بداية غير مبشرة على الإطلاق بشأن حدوث تقدم فى حل الأزمة اليمنية ، بعد تعثر انعقاد مشاورات الكويت أمس بشأن هذه الأزمة ، نتيجة رفض مليشيات الحوثيين وصالح حضور الجولة الثالثة من المفاوضات بين طرفيها (الحكومة اليمنية والحوثيين ) برعاية الأمم المتحدة والتى تقرر تأجيلها لعدم حضور ممثلي الحوثيين .
فعلى الرغم من التصريحات المتفائلة من قبل الجانبين وخاصة الحوثيين وحليفهم الرئيس اليمنى السابق علي عبدالله صالح التى سبقت مشاورات الكويت ، وكذلك التى صدرت من جانب الحكومة اليمنية ، ومن اسماعيل ولد الشيخ احمد المبعوث الاممى لليمن والتى أوضحها فى افادته أمام مجلس الامن واكد فيها أن المشاورات ستعقد على اساس تنفيذ قرار مجلس الامن 2216 والمبادرة الخليجية ،، إلا أن وفد الحوثيين وصالح لم يغادر اليمن ووضع شروطا قبل أن يوافق على المغادرة أقل ما يمكن وصفها به أنهم يهدفون من مشاورات الكويت البحث عن حلول سياسية دون تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216 والذي يتضمن انسحاب مليشيات من المدن والمؤسسات وتسليم السلاح وعودة الشرعية وإعادة مؤسسات الدولة وإطلاق المعتقلين والسجناء السياسيين .
كما يهدف الحوثيون وصالح الى الوصول لتفاهمات تضمن بقاءهم فى المشهد السياسى خاصة الحوثيين الذين سيطروا على كافة المؤسسات والوزارات فى صنعاء ونشروا أتباعهم فى المناصب العليا فى الجيش والأمن والوزارات ومن الصعب التخلى عن كل هذه المكاسب التى تحققت لهم فى ظل اتفاق السلم والشراكة الموقع مع الدولة اليمنية بعد اجتياحهم للعاصمة صنعاء فى سبتمبر 2014 .
ويحرص صالح والموالون له فى حزب المؤتمر الشعبي العام برئاسته على الاستمرار فى المشهد للتواجد فى أى اتفاقية سلم قادمة ورفع العقوبات المفروضة من قبل مجلس الأمن على عدد من الشخصيات من الحزب والحوثيين منهم صالح وعبد الملك الحوثى ، ولذلك اتفق الحليفان على اتخاذ استمرار الطلعات الجوية فوق اليمن ذريعة لعدم الذهاب مع أنهم مسئولون بدرجة كبيرة عن خرق الهدنة ولايزال الطرفان يتبادلان الاتهامات بخرق الهدنة حتى صباح اليوم الثلاثاء .
وكل هذه المناورات وأكثر منها ، كان وفد الحكومة الشرعية اليمنية يتوقع حدوثها من قبل المليشيات ، لكن الحكومة رحبت بانعقادها فى ظل التأكيدات التى قدمها المبعوث الأممى بموافقتهم (الحوثيون وحليفهم صالح ) على القرار الدولى ، وقد أكدت الحكومة اليمنية أكثر من مرة أن الانقلابيين – حسب وصف الحكومة – لا عهد لهم ولا يلتزمون بأى اتفاق إلا الذى يحقق مصالحهم ،وذهب وفد الحكومة اليمنية إلى الكويت على أمل أن يحدث تفاهم ، إلا أن موقف المليشيات أثبت صحة تصريحات بعض السياسيين من مناورات المليشيات التى قد تعرقل الوصول الى أى حل.
وفى هذا الصدد ، علق محمد اليدومى رئيس الهيئة العليا لحزب التجمع اليمنى للإصلاح / الأخوان المسلمين / العدو الأول للحوثيين وصالح على موقف الحوثيين بكلمات قليلة فى صفحته على الفيسبوك قائلا / إن الدماء لا تنبت زرعا / فى إشارة إلى أن المكاسب التى حققتها المليشيات جاءت بالدم.
وبعد هذا الموقف من قبل المليشيات الحوثية والذى كان محمد عبد السلام المتحدث باسم جماعة أنصار الله الحوثيين أول من أعلنه صراحة وقال بيان له أن الحوار يجب أن يكون فى أجواء يسودها هدوء وسلام واستقرار ولكن القصف الجوى واستمرار خرق وقف إطلاق النار من الطرف الآخر يفشل الحوار ونحن نرى أن ثبيت وقف إطلاق النار والسماح للجان المحلية بالانعقاد يساعد بشكل كبير علي إنجاح الحوار .
