مازال قرار روسيا سحب غالبية قواتها من سوريا يستحوذ على اهتمام العديد من الصحف العربية.
وناقش كُتّاب صحفيون مدى وجود علاقة بين القرار ومصير الرئيس السوري بشار الأسد، فيما سعى آخرون للتكهن بتأثير القرار على المفاوضات الجارية في جنيف بين الحكومة وفصائل المعارضة.
وحذرت جريدة الخليج الإماراتية في افتتاحيتها من أن “هذا لا يعني أن الأمور سهلة وكل طرقات الحل سالكة وآمنة، فالمفاوضات بحد ذاتها عملية معقدة بين أطراف مختلفة الاتجاهات والولاءات، والاتفاق بينها ليس هيناً”.
وأضافت الجريدة: “جاء دور العمل السياسي وهو صعب وشاق، وهو الوجه الآخر للعمل العسكري الذي لا بد أن ينكفئ، ويقتصر على المواجهة مع الإرهاب”.
وفي الرأي الأردنية، أبدى فهد الفانك تخوفه من أن الانسحاب الروسي لن يسهل التوصل إلى حل سياسي في جنيف قائلاً إن “مثل هذا الحل ما زال مستحيلاً كما كان دائماً، لأن الحل التفاوضي يعني التوافق بين النظام والمعارضة”.
وأضاف الفانك “في الحقيقة لا توجد في سوريا قوات برية روسية غير تلك اللازمة لحراسة قواعدها الجوية والبحرية …. إعلان الانسحاب الروسي قرار إعلامي بحت!”.
وحذر الفانك من أن “مفاوضات جنيف سوف تفشل وتعود الأطراف إلى القتال في الميدان ليحققوا بالقوة ما لم يستطيعوا أن يحققوه بالمفاوضات، وتواصل الطائرات الروسية القيام بما كانت تقوم به”.
وفي الغد الأردنية، تساءل محمد أبو رمان عما إذا كان القرار الروسي “يضغط على الأطراف المحلية والأمريكيين لمحاولة الوصول إلى ‘وصفة سحرية’ لحلحلة ‘عقدة الأسد’ التي تحول دون أي تفاهمات حقيقية”.
وأضاف أبو رمان “لكن إذا فشلت الجولة الحالية (من مفاوضات جنيف)، فإن السؤال الأكثر أهمية سيتمثل فيما إذا كان انسحاب الروس عسكرياً سيغير قواعد اللعبة مرة أخرى، ويعيد هيكلة ميزان القوى لصالح القوى المعارضة المسلحة؛ وما هو موقف القوى الإقليمية الرئيسة؛ إيران وتركيا والسعودية، لملء الفراغ الناجم عن ‘تراجع الدور الروسي’؟”.
من جهته، يتساءل ماجد توبة في الغد الأردنية “إن كانت الديناميكية التي أطلقها التدخل الروسي، بقبول او توافق أميركي، وتأييد أوروبي ودولي، بنقل الصراع والحل في سوريا إلى دائرته الدولية، وتهميش الدائرة الإقليمية، ستستمر بعد الخطوة الروسية الجديدة، أم لا؟”.
وأضاف توبة أن “الإجابة بنعم أم لا ستتكفل الأيام والأشهر المقبلة بتحديدها، ليصبح الحكم على القرار الروسي الأخير ممكناً وواضحاً”.
أما عريب الرنتاوي، فيبدي نبرة تشاؤم في الدستور الأردنية بشأن المشهد في أعقاب القرار الروسي.
وقال الرنتاوي “دائرة التوافق الأمريكي – الروسي ستشهد المزيد من الاتساع والتعمق، لتشمل ربما الدخول في ثنايا ودهاليز الحل السياسي والعمل الميداني سواء بسواء… والخلاف الروسي – السوري، سيضع دمشق على محك لم تعهده من قبل، في علاقتها مع ‘الحليف الاستراتيجي’، فإما التقدم على طريق الحل السياسي تحت سقف التوافق الأمريكي الروسي، وما يعنيه من مخرج آمن … وإما الاستمساك بنظرية ‘التعديل الوزاري’ بوصفها أقصى ما يمكن أن تقدمه دمشق من تنازلات”.
من جهته، أبدى علي القرني في صحيفة الجزيرة السعودية تفاؤله بالقرار الروسي.
ووصف القرني المرحلة القادمة بـ”بداية النهاية لنظام بشار الأسد”، وأضاف أنه “من المؤكد أن بوتين كما فاجأ العالم بتدخله إلى جانب بشار الأسد، فقد فاجأ بشار الأسد بانسحابه من سوريا … والقوى العظمى كما هو معروف تضع مصالحها الاستراتيجية فوق كل اعتبار، وحتى لو سقط بوتين في رهانه الأول بالتدخل العسكري إلا أنه نجح في استخراج قواته من سوريا رغم هول الصدمة التي واجه بها بوتين نظيره السوري بشار الأسد”.
وفي النهار اللبنانية قال علي حماده إنه “في الذكرى السنوية الخامسة لاشتعال الثورة السورية، يمكن القول بكل ثقة إن نظام بشار الذي أنقذه التدخل الروسي من شبح السقوط الذي يخيم عليه، لا يزال عاجزاً عن تقديم نفسه جزءاً من حل يمكن ان يؤمن عودة السلام والاستقرار الى سوريا. والحق أن النظام المتورط في قتل ما يزيد على ربع مليون سوري سيبقى جزءاً من الماضي الدموي لا من المستقبل المشرق”.
وكتب علي قاسم في افتتاحية الثورة السورية، قائلا: “المنطقي بعد سلسلة من المقاربات والتصريحات وحتى التطورات أن يتجه الحديث عما سيلي ذلك، أكثر من التمترس عند أسبابه وتفسيراته المختلفة… حيث النقلة النوعية الروسية على رقعة الأحداث كانت أكبر من كل التوقعات الغربية، وهي بالتأكيد أكبر من قدرة الأدوات في المنطقة على فهمها أو استيعابها”.
ورأى سالم أن “القرار الروسي كما هو الصمود السوري، أصاب الدوائر الغربية بدوار لا تزال تعاني من ارتداداته، ولا تزال تعيد رسم افتراضاتها على تهيؤات وتمنيات أكثر مما هو قائم على قراءة منطقية للسياسة الدولية وما طرأ عليها من تغيرات استراتيجية”.
المصدر:وكالات