سادت أجواء التشاؤم لدى اليمنيين حيال وصول مشاورات الكويت التى تجرى بين الأطراف اليمنية إلي حل للأزمة تحت رعاية الأمم المتحدة بعد الأزمات التى تكررت خلال المشاورات التى ستدخل أسبوعها الرابع بعد يومين والتى اختلقها وفد جماعة الحوثيين وصالح بذرائع عديدة فى محاولة لعدم تنفيذ قرار مجلس الأمن الدولى 2216 .
فبعد أن هدد وفد الحوثيين وصالح بمقاطعة المشاورات قبل بدايتها بدعوى ضرورة وقف طلعات طائرات التحالف العربي فوق الأراضى اليمنية واصفا ذلك بخرق اتفاق وقف إطلاق النار الذى دخل حيز التنفيذ يوم 11 أبريل الماضى وهو الاتفاق الذى خرقته المليشيات عدة مرات فى اليوم الواحد ودفعت بتعزيزات كبيرة إلى جبهات القتال واحتلت معسكر لواء العمالقة فى محافظة عمران الأمر الذى أدى إلى قيام الوفد الحكومى اليمنى بتعليق مشاركته فى المشاورات المباشرة لمدة 3 أيام وبضغط من المجتمع الدولى ومبعوث الأمين العام للأمم المتحدة عاد إليها بعد تشكيل لجان للاطلاع على الأوضاع فى المعسكر وتقديم تقريرها فى 3 أيام انقضت دون استطاعة اللجنة تقديم التقرير بسبب الأوضاع الأامنية على الأرض.
وقد اتهم الوفد الحكومى اليمني المليشيات الحوثية بخرق الهدنة عدة مرات ، وقدم أدلة للمبعوث الأممى على ذلك ، ولكن حرصا منه على استمرار الهدنة حتى يقطع عليهم أى محاولة لتعطيلها وإلقاء اللوم عليه وافق على الاستمرار فى المشاورات حتى جاءت جلسة الأمس ليعلن وفد الحوثيين وحليفهم صالح طلبه بتشكيل قيادة تنفيذية جديدة ، مما أدى إلى قيام المبعوث الأممي بتعليق جلسات الحوار المباشرة بين الجانبين ، نافيا تعليق المشاورات لأجل غير مسمى كما نقلت وسائل إعلامية.
وفى سياق متصل ، أكد اسماعيل ولد الشيخ المبعوث الأاممى فى صفحته على / فيسبوك الليلة الماضية / انتهاء جلسات الأمس ، وأن سيتم اليوم متابعة المشاورات فى جلسات جديدة في الكويت ، أي أن المشاورات ستظل مستمرة ولكن بين ولد الشيخ وبين كل وفد (الحكومة والحوثيون ) على حدة.
وحاول المبعوث الاممى أن يقلل من تعليق المشاورات المباشرة وقال أن الجلسات المشتركة ضرورية لطرح القضايا العامة وإشراك الجميع في معالجتها ..ودعا الأطراف للتحلى بالهدوء والحكمة ووضع مصلحة الشعب اليمنى فوق كل اعتبار ، مؤكدا أن الأمم المتحدة تبذل قصارى جهدها للم الشمل اليمنى ومساعدة اليمنيين على التوصل لحل توافقى .
وألقى ولد الشيخ المسئولية عن نجاح المشاورات على الطرفين المتحاورين وقال / يبقى على الأطراف أنفسهم أن يسمعوا نداء الشعب ويتحملوا مسئولياتهم /.. في إشارة إلى أن أي إخفاق سيرجع لهما وليس لفشل جهود الأمم المتحدة .
ويبدو أن المبعوث الاممى يحاول مد المشاورات لعل الطرفين يتوصلان إلى قاعدة مشتركة للتفاهم ولكن موقفيهما على طرفى نقيض فالحوثيون يريدون وقف إطلاق النار ويرفضون شرعية الرئيس اليمنى عبد ربه منصور هادى وإطلاق مشاورات بين الأطراف اليمنية برعاية أممية فقط وترك اليمنيين لحل الأزمة أي أنهم يريدون العودة إلى ما قبل عاصفة الحزم في مارس العام قبل الماضى حينما كانت تجرى مفاوضات تحت رعاية المبعوث الأممى السابق لم تصل إلى أي شيء ، بل وأدت إلى إعلان المليشيات الحرب على الجنوب في محاولة لنزع الشرعية عن الرئيس هادي .
فى المقابل ، يريد الوفد الحكومى اليمني تنفيذ قرار مجلس الأمن وتسليم المليشيات أسلحتهم للدولة وانسحابهم من المؤسسات الحكومية التي سيطروا عليها ، وكل هذا لن يقبله الحوثيون ويحاولون التحايل على تنفيذ القرار.