وأضاف المتحدث إن الوفد – فى إشارة إلى وفد الحوثيين وصالح – يسعى للاستيضاح من الأمم المتحدة حول أجندة حوار تؤسس لمرحلة جادة من الحوار البناء والمسئول يؤدي إلى إرساء مسار سياسي يعتمد الشراكة والتوافق وفقا للقرارات الدولية والمرجعيات المعروفة وليس لاستمرار الحرب وانتهاج سياسة الإقصاء – على حد تعبيره -.
وتابع محمد على الحوثى رئيس اللجنة الثورية المعينة من قبل الحوثى لحكم صنعاء فأكد فى لقاء مع مناصرين للجماعة فى محافظة ذمار ” أننا نحاول بكل ما في وسعنا إيقاف آلة القتل والدمار وتغليب مبدأ الحوار كمبدأ أساسي نؤمن به لأننا نملك قرارنا ولن نتخلى عنه ومن المؤسف أن من يقف أمامنا لا يملك الإرادة أو القرار ” فى إشارة إلى الرئيس اليمنى والحكومة اليمنية .
وأضاف ” أننا كنا نتطلع ولا زلنا أن يغادر الوفد إلى الكويت لحل الإشكال وإيقاف الحرب والدمار وذهبنا الى سويسرا مرتين من أجل ذلك ولم تتوقف الحرب متهما الطرف الآخر بالمسئولية عن ذلك .. وقال ” إن حضورنا إلى الكويت يتطلب الوقف الكامل للحرب ولا يمكن القبول بشروط ومطالب قبل الوصول إلى حل سياسي يتبعه تفاهم وحوار على التفاصيل وضمان عدم انتهاك الطائرات سيادة الجمهورية اليمنية “.
في نفس السياق ، ذكرت وكالة “خبر للأنباء” – التابعة لحزب المؤتمر الشعبي العام الذي يتزعمه الرئيس اليمنى السابق علي عبدالله صالح – أن اتصالات المبعوث الاممى مع / الوفد الوطنى بصنعاء / – فى إشارة إلى وفد الحوثيين وصالح – التى استمرت حتى ساعات متأخرة من الليلة الماضية لم تفلح في إقناعه في التوجه إلى الكويت للمشاركة فى المشاورات ولايزال الوفد فى صنعاء .
ونقلت الوكالة عن مصدر سياسى فى صنعاء قوله أن / الوفد الوطني/ يطالب بتثبيت فعلي وشامل لوقف إطلاق النار كشرط أساسي لانعقاد مشاورات الكويت بالإضافة إلى الاتفاق حول أجندة الحوار الذي تم تأجيله .. وأضاف أنه لا يمكن الاستمرار في التهدئة على جبهات الحدود فيما تزداد جبهات الداخل اشتعالا وتواصل التحليق والقصف الجوي من قبل الطائرات / .
ويقصد المصدر من كلمة التهدئة على جبهات الحدود ، التفاهمات التى جرت بين الحوثيين والسعودية للتهدئة على المحافظات الحدودية الشمالية لليمن المجاورة الملاصقة للحدود الجنوبية للمملكة العربية السعودية ، وتبادل الاسرى كبادرة لحسن النية .
وأضافت الوكالة” إن حالة من الأخذ والرد لا تزال مستمرة بين الأطراف في صنعاء والمبعوث الأممي حول أجندة الحوار” ، مشيرة إلى أن القوى السياسية أكدت في اجتماع لها عقد مؤخرا في صنعاء ضرورة تحديد أجندة واضحة لمحادثات الكويت.. أنه يجب أن تؤسس المشاورات لمرحلة انتقالية جديدة وحكومة أيضا جديدة للدخول في نقاشات تنفيذ قرار مجلس الأمن 2216.
وتوضح هذه التصريحات أن وفد الحوثيين وصالح يريد تشكيل حكومة جديدة وحدوث مناقشات بين الأطراف اليمنية بعيدا عن أى تدخل خارجى وبعد ذلك يمكن النظر فى تنفيذ قرار مجلس الأمن أى أنهم لا يعترفون بشرعية الرئيس عبد ربه منصور هادى ولا يريدون أى دور له فى المرحلة القادمة .
