تصدرت التفجيرات الإرهابية في العاصمة البلجيكية بروكسل عناوين الصحف الأمريكية، صباح اليوم الأربعاء، وأثارت تلك الهجمات حالة من الصدمة والتضامن في جميع أنحاء أوروبا وتجددت الاتهامات الموجهة للسياسات المعيبة لأمن الحدود والهجرة في انعكاس للانقسامات المتزايدة عبر القارة.
وأرت صحيفة (نيويورك تايمز) أن الهجمات الجديدة أطلقت جولة جديدة للبحث داخل الذات عما إذا كان يتعين على الأجهزة الأمنية مضاعفة جهودها حتى وإن كان ذلك على حساب الحريات المدنية أم أن هذه الهجمات أصبحت جزءا من الحياة لا مفر منه في مجتمع أوروبي مفتوح.
وقالت الصحيفة إن الهجمات كشفت على أقل تقدير ضعفا تعاني منه القارة العجوز أمام الإرهاب في عصر يتسم بسهولة السفر والاتصالات وتنامي التطرف.
وأشارت صحيفة (وول ستريت جورنال) الأمريكية إلى أن تفجيرات أمس تشير إلى أن تنظيم (داعش) الإرهابي يسعى لتنفيذ استراتيجيته المعلنة بضرب العواصم الغربية.
واعتبرت الصحيفة الهدف من هجمات بروكسل نشر الخوف بين عامة الناس وإظهار القدرة على شن الهجمات حتى أثناء تشديد الحالة الأمنية.
وقال مسؤولون أمريكيون إن الضربات تظهر حاجة الدول الأوروبية إلى تعزيز تبادل المعلومات، والعمل معا بشكل وثيق بشأن المسائل الاستخباراتية وإنفاق المزيد من الأموال على الشرطة والأمن.
وأوضح رئيس لجنة الاستخبارات في مجلس النواب الأمريكي النائب الجمهوري ديفين نونيز عن ولاية كاليفورنيا أن على أوروبا الشعور بالقلق، إذا كان بإمكانهم القيام بذلك ماذا يمكن أن يفعلوا أيضا؟ أوروبا ستمعن النظر جيدا في خطواتها المقبلة -بحسب تعبيره-.
وأشار مسؤولون أمريكيون إلى أنه لو لم تعتقل السلطات البلجيكية الإرهابي الهارب عبد السلام، لكان الهجوم على بروكسل أكثر فتكا.
وقال المسؤولون إن ضغط المحققين البلجيكيين والفرنسيين أجبر الشبكة الإرهابية على بدء هجومهم بسرعة أكبر.
من جانبها قالت صحيفة (واشنطن بوست) إن الهجمات الإرهابية على بروكسل شكلت معضلة السياسة الخارجية الأكبر للرئيس الأمريكي باراك أوباما، لأن ما يحدث يشكك في رؤيته بأنه يفعل كل ما بوسعه لهزيمة (داعش) ردا على مواجهة الضغوط السياسية المكثفة التي تحثه على بذل مزيد من الجهد.
ويحاول أوباما منذ شهور إقناع مواطنيه أن استراتيجيته لهزيمة داعش وحماية الأمريكيين في الداخل تعمل ولكن بشكل بطيء حيث قال مساعدو البيت الأبيض مرارا إنه تم استعادة 40 % من أراضي داعش في العراق و20 % من سوريا.
وتحدث أوباما أمس أثناء زيارته إلى كوبا بنبرة مشابهة معلقا على هجمات بروكسل حيث أكد عزمه على أنه “يمكننا وسوف ندحر أولئك الذين يهددون سلامة وأمن الناس في جميع أنحاء العالم.”
ولكن قصر مدة تعليقه وحرصه على رجوعه بسرعة إلى خطابه المعد سابقا أوضح أيضا أنه عازم على ترك الوضع القائم على ما هو عليه.
المشكلة الأساسية لأوباما هو أنه مقتنع، من تجربته في العراق وأفغانستان، أن تكثيف المعركة ضد (داعش) مع المزيد من القوات الأمريكية، والمزيد من الضربات الجوية والغارات سيأتي بنتائج عكسية.
وأشارت (واشنطن بوست) في مقال آخر إلى أن المجزرة كشفت أيضا إلى أي مدى أصبحت بلجيكا الملتقى الغربي للتهديد الإرهابي الذي انتشر من معاقل تنظيم (داعش) في سوريا و الشرق الأوسط إلى عمق أوروبا.
وقالت الصحيفة إن بلجيكا سجلت أعلى نسبة من ذهاب مواطنيها المسلمين إلى القتال في سوريا أكثر من أي بلد غربي آخر. وتعتبر منطقة مولينبيك عاصمة بروكسل أرضا خصبة بشكل خاص للمسلحين، وكثير منهم متورط في الهجمات على باريس التي قتل فيها 130 شخصا العام الماضي.
وكانت بلجيكا أول دولة في أوروبا تتلقى هجوما من داعش على أراضيها حينما تم إطلاق نار على متحف يهودي في بروكسل وهو حادث أسفر عن مقتل أربعة أشخاص منذ نحو عامين، ولكن على الرغم من ذلك الإنذار المبكر إلا أن مذبحة أمس أظهرت مدى ضعف الذي ما زالت تعاني منه بلجيكا.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط