قالت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية إن الولايات المتحدة وروسيا تختلفان فيما بينهما بشأن كل النزاعات في العالم، غير أن الموقف الأمني المتدهور في أفغانستان كان أحد المجالات التي تلاقت فيها مصالح إدارة الرئيس باراك أوباما ومخاوف الرئيس فلاديمير بوتين.
وأضافت الصحيفة – على موقعها الإلكتروني اليوم الأحد – أن الخلافات بشأن الحربين في أوكرانيا وسوريا أوقفت التعاون بين حكومتي واشنطن وموسكو في مجال مكافحة المخدرات وتأمين خطوط الإمدادات العسكرية، لكن بعد نجاح روسيا المبدئي في كل الجبهات، تبدو موسكو الآن في حِل من التعاون في هذا الشأن مع كل من الولايات المتحدة والحكومة الأفغانية المدعومة من واشنطن.
وتابعت الصحيفة أنه في ساحة قديمة للحرب الباردة، خاضت روسيا حربا استمرت عقدا من الزمان تقريبا ضد المجاهدين الذين كانت الولايات المتحدة تزودهم بالإمدادات، وأصبحت لدى موسكو حاليا استراتيجية جديدة وهي “الدرع البارد”.
وكان مبعوث الرئيس فلاديمير بوتين لشؤون أفغانستان، زامير كابولوف، قد قال للإعلام الروسي في وقت سابق هذا الشهر “لن ننضم إلى هذه الملتقيات غير المجدية، وقد أبلغنا الأمريكيين بالفعل بذلك، وسوف تنأى روسيا بنفسها عن أية محادثات بين طالبان والحكومة الأفغانية في كابول مدعومة من الولايات المتحدة وباكستان والصين”.
وأضاف “لنتحدث بأمانة، لقد سئمنا بالفعل من الانضمام لأي شيء تستهله واشنطن، والكرملين ليس لديه رغبة في المشاركة في ما ينظمه الأمريكيون بشكل متعجل فقط من أجل مصالحهم قبل الانتخابات”.
وبدلا من التعاون مع واشنطن، قررت حكومة بوتين التعامل بشكل مستقل بشأن ما تراه تهديدا أمنيا مثل الفوضى في أفغانستان وبزوغ مسلحين هناك غير طالبان وخاصة هؤلاء الذين ينتمون لداعش.
واستطردت الصحيفة بالقول إن روسيا عززت أكبر قاعدة عسكرية أجنبية لها في طاجيكستان الواقعة على الحدود مع أفغانستان، وأجرى الجيش الروسي مناورات منتظمة مع الجنود الطاجيك، كما تعهد الكرملين بتقديم 2ر1 مليار دولار لتدريب وتجهيز الجيش الطاجيكي؛ بما يشكل حصنا جديدا في آسيا الوسطى شمال أفغانستان.
وكان كابولوف قد كشف مؤخرا أيضا عن أن روسيا فتحت قنوات مباشرة مع طالبان لتبادل المعلومات عن المسلحين المتحالفين مع داعش شمالي أفغانستان (رغم أن طالبان نفت أن يكون لها اتصال مع موسكو).
وبحسب الصحيفة، يخشى مسؤولون أفغان من أن انهيار التوافق بين القوى الدولية المهتمة بالشأن الأفغاني، وإقامة اتصالات مباشرة بين تلك الحكومات وحركة طالبان المتمردة، من شأنه أن يقوض حكومة كابول، وكذلك يشعرون بالقلق حيال التحركات الأخيرة لحكومة روسيا التي جاءت بدافع من أمور خارجة عن سيطرتها، مثل غياب استراتيجية أمريكية واضحة، والعلاقات المتوترة لبوتين مع الولايات المتحدة.
وقال مسؤول أفغاني بارز، طلب عدم الكشف عن هويته خشية من أن تذكي تصريحاته عدم الثقة في موسكو: “نسعى جاهدين لإقناع الروس بشأن مسائل معينة، لأنهم ينظرون إلينا بشكل متزايد على أننا لسنا سوى جزء من لعبة أكبر مع الولايات المتحدة”.
واعتبرت الصحيفة تحركات الكرملين الأخيرة أنها تحول عن الدور الذي لعبته موسكو خلال وجود حلف شمال الأطلسي (ناتو) لمدة 14 عاما في أفغانستان، وهو أحد أشكال التعاون الحذر الذي اتسم بالتناقضات المتكررة.
ولفتت الصحيفة في هذا الصدد إلى أن الحكومة الروسية لا ترى تهديدا مباشرا من طالبان بقدر ما تشعر بالقلق حيال المقاتلين في آسيا الوسطى الذين يمكنهم استخدام أفغانستان كمنصة انطلاق لاختراق الحدود الروسية، موضحة أن إحدى الجماعات التي تشعر حيالها موسكو بقلق خاص هي الحركة الإسلامية لأوزبكستان، التي تعهدت بعض فصائلها بالولاء لداعش.
وقد أشار مسؤولون أفغان أيضا إلى وجود مقاتلين من طاجيكستان والشيشان واليوغور الصينيين، والكثير منهم انتقلوا إلى أفغانستان من مناطق قبلية في باكستان.
المصدر: وكالة أنباء الشرق الأوسط (أ ش أ)