وكان اسماعيل ولد الشيخ أحمد المبعوث الأممي لليمن قد اصدر بيانا فى صفحته على الفيسبوك بعد ساعات من تأكد غياب الحوثيين وصالح عن مشاورات الكويت أمس قال فيه ” إن المحادثات التى كان من المقرر أن تبدأ فى الكويت قد تأجلت بسبب بعض المستجدات فى الساعات الأخيرة ولم يحدد أى موعد جديد لها ..
وأعرب عن أمله فى ألا تفوت جماعة أنصار الله (الحوثيون) هذه الفرصة التى يمكن أن تنقذ اليمن .. وأضاف أننا نعمل على تخطي تحديات الساعات الأخيرة ونطلب من الوفود إظهار حسن النية والحضور إلى طاولة الحوار من أجل التوصل إلى حل سلمي ، وأكد أن الساعات القليلة المقبلة حاسمة وعلى الأطراف تحمل مسئولياتهم الوطنية والعمل على حلول توافقية وشاملة.
وعلى جانب الحكومة اليمنية أكد الوفد اليمنى الذى وصل الكويت انه حضر للمشاركة فى المشاورات حرصا على مصالح الشعب وتأكيدا على الالتزام بمسار السلام وبناء على الثوابت المعلنة للمشاورات والممثلة فى مقررات الشرعية الدولية وفي مقدمتها القرار 2216 والمبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل.
وأوضح الوفد فى بيان له أن الحكومة تجاوبت مع جهود البمعوث الاممى والتزمت بوقف اطلاق النار تمهيدا لإجراء المشاورات بروح بناءة وصادقة بالرغم من عدم التزام الطرف الآخر واستمرار انتهاكاته في جميع .
ووصف البيان موقف المليشيات بالسلوك غير المقبول واستمرارهم في المماطلة والتسويف وهو موقف تكرر في جولات سابقة ويعكس مدى استهتارهم واستهانتهم بدماء الشعب وبإرادة المجتمع الدولي وعدم جديتهم بايقاف الحرب والتخلي عن العنف وتنفيذ قرارات مجلس الأمن.. وطالب المجتمع الدولى بموقف حازم تجاه الاستهتار المستمر بكافة الجهود المبذولة لإحلال السلام من قبل المليشيات ..مؤكدا أن استمرار مثل هذه التصرفات والسلوكيات غير المسئولة لايمكن القبول بها والتغاضي عنها .
وفى تطور آخر أكدت مصادر حكومية لموقع / براقش نت / اليمني الداعم للشرعية أن الحكومة الشرعية تدرس سحب وفدها من الكويت .. وأوضحت أنه في حال استمرت المليشيات ترفض الانضمام للمحادثات والقبول بخيار السلام فان الحكومة ستضطر الى سحب وفدها .
وحمل المصدر المليشيات مسئولية تبعات تعطيل المفاوضات وما يترتب عليها من تطورات على المشهد السياسي والأوضاع الميدانية.
وأشارت المصادر إلى أن الحكومة أثبتت لأبناء الشعب اليمني والمجتمع الدولي استعدادها للسلام على أساس استعادة الشرعية وتطبيق القرارات الدولية التي قبل الحوثيون بتنفيذها غير انهم يتلكأون حاليا وبشكل ينم عن سوء نية وعدم الاستعداد لتنفيذ القرار 2216 .
واكدت المصادر أن الكويت والامم المتحدة والمجتمع الدولي طالبوا الحكومة اليمنية بالتريث في أي رد فعل على تخلف الحوثيين عن حضور المشاورات أمس .
وفى ضوء هذه التطورات فإن بدء الجولة الثالثة من المشاورات يبدو بعيدا جدا ، خاصة مع التناقضات الكبيرة بين الجانبين (الحكومة اليمنية الشرعية من ناحية والحوثيون وحليفهم صالح من ناحية أخري) والتى لن يتم التغلب عليها فى الأيام القليلة المقبلة على الأقل ، كما أن اتفاق وقف إطلاق النار قد لا يستمر طويلا خاصة فى ظل الانتهاكات المستمرة له وتبادل الاتهامات بين الحكومة والحوثيين بشأن المسؤولية عن هذه الانتهاكات ، ويتوقع أن يقوم المبعوث الاممى بجولة لإجراء محادثات جديدة مع الأطراف اليمنية فى محاولة لجمعها على طاولة المفاوضات.