وجهت الهجمات التي استهدفت مطار بروكسل ومحطة مترو، الثلاثاء، ضربة موجعة للأمن في بلجيكا، لاسيما أنها جاءت بعد أربعة أيام فقط على اعتقال أحد الضالعين باعتداءات باريس، صلاح عبدالسلام.
وسعت أجهزة الأمن البلجيكية، التي صنفت صلاح عبد السلام البالغ من العمر 27 فقط، أحد أهم المطلوبين في هجمات باريس، إلى تسويق نجاحها على أن “بنك معلومات” بات في قبضتها.
واعتبر عبد السلام، بصفته المشتبه به الوحيد الذي شارك أو خطط لهجمات باريس الذي تحتجزه الشرطة، مصدرا محتملا للمعلومات عن شبكات الدعم والتمويل والروابط مع تنظيم داعش خارج أوروبا.
ولم تقتصر عملية تضخيم نتائج اعتقال صلاح عبدالسلام على الأجهزة الأمنية فحسب، بل طالت وزير الخارجية البلجيكي، ديدييه رينديرز، الذي قال إن المشتبه به كان يخطط لضرب أهداف في بروكسل.
وأوحت هذه التصريحات بأن الأجهزة الأمنية نجحت في استباق عملية إرهابية أو أكثر، إلا أن هجمات الثلاثاء كشفت عن ثغرة أمنية نجح من خلالها الإرهاب في إعادة سيناريو ليلة باريس الدامية.
وربما استغل المتشددون التراخي الأمني الناجم عن نشوة اعتقال الرجل، الذي تراجع عن تفجير نفسه أمام استاد فرنسا وتخلى عن “زملائه الانتحاريين” دون أن يعطي خلال التحقيقات أي سبب لذلك.
وفي وقت كان بعض المسؤولين يحتفلون بسقوط عبدالسلام، كان وزير الداخلية البلجيكي، جان جامبون، أكثر واقعية، حين قال إن البلاد في حالة تأهب لاحتمال وقوع هجمات انتقامية عقب عملية الاعتقال.
وبعد وقوع الهجمات التي استهدفت مطار بروكسل ومحطة مترو وأسفرت عن مقتل وإصابة العشرات، تحولت تحذيرات وزير الداخلية إلى اتهام مباشر للأجهزة الأمنية كونها فشلت بحماية مواقع حساسة.
وتشير هذه الهجمات، على الأرجح، إلى أن صلاح عبد السلام ليس إلا عنصرا صغيرا في شبكة إرهابية ضخمة، ولا يملك أي معلومات قيمة تسمح للأجهزة الأمنية في تفكيك الخلايا الإرهابية المنتشرة بأوروبا.
وتؤكد هجمات بروكسل، من ناحية أخرى، على أن داعش وغيرها من الجماعات المتشددة، تسيرها أجهزة مخابرات تعمل وفق أجندات “شيطانية” تسعى لإرهاب الدول حين تجد نفسها في موقف محرج.
وتطرح مجموعة من الأسئلة حول تزامن هجمات باريس الدامية في نوفمبر 2013، التي تبناها تنظيم داعش المتشدد، بالتزامن مع بحث مجموعة من الدول حل الأزمة السورية في فيينا.
كما ينسحب الأمر نفسه على صدفة وقوع اعتداءات بروكسل وسط تصاعد الضغوط الدولية على وفد النظام السوري، المدعوم من إيران، في مفاوضات جنيف، مما وضعه في موقف محرج.
فمبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا يصر على أهمية موضوع الانتقال السياسي في مسار محادثات جنيف، وهو الأمر الذي يلقى ترحيبا من المعارضة ورفضا قاطعا من الوفد الحكومي برئاسة بشار الجعفري.
والإجابة عن هذه الأسئلة ريما ترد في بيان حزب الله اللبناني، الذي اعتبر أن “تفجيرات بروكسل تكشف أن النار التي تكتوي بها أوروبا خاصة والعالم عموماً هي نفسها النار التي أشعلتها بعض الأنظمة في سوريا”.
ويحمل هذا البيان تهديدا غير مباشر من جماعة مصنفة إرهابية وترتبط عقائديا بالنظام الإيراني، الذي تؤكد تقارير عدة تورطه بعمليات إرهابية عدة، أبرزها هجمات 11 سبتمبر 2001 التي ضربت الولايات المتحدة.
والوثائق القضائية الأخيرة التي استندت إليها محكمة في نيويورك لإدانة إيران بهجمات 11 سبتمبر، تشير إلى أن قيادات حزب الله والنظام الإيراني ارتبطت بعلاقات مع القاعدة وأمنت للتنظيم المتشدد التمويل والدعم.
المصدر: وكالات