وجاءت التصريحات الصادرة عن الشرعية تتحدث صراحة عن تشاؤمها من سير المفاوضات في ظل عرقل الحوثيين لجدول الأعمال المتفق عليه .. وقد أكدت وكالة الأنباء اليمنية الحكومية أن المشاورات وصلت مساء أمس إلى طرق مسدود ، مما أدى بالمبعوث الأممى إلى رفع جلسة مشاورات المسائية وعلق المشاورات المباشرة بين الوفدين لإجراء مشاورات ثنائية لمحاولة الوصول إلى حل بعد تراجع وفد الحوثيين وصالح عن التزاماتهم وعن الخطوات التي تم الاتفاق عليها في الأسبوع الماضي.
وأشارت الوكالة إلى رفض الميليشيات أي نقاشات عبر اللجان المشكلة وعدم التزامهم بالإطار العام للمشاورات وانهم لن يتعاملوا مع جدول الأعمال ولا مع اللجان إلا بالاتفاق المسبق على تشكيل سلطة تنفيذية انتقالية جديدة.
من جانبه قال نصر طه مصطفى مستشار الرئيس اليمني وعضو الفريق الاستشاري لوفد الحكومة بمشاورات الكويت ” إنه يجب على الانقلابيين – فى إشارة إلي الحوثيين ولحليفهم صالح – الاعتراف بشرعية الرئيس هادي كأساس للعودة الى المسار السياسي” .. وأضاف – في تصريحات صحفية – إن العودة للمسار السياسي تتطلب أيضا إلغاء الإعلان الدستوري وكل ما ترتب عليه من قرارات باطلة.
وكانت جماعة أنصار الله الحوثيين قد أصدرت إعلانا دستوريا من جانب واحد في فبراير العام الماضى شكلت بموجبه لجنة لحكم البلاد في محاولة لإضفاء الشرعية على حكمهم .
فى نفس السياق ، قال مختار الرحبى السكرتير السابق بمكتب رئاسة الجمهورية وعضو الفريق الإعلامي المرافق لوفد الحكومة الشرعية إن وفد الانقلابيين أكد بشكل صريح أنهم لن يدخلوا في أي قضية قبل تشكيل سلطة تنفيذية جديدة” ، واصفا ذلك بأنهم يريدون رئيسا جديدا وحكومة جديدة في محاولة للبحث عن شرعية لانقلابهم – علي حد تعبيره -.
ووصف الدكتور محمد بن موسى العامري عضو وفد الحكومة التفاوضي في الكويت المشاورات مع الحوثيين بأنها تجرى على شكل /خطوة إلى الأمام وخطوتين إلى للخلف/.. وهذا سلوك من من لا يبالي بحياة الناس ومعاناتهم ، وأوضح أن الطرفين اتفقا على تشكيل لجان وبخاصة لجنة تسليم الأسلحة وانسحاب المليشيات من مؤسسات الدولة ولجنة المعتقلين والأسرى لديهم إلا أنهم رفضوا أمس الدخول في مناقشات عمل اللجان ، وقال العامري /إن الانقلابيين باختصار لا يريدون السلام ..حسبنا الله ونعم الوكيل وعلى الباغي تدور الدوائر /.
من جانبه ، نفى عبد الملك المخلافى نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية ورئيس وفد الحكومة اليمنية في المشاورات أن يكون قد طالب بوقف طلعات طيران التحالف العربي .. وقال في صفحته على / تويتر / /من يسرب أني رفضت وقف طيران دول التحالف كذاب أشر والذي يصدق ذلك أحمق .. أنا أطالب بوقف شامل لإطلاق النار برا وجوا وهم يريدون وقف الطيران ليستمروا بالقتل/.
وعلى الجانب الآخر ذكرت وكالة خبر للأنباء / التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة الرئيس السابق (علي عبدالله صالح ) حليف الحوثيين أن مشاورات الأمس لم تحقق أي تقدم على صعيد جدول الأعمال ، والعقدة الأهم هي في الانتقال السياسي والذى يطالب وفد صنعاء (الحوثيون وحليفهم) بتشكيل حكومة جديدة تتولى تنفيذ القرار الدولي 2216.
ونقلت عن مصدر خاص أن ولد الشيخ قال في الجلسة المسائية /أنه لابد من التوافق على حكومة جديدة /.. وهذا الكلام لم يشر اليه المبعوث الامىى في بيانه عن سير المحادثات .
وفى ضوء هذه التطورات المخيبة للآمال التي كانت معقودة على حدوث أي اختراق في موقف الحوثيين وحليفهم صالح ينتظر الجميع ما ستسفر عليه مشاورات اليوم غير المباشرة – أي بين المبعوث الأممي وبين وفدي الحكومة الشرعية والحوثيين كل علي حده – ، وما إذا كان سيحدث تقدم يؤدى إلى استمرارها من عدمه ، ولكن مواقف الطرفين تشير بوضوح الى أن المشاورات لن تحقق أي تقدم في ظل المواقف المتناقضة للطرفين .
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط