أول مدينة عراقية تسقط في يد تنظيم داعش في يناير 2014.
المصدر: وكالات