وسط حمى الذهب ، كما يسميها الموريتانيون، بات البحث التقليدي عن الذهب حديث الموريتانيين في وسائل الإعلام بعد أن حقق مغامرون انتعاشا في غضون أسابيع.
وبرغم عشرات الرخص التي منحتها الحكومة الموريتانية فى هذا المجال ، فإن شركة (تازيازت) الكندية هي الوحيدة التي تستخرج الذهب بعد شرائها للرخصة من شركة (ريد باك ماينينغ) عام 2010 مقابل 7 مليارات دولار أمريكي، حيث تعالج الشركة 9 آلاف طن من الحجارة يوميا لتحصل على 20 كيلوجراما من الذهب الخالص، في حين تشير مصادر رسمية إلى أن موريتانيا لديها مخزون من الذهب يصل إلى 25 مليون أونصة من الذهب.
وفي المثلث الرابط بين محافظات نواكشوط ونواذيبو وانشيري، حيث تتجاوز الحرارة نهارا الـ50 درجة، تفاجأ الموريتانيون بإقبال غير مسبوق من الشباب بحثا عن الذهب بعد أن كانت المنطقة خاصة بالإبل وخصوصا الإبل السائبة التي لا يوجد بها الحليب والتي يطلقون عليها لفظ ” الظالة”.
وبعد معاناة المغامرين خلال الأسابيع الماضية في بحثهم عن الذهب دون تصاريح، سارعت الحكومة لسن قانون خاص بالتنقيب التقليدي عن الذهب يضع شروطاً والتزامات بالإضافة إلى بعض العقوبات، حيث أعلنت وزارة المعادن الموريتانية عن منح أكثر من 16 ألف ترخيص للبحث عن الذهب، بتكلفة 300 دولار أمريكي كسعر للرخصة وحددت حيزاً جغرافيا يسمح فيه بمزاولة هذه الأنشطة حفاظا على سلامة المواطنين، وحتى تكون المنطقة تابعة للدولة وبعيدة عن مناطق مرخصة للشركات الأخرى.
وذكرت الوزارة أن الرخصة التي تمنحها صالحة لمدة أربعة أشهر للتنقيب والاستخراج بشرط الالتزام بالقانون الذي يسمح فقط بأجهزة كشف المعادن ، أي أنه من غير المسموح استعمال الأجهزة الصناعية والجرافات والمتفجرات، وأن تكون هذه الأجهزة خاضعة للجمركة ودخلت البلاد بطريقة شرعية وقانونية، كما خصصت مصلحة خاصة بشراء الذهب من المنقبين بالسعر العالمي.
ووسط حرارة شديدة، تشهد منطقة الدواس (على بعد 350 كيلومترا إلي الشمال من نواكشوط)، إقبالا كبيرا من الشبان الموريتانيين الباحثين عن الذهب، وقال المواطن الموريتاني أحمد (32 عاما) – في تصريح لوكالة أنباء الشرق الأوسط – إنه قرر المغامرة مع 4 من أصدقائه، للمرة الثانية بعد أن حققوا نجاحا متوسطا خلال رحلتهم الماضية.
وأكد هذا الشاب المتخصص في الفندقة والعاطل عن العمل بسبب الأزمة التي يعيشها قطاع السياحة منذ سنوات، أنه حصل خلال الرحلة الماضية على ما يعادل 3500 دولار في أسبوع واحد وهو مبلغ كبير لا يحصل عليه حتى في أفضل مواسم السياحة إلا أنه ضعيف بالمقارنة مع ما حصل عليه آخرون في رحلاتهم للبحث عن الذهب.
وتضاربت الروايات حول حقيقة الذهب، ففي الوقت الذي يقول موريتانيون إن العثور عليه لا يتطلب أكثر من جهاز كشف يباع بألفي دولار وسيارة عابرة للصحاري وتنتهي الرحلة بحصول المغامر على أموال طائلة حيث يشتري منه التجار جرام الذهب بـ40 دولارا، يؤكد مغامرون وجود صعوبات كبيرة في البحث عن الذهب حيث يرى جعفر (40 عاما) ومن أبناء المناطق الشمالية التي ينتشر فيها المغامرون، “إن المناطق لا تخلو من وجود الألغام اليدوية وبقايا الجثث القديمة والجن أحيانا”.
وأكد مواطن موريتاني آخر فضل عدم الكشف عن هويته، أن أحد المغامرين دخل مستشفى الأمراض العقلية بنواكشوط بعد أن قاده جهاز الكشف إلى خاتم ذهب كان في أصابع رجل قتله العطش قبل عشرات السنين، وبعد جهد كبير وبينما كان يستعد لإخراج الخاتم اكتشف وجود جسم الرجل فدخل في غيبوبة قبل أن يحضر إليه رفاقه ويكتشفون القصة.
ويعتقد أبناء المناطق التي يتناثر فيها الذهب، أن الذهب مرتبط بالجن ومن المفارقات وجود كثير من الأسر التي لا تزال تخاف من معدن الذهب، اعتبر محمد محمود (82 عاما) ويسكن في قرية الغيشة، أن لمس الذهب خطر وفق العادات المتوارثة بين أسرهم، وقال “بالرغم من يقيني بأن الله هو القادر المقتدر إلا أني جربت بأم عيني الموضوع ولا أريد لمس الذهب ولا أي من أفراد أسرتي” .. مؤكدا أن الأموال التي تأتي من الذهب وحتى من بيع المياه الصالحة للشرب للمغامرين لا يريدها ولا يسمح لأي من أبنائه أو أحفاده بالحصول عليها.
ويعتقد خبراء جيولوجيون أن ما يجري لا يعدو كونه سحابة صيف، ويقول سيدي أحمد محمد موسى وهو مهندس جيولوجي يعمل في شركة (تازيازت) الكندية التي تستخرج الذهب في شمال موريتانيا “إن ما يتداوله الموريتانيون اليوم من صور عبر مواقع التواصل الاجتماعي ليس أكثر من حالات نادرة، وإن الباحثين التقليديين عن الذهب ينقبون عن أنواع من الحجارة يكون تركيز الذهب فيها مرتفعا أو متوسطا، ويوجد هذا النوع من الحجارة بكثرة، والتنقيب عنها مرخص له في العديد من بلدان العالم”.
وأكد المهندس أن صحاري موريتانيا مليئة بمعدن كبريت الحديد ويسمى (البايرايت)، خاصة في منطقة تازيازت وهو معدن لماع ولونه ذهبي ويطلق عليه اسم (ذهب المجانين)، ومن المعروف تاريخياً أنه خدع الكثير من الأمريكيين الذين ظنوه ذهبا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط