استعرض المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء برنامج حكومته أمام جلسة مجلس النواب- اليوم الأحد- برئاسة الدكتور علي عبد العال رئيس المجلس.
وقال المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء “إن المرحلة الراهنة تحتم علينا كل في موقعه العمل الشاق والجاد والأمين إعلاء لمصلحة هذا الوطن دون غيرها، واتخاذ قرارات صعبة أحيانا مهما كانت الاعتبارات أو عكس ما يدفع به أحيانا أصحاب المصالح الضيقة، ولا تعود ثمارها للمجموع الأكبر من المصريين”.
واستعرض إسماعيل محاور برنامج الحكومة، والتي تشمل 7 محاور رئيسية تتضمن: الحفاظ على الأمن القومي، وترسيخ البنية الديمقراطية وتدعيمها ، والرؤية والبرنامج الاقتصادي للحكومة والعدالة الاجتماعية، وخدمات المواطنين، والبنية الأساسية والتنمية القطاعية، والإصلاح الإداري، وتحقيق المزيد من آليات الشفافية والنزاهة، وتحقيق دور رائد على الصعيدين العربي والإفريقي وتعزيز هذا الدور على الصعيد الدولي.
وتطرق إلى الوضع الراهن والتحديات التي تواجهها مصر، مطالبا بدعم مجلس النواب وتعاونه مع الحكومة لمواجهة هذه التحديات باعتبار أن السلطات التشريعية والقضائية والتنفيذية شركاء في تحمل مسؤولية وأمانة الوطن خلال المرحلة المقبلة، وعلى رأسها تهديدات الأمن القومي المصري، سواء على الصعيدين العربي أو الإقليمي، إلى جانب الزيادة المطردة في السكان وصعوبة الوفاء بمتطلباتها وارتفاع معدلات البطالة، وانخفاض جودة الخدمات.
كما استعرض إسماعيل الحاجة إلى ضخ المزيد من الموارد لرفع مستواها، وتباطؤ النشاط الاقتصادي، وارتفاع الفجوة التمويلية للاقتصاد القومي، وضرورة سدها، وارتفاع معدلات التضخم وعجز الموازنة العام، والدين العام، واختلال أوضاع ميزان المدفوعات، وانخفاض تنافسية الاقتصاد المصري، والحاجة إلى الإسراع في الإصلاحات الهيكلية.
وفيما يلي نص كلمة المهندس شريف إسماعيل رئيس مجلس الوزراء خلال استعراضه برنامج حكومته، والتى ألقاها أمام مجلس النواب في جلسته التى عقدت اليوم /الأحد/ برئاسة الدكتور على عبد العال رئيس مجلس النواب:
“الأستاذ الدكتور على عبدالعال رئيس مجلس النواب.. السيدات والسادة أعضاء مجلس النواب الموقر.. تحية طيبة لكم ولشعب مصر العظيم الذي تحمل الكثير كى نصل إلى هذه اللحظة، التي يقف فيها رئيس الوزراء المكلف أمام نواب الشعب طارحا عليهم برنامج عمل الحكومة للعامين ونصف العام المقبل.. إنها لحظة تاريخية تجسد حق الشعب ممثلا في نوابه الموقرين في أن يقروا برنامج عمل الحكومة كجزء من عقد اجتماعى وسياسي بين الشعب ومن انتدبهم لخدمته في موقع المسئولية من أعضاء السلطة التشريعية ومن يعطونهم ثقتهم من أعضاء السلطة التنفيذية”.
“لحظة تجسد تكامل العمل السياسي، بين دستور ينظم ويضبط، ورئيس يوجه ويتابع، وبرلمان يشرع ويراقب، وحكومة تنفذ وتتحمل المسئولية، وقضاء يضمن الحقوق وينصف المظلوم، وجيش يردع ويبنى، وشرطة تنفذ القانون، ومجتمع أهلي ومدنى يساند ويدعم، وإعلام حر ومنضبط، وشعب ذى سيادة يتحول يوم الانتخاب من محكوم إلى حاكم، يأمر ويقرر”.
“وبناء عليه.. سنقف كأعضاء للسلطة التنفيذية أمام نواب الشعب مساءلين ومسئولين عما أوردناه من وعود، وما صغناه من أهداف، وما إلتزمنا به من برامج عمل بعد إقرار برنامج عمل الحكومة، بإذن الله.. نواجه تحديات تتمثل في زيادة مرتفعة لمعدلات النمو السكاني بلغت 2٫6% سنويا، ويمثل تحديا رئيسيا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة في مصر”.
“نواب شعب مصر.. أضع بين أيديكم اليوم برنامج الحكومة، الذي يؤسس لرؤية مصر 2030 التي أطلقها رئيس الجمهورية مؤخرا، متعهدا ومعى كل أعضاء الحكومة، باستكمال مسيرة العمل الساعية لبناء مصر التي نريدها جميعا بكل اجتهاد وأمانة وشفافية عبر برنامج سياسي وأمنى واقتصادى واجتماعى، لن يكتمل إلا بتضافر جهودنا جميعا لتحقيقه”.
“السادة النواب.. على الرغم من التحديات التي تواجهها مصر على المستويين الداخلى والخارجى منذ أن صحح الشعب المصرى في 30 يونيو 2013 مسار ثورته المطالبة بالعدالة الاجتماعية في 25 يناير 2011، إلا أننا نجحنا في تحقيق بعض من تقدم ضمن لبلادنا الاستقرار الذي تسعى إليه.. نعم، مازلنا في مرحلة الخطر ولكننا لا يمكننا تجاهل تحسن طرأ على الأداء وفقا للمؤشرات الدولية”.
“فقد نجحت مصر منذ يونيو 2013 في حماية أمنها القومى من براثن السقوط فيما آل إليه مصير دول حولنا، ولاتزال تسعى لوقف تمدد إرهاب يحيط بنا من جهات عدة، كما نجحنا في استعادة مكانتنا الدولية عبر سياسة رسخت أقدام مصر في علاقتها الدولية والأممية والإقليمية والعربية.. وعلى الجانب الاقتصادي تراجعت البطالة في مصر من 13٫3% نهاية عام 2013 إلى 12٫7% بنهاية عام 2015، كما تقدم ترتيب مصر في تقرير الشفافية الدولية الخاص بتقييم الفساد من المرتبة 114 في نهاية 2013 إلى المرتبة 94 في نهاية 2014 إلى المرتبة 88 في نهاية 2015”.
“كما ارتفع معدل النمو الاقتصادي من 2٫4% في نهاية 2013 إلى 4٫2% بنهاية 2015، وتراجع معدل التضخم من 12% إلى 11٫5%، وتراجع عجز الموازنة العامة من 12٫2% إلى 11٫5%، كما ارتفع التصنيف الإئتمانى لمصر وفقا لتصنيف مؤسسة “ستاندرد آند بورز “من مستقر إلى إيجابى، بجانب جهود مضنية لتجديد البنية التحتية وشبكة الطرق وإنشاء محطات توليد الكهرباء المعتمدة على مصادر متنوعة من الطاقة”.
“هذا بعض مما تحقق في العامين الماضيين.. نعم، هو تحسن طفيف في ظل أوضاع غير مستقرة وصعبة، ولكنه مؤشر يمنحنا الأمل بأننا على الطريق الصحيح رغم أنه مازال أمامنا الكثير لإنجازه، تماما كمريض بلغت درجة حرارته 40 ثم انخفضت بالعلاج إلى 39.. هناك تحسن ولكنه مازال يحتاج للمزيد من الجهود لتستقر حالته.. لن نتهاون مع الفساد، وسنعمل مع القطاع الخاص، ونعالج البيروقراطية ونعيد بناء الجهاز الإدارى للدولة على أسس الكفاءة والنزاهة والفاعلية”.
“السادة النواب.. مازلنا نواجه تحديات ومصاعب عدة تتمثل في زيادة مرتفعة لمعدلات النمو السكانى بلغت 2٫6% سنويا لتكون من أعلى المعدلات على مستوى العالم، فهي تعادل أربعة أضعاف نظيرتها في الصين و8 أضعاف نظيرتها في كوريا الجنوبية بشكل يمثل تحديا رئيسيا أمام تحقيق أهداف التنمية المستدامة في ظل ارتفاع عدد سكان مصر من 77 مليون نسمة في عام 2009 إلى 90 مليون نسمة في 2015 على مساحة جغرافية لا تتجاوز 7% من إجمالي مساحة مصر.. وفى ظل تراجع الخدمات وتأخر تطويرها بما يتناسب مع العصر لعقود طويلة، تبددت آثار تلك الزيادة السكانية في ارتفاع نسب الأمية ومعدلات الفقر ونسب البطالة وكفاءة الخريجين مقارنة بما يحتاجه سوق العمل”.
“ولذا يأتي انخفاض جودة الخدمات العامة، والحاجة إلى ضخ المزيد من الموارد لرفع مستواها، تحديا آخر يواجه الدولة في ظل تراجع مستوى الاستثمارات العامة في البنية الأساسية، وعدم القدرة على تطويرها أو رفع كفاءتها على مدى العقود الماضية”.
“ليس هذا فحسب.. حيث يأتي ارتفاع الفجوة التمويلية للاقتصاد القومى، وضرورة سد هذه الفجوة لتحقيق النمو المستهدف من بين تحديات باتت تواجه جهودنا لتحقيق التنمية الاقتصادية المستهدفة في ظل صعاب واجهتها مصر في السنوات الخمس الماضية تمثلت في نقص الاحتياطي الدولارى للبلاد من 35 مليارا إلى 16 مليار دولار، وتراجع نسب الاستثمار وانخفاض معدلات الادخار المحلية كوسيلة لتمويل الاستثمارات المطلوبة، في وقت يحتل فيه توفير التمويل اللازم لسد احتياجات الاقتصاد المحلى من الواردات الأساسية، كالمنتجات البترولية والسلع الأساسية ومدخلات الإنتاج، صدارة أولويات الدولة”.
“كما تلقى خدمة الدين العام بأعباء ثقيلة على الأجيال الحالية والمقبلة، حيث تمثل فوائد الدين العام نحو 193 مليار جنيه بما يعادل 26% من إجمالي المصروفات العامة في عام 2014 – 2015.. وحدث بعد 25 يناير أن فاتورة الدعم ارتفعت من 94 إلى 188 مليار جنيه، والأجور من 86 إلى 199 مليارا”.
“ولقد شهدت الفترة التالية لـ25 يناير 2011 زيادة غير مسبوقة في مخصصات الدعم والأجور، حيث ارتفعت فاتورة الدعم من 94 مليار جنيه لتصل لنحو 188 مليار جنيه، كما ارتفعت مخصصات الأجور من نحو 86 مليار جنيه إلى نحو 199 مليار جنيه، وتمثلت المحصلة النهائية في أن أكثر من 75% من الموازنة العامة يوجه للانفاق على الأجور والدعم وفوائد الدين العام، تاركا نسبة أقل من 25% للانفاق على صيانة وتطوير البنية الأساسية والخدمات المقدمة للمواطنين من تعليم وصحة وإسكان ومرافق دون زيادة مقابلة في الانتاج وهو ما أدى لارتفاع الدين العام الداخلى والخارجى، حيث بلغ الدين الحكومى في يونيو 2015 نحو 2٫3 تريليون جنيه بنسبة 93٫7% من الناتج المحلى الإجمالى مقابل تريليون جنيه بنسبة 79% من الناتج في يونيو 2010، كما ارتفع إجمالى الدين الخارجى إلى نحو 46 مليار دولار في سبتمبر 2015 مقابل 33٫7 مليار دولار في يونيو 2010”.
“لقد انعكس تراجع الإنتاج على اختلال أوضاع ميزان المدفوعات، فارتفعت فاتورة الواردات إلى ما يزيد على 61 مليار دولار خلال عام 2014 – 2015 مقارنة بـ5 مليارات دولار عام 2010 – 2011، وفى المقابل شهدت الصادرات تراجعا ملحوظًا خلال ذات الفترة من نحو 27 مليار دولار إلى 22 مليار دولار، كما شهدت السنوات الأخيرة تراجعا كبيرا في أعداد السائحين لتصل إلى نحو 10 ملايين سائح، مقارنة بما يقرب من 15 مليون سائح عام 2010، وهو ما ترك أثره على انخفاض صافى الاحتياطيات الدولية من النقد الأجنبى بشكل حاد، وتراجع عدد شهور الواردات السلعية، التي يغطيها صافى الاحتياطيات الدولية إلى نحو 3٫2 شهر، مقارنة بأكثر من 8 شهور في يونيو 2010”.
“كما لا يخفى على أحد انخفاض تنافسية الاقتصاد المصري، والحاجة إلى الإسراع بالإصلاحات الهيكلية المعززة للتنافسية، حيث جاءت مصر في الترتيب 119 بمؤشر التنافسية العالمى الصادر عن المنتدى الاقتصادى العالمى من بين 144 دولة في عام 2015 – 2016 مقارنة بالمرتبة رقم 81 من 139 دولة في 2010 – 2011”.
“وأخيرا يأتي المشهد الاقتصادي العالمي وما يحيط به من مخاطر، قد تنعكس على سرعة تعافى الاقتصاد المصري، وانعكاس ذلك على حدوث مزيد من الاضطرابات السعرية في الأسواق العالمية للسلع، واضطرابات في الأسواق المالية العالمية، في الدول المتقدمة والناشئة على السواء، وضغوط على أسعار الصرف في الاقتصادات الناشئة، وتأثر بعض القطاعات، كالسياحة وقناة السويس، سلبا.. وهى تطورات تفرض تحديات إضافية على الاقتصاد المصري تؤكد أهمية الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية، واستغلال ما يمكن من فرص للإسراع في تنمية الاقتصاد”.
“نواب شعب مصر العظيم.. أردنا من إبراز التحديات السابقة في بداية عرض برنامج الحكومة رسم صورة واضحة عن الوضع الراهن في إطار من المصارحة لما تواجهه البلاد من صعاب لن نتمكن من مواجهتها إلا إذا أخلصنا العمل جميعا حكومة ومجلسا وشعبا لنهضة هذا الوطن ورفعته”.
“ولذا وقبل التطرق لأهم ملامح البرنامج الذي ستجدون تفاصيله في الوثيقة التي بين أيديكم، أود التأكيد على عدد من المبادئ الأساسية التي تحكم برنامج عمل الحكومة وتتمثل فيما يلي:
– أننا بإذن الله جادون في عملية الإصلاح على كل المستويات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية والإدارية، وأننا سوف نتعاون وننسق ونعمل عن قرب مع مجلس النواب لتحقيق ذلك.
– المشكلات والتحديات كبيرة وضخمة، ولكننا عازمون على إتباع المنهج العلمى السليم في مواجهتها.
– سيكون علينا اتخاذ العديد من القرارات الصعبة التي طالما تم تأجيلها، إلى أن وصلنا اليوم إلى ما نحن عليه وأصبح اتخاذ هذه القرارات حتميا حتى نخطو إلى مستقبل أفضل.
– أي إجراء اقتصادي سوف يصاحبه برامج للحماية الاجتماعية بالقدر المناسب، كما أن أي برنامج اجتماعى لن يتم إلا بتوافر موارد تمويله بما يضمن استدامته واستمرار استفادة المستهدفين منه.
– لن نتهاون مع الفساد، وسنعمل يدا بيد مع مجلسكم الموقر ومع كل الأجهزة الرقابية لمكافحة كل أشكال الفساد.
– صالح الوطن ورضاء المواطن هما بؤرة اهتمامنا، وستحظى قطاعات (التعليم، والصحة، والمرور….) بأولوية مطلقة.
– سنعمل مع القطاع الخاص وسنعالج البيروقراطية وسنعيد بناء الجهاز الإدارى للدولة على أسس من الكفاءة والنزاهة والفاعلية.
– أهدافنا محددة وواضحة، يسهل متابعتها وتقييم مدى التقدم المحرز في تحقيقها، بما يعزز من قيم الحوكمة والشفافية والمساءلة”.
“لقد شرعت الحكومة في إعداد برنامج متكامل يمتد تنفيذه حتى يونيو 2018 وتعتزم الحكومة مراجعة برنامجها وتقييم ما تم إنجازه على أرض الواقع بشكل دوري لتعديل الخطوات والمسارعة في إصلاح الأخطاء إن وجدت، على أن تكون هناك مراجعة شاملة في يناير 2018، لإعداد برنامج جديد يراعى المستجدات على الساحة المحلية والدولية ويأخذ في الاعتبار مستهدفات المرحلة التالية، والتي تمتد حتى نهاية العام المالى 2020 – 2021.
ويلزم الدستور الحكومة بعرض برنامجها على مجلس النواب لكي تحصل على ثقته.
وتنص المادة “146” على أن “يكلف رئيس الجمهورية رئيسًا لمجلس الوزراء، بتشكيل الحكومة وعرض برنامجه على مجلس النواب، فإذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية اعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً على الأكثر، يكلف رئيس الجمهورية رئيسا لمجلس الوزراء بترشيح من الحزب أو الائتلاف الحائز على أكثرية مقاعد مجلس النواب، فاذا لم تحصل حكومته على ثقة أغلبية أعضاء مجلس النواب خلال ثلاثين يوماً، عُدٌ المجلس منحلاً”.
وبرنامج الحكومة يركز على وضع حلول للمشكلات الاقتصادية على المدى القصير بالتوازي مع العمل على تنفيذ استراتيجية مصر 2030.
المصدر: وكالات